الرئيسيةيوميات مواطن

اليمامة مطمئنة ربما نفدت من رصاصة طائشة مثلي

مدينتي مسرح معارك.. شخص يقطع طريق وعصابات تحرق قلوب أبرياء

سناك سوري-رهان حبيب

لا يغيب عن ذهن “هيام” أن التأخر بعد مغيب الشمس بالعودة إلى قريتها بريف “السويداء”، محفوف بالخطر فقد يقع المحظور وتكون ضحية خطف أو رصاصة طائشة، أو حدث عارض غير سلمي بالمطلق.

في السويداء، التي ضاعت منها مظاهر الأمان مع بداية الحرب ومزقتها حروب العصابات حتى تاريخه، في ذات القرية التي لم تغادرها إلا للدراسة ورحلات متقطعة داخل القطر وخارجه كان أبعدها إلى تركيا، وأقصرها ليلة أو أسبوع في دمشق، لم تتغير معالم المكان، لكن واقع الحال تغير إذ بات لمغيب الشمس توقيت وانتباه، تقيسه هي بموعد العودة، لكنه بالنسبة لأشخاص وعصابات بداية لأحداث تبدأ برصاصة ولا تنتهي بقاذف أربي جي.

هنا في هذه الشوارع قد يتطور خلاف بين شابين إلى معركة حقيقية، لا نجاة للقريب منها أو العابر صدفة أو من ساءت أقداره بالاحتكاك بأحدهم سيرا أو أثناء قيادة دراجة أو سيارة اعترض بالصدفة مرور أحدهم بسيارة مفيمة، أو تحمل لوحة مزورة أو حتى نظامية، ليكون طرفا من أطراف خلاف لم يعد السلاح فيه أبيضا.

بداية الأسبوع الفائت أثناء الانتظار في دور طويل، لاستلام راتب والدتها من صراف المصرف وسط المدينة، فزع الجميع وهي معهم لصوت عدة رصاصات أطلقت وسط الشارع الرئيسي، المجاور لمبنى المحافظة ومضى المطلق بعد أن أفرغ مخزن مسدسه دون أن يعترضه أحد.

“كسرت عليه” الدراجة فأفرغ مخزن الرصاص غضباً

كان الموقف عبارة عن سائق سيارة غضب من دراجة “كسرت عليه”، وفق المفهوم الشعبي، فعمد إلى الانتقام بإفراغ مخزن رصاص بالهواء معبراً عن غضبه، بينما ركضت “هيام” التي لا ذنب لها إلى أقرب نقطة للاختباء، كي لا تكون ضحية جديدة. موقع سناك سوري.

سرعان ما هدأ المجتمعون على الصراف من روعها، ناصحين إياها على التعود، تضيف: «المشكلة أننا فزعنا وعلمنا السبب وعدنا إلى الدور، لكن برهبة فما الذي يضمن لنا أنه بين الواقفين لا يوجد مسلح آخر، عصبي المزاج».

المهم أنها مرّت بسلام كما تقول، وانطلقت لتقبض الـ50 ألف ليرة، وضعتها بسرعة البرق في حقيبتها ثم عادت أدراجها مسرعة، عبر الطريق الذي تقطعه بسيارتها صباح مساء.

على ذلك الطريق تنتابها هواجس أخرى، ففي تلك الزاوية خطفت جبهة النصرة بداية الأحداث ستة من قريتها، ولم يعد أحد منهم، وقبل معصرة الزيتون أنهت رصاصتين حياة شاب، لكن ذلك بداية الأزمة وهجوم النصرة وداعش، بهذه الفكرة تحاول أن تقنع نفسها أن ذلك انتهى لكنها للأسف لاتشعر بالأمان، ولم تأخذها الأحداث إلا لتوقعات جديدة لاتقل خطرا عما سبق مع أن النصرة وغيرها دحروا لكن يبدو أن ما اختلف في عقول ونفوس الناس بات أخطر مما سبق.

اليوم من غير المعقول تناسي الخوف، ففي مدينة “صلخد” قبل أشهر خرج الأهالي الذين قدر لهم حظهم العاثر أن يكونوا جيران زعيم أحد الفصائل وكانوا شهودا على معركة، استخدم فيها السلاح الثقيل لتختبئ صديقتها مع ابنتها ساعات في ظل سيارتها، وتتمكن بعد الحادية عشرة ليلا من ركوبها والهرب بابنتها إلى منزل أقاربها.

الغالبية مقتنعون أن أصابع خفية وغير خفية تدير دفة الخوف وتنصب حواجز على أعمارهم وراحتهم

اقرأ أيضاً: غاز وبنزين ومازوت.. الرفاهية الهشة تنتهي في حياة هيام!

ومثلها شخص يعمل حارسا لم تترك له القذائف والرصاصات، زجاج يستر النوافذ وخرج مع أولاده تحت القصف ولم يعودوا إلا بعد أيام ليلاقوا روائح الدخائن والبارود في منزلهم.

في قريتها ومع كل معركة تسمع أصوات الرصاص البعيدة، وتتابع عبر صفحات التواصل أن إحدى الطرق الرئيسية في المدينة قطعت ليلا، ونشبت بعدها معركة ومناوشات كان أطفال القرية وكل من يمر بها ضحية لها، ويعطل الجميع اليوم التالي تجنبا لخطر المرور.

الخمسينية اكتفت بالمنزل ولم تحاول الخروج هذه المرة، ليس كسلا ولا خوفا ولم تعرف تحت أي وصف تسرد حالتها وشغلها منظر يمامة اتكت على بابها مطمئنة نائمة، فهي وكل من تلاقى حظه العاثر بالسكن في هذه الرقعة، يقتنع أن أصابع خفية وغير خفية تدير دفة الخوف وتنصب حواجز على أعمارهم وراحتهم، ولديهم مطلق الحرية لتخريب مشروع زراعي لفتاة بسيطة أو مزرعة دواجن متواضعة لموظف لايملك ثمن الطعام لابنه، و حرق وسرقة سيارة أجرة لمن ضاقت به السبل وامتلاك حرية الطريق وقطع شريان الحياة ساعة يشاؤون.

اقرأ أيضاً: هيام تخوض 3 معارك كل يوم.. مع الكهرباء والمياه وتطبيق وين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى