
بعد 4 سنوات على انتهاء المعارك.. نصف أهالي “الميادين” عادوا
سناك سوري – فاروق المضحي
مع دخول العام الرابع لانتهاء المعارك فيها، تتواصل عودة الأهالي إلى منازلهم وقراهم في مدينة “الميادين” 50 كيلو مترا شرقي “دير الزور”، و الواقعة على الضفة اليمنى لنهر “الفرات”، فيما تكتسي أراضيها الزراعية باللون الأخضر إيذاناً بعودة زراعة القمح المحصول الأساسي فيها.
أكثر من نصف الأهالي عادوا، والأعداد بازدياد بعد حضور معظم مقومات الحياة من ماء وكهرباء، حسب مختارها “عبد الهادي الضويحي”، مضيفاً في حديثه مع سناك سوري، أن عدد سكان “الميادين”، كان أكثر من 150 ألف نسمة قبل الحرب، واليوم شهدت عودة نحو 74 ألف شخص مع استمرار عودة أهلها الذين نزحوا سابقاً إلى الجزيرة السورية بسبب المعارك، وأضاف: «يعود يومياً مايقارب 150-200 شخص».
لم ينسّ الفلاح “علوان الراوي” معاناتهم مع قلة المياه سابقاً، ما تسبب بإعراض الغالبية عن الزراعة، بخلاف اليوم حيث تشهد الأراضي عودة تدريجية للزراعة بعد «تفعيل مشروع الري الثالث الذي يغذي أراضي المدينة وقراها مما أسهم في زيادة المساحات المزروعة».

يؤكد “الراوي”، أن الزراعة ستشهد مزيداً من التحسن والانتعاش في حال توافرت الأسمدة، والمازوت الزراعي بشكل أكبر لهم، ويأمل مع غالبية زملائه الفلاحين أن يتم تفعيل دور الجمعيات الفلاحية أكثر ليتثنى لهم الحصول على مبتغاهم هذا.
بدوره مدير الزراعة بدير الزور “رافع أبو العيش” أوضح أن الخطة الزراعية التي وضعتها المديرية تم تطبيقها بشكل كامل، و بلغت المساحات المزروعة هذا العام في “الميادين” وقراها أكثر من 8500 هكتار تم زراعة معظمها بمحصولي القمح والشعير، ومع عودة الجمعيات الفلاحية للعمل وما تقدمه المنظمات الدولية من دعم للمشاريع الزراعية تكون الأمور جيدة لعودة الألق للقطاع الزراعي، على حد تعبيره.
اقرأ أيضاً: الميادين: الأهالي يساعدون المجلس البلدي بترحيل الأنقاض والقمامة
مركز صحي وحيد بانتظار الافتتاح

لا يبدو القطاع الصحي في المدينة مبشراً نوعاً ما كما القطاع الزراعي، فمعظم مستشفيات “الميادين” مدمرة بفعل الحرب، وقد عملت مديرية الصحة مؤخراً على إعادة تأهيل المركز الصحي الثاني، بالتعاون مع المنظمات الدولية، كما قال مدير الصحة الدكتور “بشار الشعيبي” لـ سناك سوري، موضحاً أنه يتم العمل على عودته للعمل بشكل تدريجي، حيث تُقدم اليوم معظم الخدمات الطبية من خلال عمل العيادات الشاملة في المركز.
“الشعيبي”، أكد وجود خطة لإعادة إعمار مشفى الطب الحديث للعودة إلى العمل، وأضاف: «لا وقت محدد لعودة المشافي الحكومية للخدمة والعمل فيها يتم وفقاً للإمكانيات المتاحة».
معاناة المواطنين نتيجة غياب المشافي الحكومية كبيرة، كما يقول “عمران النجم” أحد أهالي المدينة، ويضيف: «غياب المشافي الحكومية يضطرنا للجوء إلى المشافي الخاصة التي تطلب أجوراً مرتفعة ليس بمقدورنا دفعها وخصوصاً في الحالات الإسعافية أو الأعمال الجراحية لذلك نأمل أن تكون عودة عمل المشافي العامة قريبة».
تضم “الميادين”، نحو 3 مستشفيات خاصة، غير مؤهلة لإجراء عمليات جراحية كبيرة، فتجهيزاتها بسيطة وهي أقرب للمستشفيات الميدانية، ويضطر المرضى من أبناء المدينة الذين يحتاجون عملاً جراحياً ما للذهاب إلى “دير الزور” أو “دمشق” لإجرائه.
اقرأ أيضاً: “الميادين”: الأهالي يساعدون المجلس البلدي بترحيل الأنقاض والقمامة
مجلس مدينة بلا آليات
خدمات مجلس المدينة ماتزال منقوصة حسب حديث رئيسه “علاي السوادي” فالمعاناة مستمرة جراء «عدم وجود آليات كافية لعمل البلدية بالشكل المطلوب، لدينا جرار وحيد يعمل في المدينة وقبل عدة أيام تم إرسال شاحنة قلاب للعمل، ونحن بحاجة إلى المزيد من الجرارات والضاغطات لترحيل القمامة إضافة إلى الحاجة لتركس لإزالة الإنقاض من المدينة».
“السوادي”، يؤكد أنهم ورغم ضعف الإمكانات، نجحوا خلال السنوات الماضية بفتح معظم الشوارع والأسواق الرئيسية، وترحيل الأنقاض عنها إلا أن حجم العمل كبير وبحاجة إلى إمكانات ومقومات أكبر من الموجودة حالياً.
مدارس تم تأهيلها وأخرى تنتظر
القطاع التعليمي وخلال 4 سنوات من رحيل المعارك، شهد عودة أكثر من 22 ألف طالب وطالبة لمدارسهم في المدينة، بحسب رئيس المجمع التربوي فيها “عراك الأحمد”، مضيفاً أنهم توزعوا على 62 مدرسة بمختلف المراحل الدراسية، وأضاف: «العمل بشكل مستمر على إعادة تأهيل وترميم المدارس التي تعرضت خلال سنوات الحرب للتدمير والسرقة».
برنامج تقنين وكهرباء تعود تدريجياً
تتشارك “الميادين” مع غالبية شقيقاتها من المحافظات السورية، ببرنامج تقنين 4 ونص قطع مقابل ساعة ونصف من الكهرباء، كما يقول مدير الشركة العامة للكهرباء في “دير الزور”، المهندس “خالد لطفي”، ويضيف أن ورشات الصيانة عملت على إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية وإيصال التيار تدريجياً إلى “الميادين”، كما أنه يتم تشغيل محطات المياه ومشروع الري الثالث باستمرار، لضمان وصول المياه إلى الأهالي والفلاحين.
مايزال أهالي المدينة بانتظار إغلاق صفحة الحرب وذكرياتها بشكل نهائي، ربما قد لا يتم الأمر قبل عودة الغائبين جميعهم، كذلك خدماتهم، على أمل عودة قريبة لا تمتد لسنوات أخرى.
اقرأ أيضاً: الميادين… السنابل تحيا بالأرض من جديد ومياه الفرات تروي عطش الحقول