الموظفون في الجامعات والطلاب… عداوة فش الخلق
موظفون يعنّفهم الوضع الإداري والمعيشي فيفرّغون غضبهم بالطلاب
انتظرت “مايا ابراهيم” لساعات في مكتب شؤون الطلاب للحصول على حياة جامعية قبل أن يأتي دورها وتقول لها الموظفة “رح يخلص الدوام بدي اطلع عالبيت”. هذه الحادثة نموذج من مئات الحوادث اليومية بين الموظفين وطلاب الجامعات السورية والتي تشير بمعظمها إلى وجود ما أسميناه اصطلاحاً “عداوة فش الخلق”.
سناك سوري _ نور سليمان
لا تعرف “مايا إبراهيم” متى بدأت تشعر بأن دخولها إلى دائرة شؤون الطلاب في الجامعات السورية يشبه دخول حلبة مبارزة تحتاج أن تكون فيها جاهزة للدفاع عن نفسها والوقوف بصلابة للحصول على حقوقها.
الطالبة في قسم اللغة العربية بكلية الآداب لا تعرف سبب الاستهتار بأوراق الطلاب. تقول في حديثها لـ سناك سوري أنها تقدّمت قبل مدة بطلب للحصول على حياة جامعية وانتظرت لساعات حتى قدوم دورها لتصدم باستقبال الموظفة لها بعبارة « يعني كان فيكي تروحي وترجعي بكرة الصبح، رح يخلص وقت الدوام، وبدي اطلع على بيتي».
بينما كاد طالب الاقتصاد “مجد بو صالح” أن يقع في مشكلة استدعائه إلى خدمة العلم أثناء سنوات دراسته. حيث يقول لـ سناك سوري أن شؤون الطلاب لم يعلنوا عن تاريخ انتهاء التسجيل على مصدقة التأجيل وكاد أن ينقضي الموعد دون حصوله عليها لاستخراج تأجيل دراسي.
غالبية الطلاب يشتكون من الشؤون
في استطلاع للرأي أجراه سناك سوري على 25 طالب وطالبة من مختلف الجامعات السورية. رأى 84% منهم أن الطلاب يواجهون صعوبات أثناء استخراج أوراقهم من الجامعة. وقال 64% من المشاركين في الاستطلاع أنهم واجهوا مثل هذه الصعوبات.
في حين. قال 83.3% من الطلبة الذين استطلعنا آراءهم أن الشكاوى المقدّمة لشؤون الطلاب لا يتم الرد عليها. وأجاب 78.3% من المشاركين بأنه لا يوجد قسم مخصص في الجامعات لمتابعة شكاوى الطلاب. بينما كان لافتاً أن 76% من المشاركين رأوا أن عدد موظفي شؤون الطلاب ليس كافياً ولا يغطي أعداد الطلبة الجامعيين.
شؤون تتجاهل طلابها
تقول “مريم النيداوي” وهي طالبة في كلية التربية جامعة دمشق: «ذهبت إلى مكتب موظف الشؤون، وعند دخولي أشار بيده بل بإصبعه حتى دون النظر إلى وجهي وكأنه يقول: احكي بسرعة شو بدك، وعندما توجهت له بالسؤال الذي يفترض عليه الإجابة عنه ويعتبر من البديهيات بالنسبة إلى عمله، كانت إجابته مقتصرة على ما بعرف، وبصوت لا يسمع حتى».
انتظرت في إحدى المرات قرابة الساعة وأكثر أمام مكتب الشؤون .لأن الموظفة كانت مشغولة بشرب الشاي سارة عمران طالبة إعلام
موقف مشابه حدث مع طالبة الإعلام “سارة عمران” التي تقول «انتظرت في إحدى المرات قرابة الساعة وأكثر أمام مكتب الشؤون .لأن الموظفة كانت مشغولة بشرب الشاي والقهوة دون أن تهتم أنّ طالبة مثلي بحاجة استكمال أوراقها الجامعية. التي نعاني على إثرها من التعب والجهد والضياع نتيجة عدم التنظيم».
الموظف يعنفه الوضع المعيشي فيفرغ بالطلاب
يعاني الموظف من مشكلات عديدة في حياته اليومية منها تسلط الإدارات عليه، ضعف الرواتب والأجور، صعوبة الظروف المعيشية، متطلبات..إلخ. فيأتي الموظفون/ات إلى عملهم بوجوه كثيراً ما تكون عابسة ويتعاملون مع المراجعين بأساليب في معظم الأحيان تكون “غير لطيفة”.
هذه الحالة يوصفها بعض الفلاسفة “بعنف السلسلة” حيث أن الموظف يتعرض للتعنيف من مصادر متعددة. وهو بدوره يقوم بتعنيف الطلاب على اعتبار أنه لا يستطيع الرد على مصادر العنف. (المدير، الراتب، الظروف..إلخ) فهي أشياء أقوى منه ومن قدراته على مواجهتها والتغيير فيها.
والموظفون أنفسهم لو نقلتهم إلى بيئة عمل مختلفة كالبنوك مثلاً ومنحتهم رواتب عمل جيدة وساعات عمل مدروسة. وكذلك وضعنا عليهم رقابة ونظام حوافز وتقدير وشكاوى من قبل المراجعين لوجدنا أن طرق تعامهلم مع المراجعين قد تغيرت. بحسب وجهة نظر بعض الطلاب الذين التقيناهم.
إن ضغط العمل دون تحقيق جدوى ملموسة للموظف يجعله بعيداً عن أي حوافز مشجعة على تقديم الأفضل. بينما تنعكس حالته المادية والنفسية والمعنوية على تعامله مع الطلاب الذين لا ذنب لهم بما آلت إليه أحوال الموظفين المكلفين بمهمة العناية بـ“شؤون الطلاب”.
ويرى طلاب أن إيجاد نظام التقييم والمتابعة يمكن أن يساهم بتخفيف المشكلة. عبر توفير طريقة لتقييم الموظفين من خلال آراء الطلاب وتكون معياراً لمكافآت الموظفين أو محاسبتهم وصولاً إلى علاقة صحية بين الطلاب وموظفي الشؤون وحتى موظفي الجامعة ككل.
لكن الطالبة “سدرة الحريري” ذهبت في اقتراحها إلى إحلال الوسائل التقنية مكان العامل البشري. واقترحت تخصيص تبويب للأسئلة الشائعة في المواقع الإلكترونية للجامعات تظهر بوضوح الأوراق المطلوبة لكل وثيقة يحتاجها الطالب وطريقة استخراجها خطوة بخطوة. لتخفيف العبء عن الموظفين من جهة وتسهيل المهمة على الطلاب من جهة أخرى.
كما أن وجود هذه المعلومات مكتوبة يمَكِّن الطلاب من عرضها على الموظفين عندما يقفون عاجزين عن تسيير معاملاتهم!.
وأنتم برأيكم كيف يمكن تحسين العلاقة بين الموظفين والطلاب؟ ومن يتحمل مسؤولية سوء معاملة شؤون الطلاب للطلاب؟!.