أخر الأخبارالرئيسيةانتخابات مجلس الشعبتقارير

النواب اليهود في البرلمان السوري .. من المؤتمر العام إلى ترشح هنري حمرا

آخر نائب يهودي في مجلس الشعب السوري .. رفض تقسيم فلسطين وأعلن العداء للصهيونية

أثار إعلان الحاخام السوري الأمريكي “هنري حمرا” ترشحه لانتخابات مجلس الشعب المقررة يوم غد الأحد مفاجأة لكثيرين لم يسمعوا من قبل عن الوجود اليهودي في “سوريا” وتمثيل المواطنين السوريين اليهود في المجالس النيابية رغم أن تاريخ المجالس التشريعية في “سوريا” يكشف عن وصول 3 نواب يهود إلى مقاعد البرلمان منذ بداية تشكّل الدولة السورية وحتى العام 1947.

سناك سوري _ هبة الكل

وبينما لم يكن عدد اليهود في “سوريا” يتجاوز 15 ألف شخص في العام 1918، لكنهم نالوا مقعداً يمثّلهم باسم “الطائفة الموسوية” مع تشكيل “المؤتمر السوري العام” بحلول عام 1919، إثر استقلال سوريا عن الدولة العثمانية وإعلان قيام الدولة العربية فيها، خلال الفترة التي تسمّى بـ”العهد الفيصلي” نسبة إلى الأمير “فيصل بن الحسين” الذي نصّبَ ملكاً على “سوريا”.

لكن المؤتمر لم يكن يقتصر على “سوريا” بحدودها الحالية، بل كان يضمّ ممثلين عن “الأردن” و”لبنان” و”فلسطين” أيضاً باعتبار “بلاد الشام” دولة عربية واحدة، الأمر الذي سرعان ما تغيّر مع فرض الانتداب الفرنسي على “سوريا” و”لبنان” والبريطاني على “الأردن” و”فلسطين”، فيما تحوّل “المؤتمر السوري العام” إلى جمعية تأسيسية وضعت أول دستور لـ”سوريا” عام 1920.

التمثيل الأول لليهود .. يوسف لينادو

شهد هذا المؤتمر رغم عمره الزمني القصير المقدر 13 شهراً، انتخاب اليهودي السوري “يوسف لينادو” نائباً عن دمشق، ليكون “لينادو” البرلماني اليهودي الأول الذي يدخل البرلمان السوري.

لكن الانتداب الفرنسي سرعان ما وأدَ تجربة المؤتمر السوري، وفرض تقسيم البلاد لدويلات صغيرة يقوم بتعيين مجالس تمثيلية لها، وعيّن المفوض السامي الفرنسي مجلساً تمثيلياً لـ”دمشق” عام 1923 دون ضمّ أي ممثل لليهود فيه.

لينادو يعود للبرلمان في 3 نسخ

صدر قرار رقم 1889 من قبل المفوض السامي ” هنري بونسو” بتاريخ 20 آذار 1928 القاضي بتشكيل مجلس نيابي.

وقتها تشكلت حكومة برئاسة “تاج الدين الحسيني” الذي أصدر بدوره قرارين (رقم 29 و35) حدّد بموجبهما نواب المناطق الانتخابية والطوائف التي ينتسبون إليها.

كانت حصة نواب دمشق وضواحيها من الجمعية التأسيسية المتشكلة بموجب قرار المفوض على الشكل التالي: 10 من الطائفة السنية، 1 من الروم الأرثوذوكس، 1 من الروم الكاثوليك، 1 من الطائفة اليهودية.

حينها فاز اليهودي “يوسف لينادو” أيضاً بالمقعد النيابي عن “الطائفة الإسرائيلية” وعن الكتلة الوطنية بآن واحد، وذلك من أصل 70 نائباً.

كان “لينادو” عضواً في لجنة تدقيق الاقتراع، وانتخب عضواً في اللجنة الدستورية المؤلفة من 27 عضواً برئاسة “هاشم الأتاسي”، وفقا لما يرويه شمس الدين العجلاني في كتابه “يهود دمشق الشام”.

سجلت ليوسف مناقشة جرت له في جلسة الجمعية بتاريخ 23 حزيران 1929 حول النظام الداخلي لها، وكان يخوض الانتخابات البرلمانية ضمن قائمة “الكتلة الوطنية” ويتقاضى راتباً شهرياً من المجلس النيابي قُدّر ﺑ 135 ليرة سورية ذهبية.

تعطلت الجمعية التأسيسية بموجب قرار المفوض السامي بتاريخ 3 آذار 1929 حتى عام 1932.وفي ذلك الوقت أصبح البرلمان يعرف بمجلس النواب وفقا لدستور سوريا 1930 والمادة 30 منه.

عاد “يوسف لينادو” للمرة الثالثة إلى مجلس النواب عام 1932 عبر قرار المفوض السامي الذي حدد بموجبه نواب المناطق الانتخابية والطوائف التي ينتمون إليها، فكان نواب دمشق على الشكل التالي: 8 من الطائفة السنية، 1 من الروم الأرثوذوكس، 1 من اليهود.

كما أنه فاز للمرة الرابعة في مجلس النواب لعام 1936 عن دمشق وضواحيها، وكان عضواً في لجنة الاقتصاد الوطني، وفي اللجنة القضائية واللجنة الدستورية.

انتقال التمثيل اليهودي إلى حلب 

شهد المجلس النيابي عام 1943 انتقال تمثيل المقعد اليهودي أو ما يعرف آنذاك بالمقعد الإسرائيلي، من دمشق إلى حلب.

حينها أصدر رئيس الحكومة “محمد عطا الأيوبي” مرسوماً حدّد بموجبه نواب المناطق الانتخابية والطوائف التي ينتمون إليها، وانتقل مقعد اليهود الوحيد إلى مدينة حلب، من أصل 121 مقعداً نيابياً.

فكان المقعد من حصة اليهودي الحلبي ” عزره أزرق”، الذي كان عضواً في اللجنة المالية والقضائية، كما شهد له اقتراح قانون بشأن ديون المصرف الزراعي وإحالته إلى اللجنة القضائية، كما قدّم اقتراحاً بشأن المخصصات الممنوحة إلى المدارس الأهلية وإحالته إلى وزارة المعارف (الثقافة اليوم) وذلك خلال الدور التشريعي الثالث لعام 1943.

وفي عام 1946 كان عزره أزرق عضواً في اللجنة القضائية، ولجنة القوانين المالية وبقي العضو البرلماني اليهودي الممثل عن حلب حتى الاستقلال عن فرنسا.

أول نائب يهودي بعد الجلاء

تشكل أول برلمان عقب جلاء القوات الفرنسية عن سوريا عام 1947 برئاسة فارس الخوري الذي بقي رئيساً له حتى حله عبر انقلاب حسني الزعيم عام 1948.

حينها أصدر الرئيس “شكري القوتلي” مرسوماً برقم 588 حدد بموجبه عدد نواب الدوائر الانتخابية وتمثيلها الطائفي.

حيث عاد  التمثيل اليهودي النيابي إلى دمشق، وذلك بفوز النائب اليهودي ” وحيد مزراحي” والذي كان بدوره أيضاً على قائمة رابطة العلماء برئاسة أبو الخير الميداني. وكان عضواً في لجنة المعارف وفي لجنة الشؤون الاجتماعية بآن معاً.

ويوثّق موقع “التاريخ السوري المعاصر” مداخلة للنائب “وحيد مزراحي” في تشرين الثاني 1947 استنكر فيها قرار تقسيم فلسطين، وقال أن اليهود في سوريا يتمتعون منذ قرون بالمساواة مع بقية الطوائف في الحقوق والواجبات، ويصون حقوقهم دستور ديمقراطي صحيح، مشيراً إلى أن أبناء الطائفة الإسرائيلية في سوريا يستنكرون أعمال “الصهيونية” ويعتبرونها عقيدة سياسية غربية منفصلة عن الدين ولا تتفق مع عادات وأخلاق اليهود العرب، مؤكداً أن اليهود السوريين بريئون من أعمال الصهيونية ولا يتفقون معها وسيكونون في مقدمة المجاهدين العاملين لدفع أذاها عن البلاد.

وبينما لعب التوزيع الطائفي لمقاعد البرلمان دوراً أساسياً في حجز مقعدٍ لليهود في مجلس الشعب، فقد ألغي هذا التمثيل مع تشكيل مجلس الشعب عام 1949 والذي ألغى تمثيل اليهود في المجلس، والذي استمر أكثر من 7 عقود من الزمن.

لكن الانتخابات المزمع إجراؤها غداً شهدت عودة مفاجئة لليهود مع ترشّح “هنري حمرا” للمجلس رغم غياب الحضور اليهودي عن “سوريا”، حيث تقول المصادر أن أعداد اليهود الذين لا زالوا مقيمين داخل البلاد اليوم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ما يثير تساؤلات عن الفئة التي يسعى “حمرا” لتمثيلها في وقتٍ لا يقدّم فيه نفسه كمرشح عن حزب أو تيار سياسي.

ورفع “حمرا” شعارات في برنامجه الانتخابي تتمحور حول دعم الجاليات السورية في الخارج، وترسيخ صورة سوريا الجديدة، وإعادة الاعتبار للجالية اليهودية في سوريا.

ووعد الحاخام اليهودي الذي يحمل الجنسية الأمريكية بدعم كل الجهود الهادفة لرفع عقوبات “قيصر” عن “سوريا”، وإطلاق مبادرات استثمارية بالشراكة مع رجال أعمال من اليهود السوريين في العالم لدعم الاقتصاد الوطني.

هل تتوقعون نجاح “هنري حمرا” في أن يكون رابع نائب يهودي يصل إلى مجلس الشعب في تاريخ سوريا؟

زر الذهاب إلى الأعلى