المنجد العربي .. المجدد والمحافظ على روح الصوف
سناك سوري – حسان ابراهيم
في ثمانينيات القرن الماضي بدأ “عماد” و”زياد الخواجة” من أبناء مدينة “حمص” تعلم ومزاولة مهنة التنجيد العربي ليكملا مسيرة والدهم الذي سبقهم إليها، وليصبحا اليوم من القلائل الذين يحافظون على هذه المهنة من الاندثار.
مهنة التنجيد العربي كانت تتبع في أزمنة ماضية لمهنة الخام، والتي كان شيخ الكار لها هو حصراً من أحد أرباب الطرق الصوفية المنتشرة في مدينة “حمص” آنذاك، كما هو الحال في مهن أخرى وبالتحديد الطريقة السعدية، وأشهر من تولاها هو الشيخ “أحمد السعدي” والملقب بالضرير.
حتى أواخر القرن الماضي كانت هذه المهنة رائجة بشكل كبير وتدخل إلى كل منزل تقريباً في حمص وغيرها، لكنها تراجعت تدريجياً، وانخفض الطلب عليها في المدن أولاً بينما حافظت على حضورها في الريف إلى أن انحسرت في الريف أيضاً، يقول “زياد الخواجة” لـ سناك سوري:«في السنوات الأخيرة انخفضت أعداد الزبائن بسبب اللجوء إلى الإسفنج المضغوط لصناعة الفرشات والديكرون لصناعة اللحف والمخدات»، موضحاً أن ما يميز الصوف عن غيره هو قابلية الاستخدام الطويل زمنياً له، لكن بشرط تجديده بشكل مستمر حيث يحتاج فراش الصوف إلى إعادة تجديده كل 4_5 سنوات وزيادة نحو 4 كغ من الصوف كل 8 أعوام ليبقى محافظا على سماكته.
اقرأ أيضاً:عميد النحاسين يعزف لحن النحاس منذ ستين عاماً
العمل في مهنة التنجيد العربي يمر في عدة مراحل قبل الوصول إلى إنتاج القطعة بمظهرها النهائي كما يقول “عماد الخواجة” في حديثه مع سناك سوري ويتابع: «في المرحلة الأولى نستلم الصوف من الزبون بعد غسله وتجفيفه بشكل تام، حيث نقوم بتنفيشه باستخدام السيخ والقوس وهما من الأدوات الأساسية في عملنا، نستخدم هذه الطريقة عند العمل مع صوف الجز الذي يكون على شكل كتل ينتج عند حلاقة الأغنام، أما الصوف الناعم فهو بحاجة لآلة خاصة من أجل تنفيشه، كما تتضمن المرحلة الثانية تفصيل القماش ومد الصوف المنفش داخل الفراش أو اللحاف حسب القياس الذي يرغب به الزبون، والقياسات المتعارف عليها تكون (2×160 سم) للمفرد ونصف ويحتاج الفراش الواحد من هذا القياس حوالي 21 كغ، أما قياس المجوز فهو (2×2.25 سم) ويلزمه 30 كغ من الصوف».
المرحلة الثالثة والأخيرة في عملية التنجيد هي خياطة القماش يوضحها “زياد” فيقول: «نقوم بخياطة القماش باستخدام إبرة من قياس 2 وخيطان خاصة بالتنجيد، حيث يتم تشميعها عن طريق شمعة العسل حتى لا يزرد الخيط (ينتش) وتكون حركته سهلة داخل الصوف، أما (التقلة) فهي عبارة عن اسطوانة حديدية توضع من أجل حصر الصوف داخل القماش منعاً لانزياحه، وعملية الخياطة تبدأ من الأطراف وحتى الداخل بخطوط متناسقة».