شغل المنهاج السوري الجديد خلال الأيام الماضية صفحات التواصل الإجتماعي وكُتب عنها الكثير من النقد الموضوعي وغير الموضوعي. وتمحور أغلبها على شكل المنهاج وغلافه مع بعض الاستثناءات التي اهتمت بجزء بسيط من المحتوى كقصيدة لشاعر معارض. وأخرى بعنوان “طش طش” بينما كان الاهتمام الأقل بإدخال كتاب التربية الدينية إلى منهاج الصف الأول.
سناك سوري- نورس علي – نسرين علاء الدين
بعيداً عن مواقع التواصل الاجتماعي كان الأطفال يستقبلون مناهجهم ويتعرفون عليها بشكل عفوي مع بعض التأثيرات التي تسبب بها حديث الأهالي الناتج عن حديث الفيسبوك.
سناك سوري حاول التعرف على علاقة التلاميذ مع المنهاج السوري الجديد بعد أيام من بدء دراسته بعيداً عن الثغرات الجزئية التي أشير لها. وتوجه إلى عدد من المدارس التي التقى فيها طلاباً ومدرسين في محافظات “دمشق السويداء وطرطوس”.
العينة التي شملها البحث من الطلبة والمدرسين تم اختيارها بطريقة عشوائية وتم التواصل مع المبحوثين في مدارسهم وبشكل مباشر دون وجود وسيط. وكانت عينة التلاميذ 100 تلميذة وتلميذ.
التلاميذ والمنهاج السوري الجديد:
من ناحية الشكل الخارجي فإن 57% من عينة البحث لم يتشكل لديهم شعور بالخوف من الأغلفة التي تم الحديث عنها. إلا أنهم في نفس الوقت لم يحبوها.
بينما 12% أوحوا بأنه انتابهم شعور بالخوف من الأغلفة التي تم تداولها. أما باقي طلاب عينة البحث فجميعهم كانت انطباعاتهم إيجابية عن الغلاف.
ومن ناحية الألوان فإن 63% من الطلبة قالوا إن الألوان غير جاذبة بينما قال 31% إنها جاذبة. أما بقية الطلبة فاعتبروها جاذبة أحياناً وأحياناً أخرى غير جاذبة.
طلاب الصف السابع:
طلاب الصف السابع الذين تم تغيير معظم منهاجه أجرينا معهم استبياناً خاصاً حول الشكل والمضمون. حيث وصف الطالب “علي رضوان” الدروس بأنها سهلة وبسيطة. أما الطالب “محمد وردة” اعتبرها ممتعة للحفظ خصوصاً مادة الرياضيات التي حضر منها 3 حصص. وكان لافتاً الثناء على منهاج الصف السابع تحديداً من قبل الطلاب على مختلف مستوياتهم ( ضعيف متوسط جيد ممتاز).
88% من طلبة الصف السابع الإعدادي الذين شملهم البحث أعربوا عن إعجابهم بالمنهاج الجديد شكلاً ومضموناً. وحظيت مادة الرياضيات تحديداً بإعجاب وصل إلى 93% من عينة البحث.
تقول الطالبة “لين جورية”: «إن رسوم أغلفة الكتب جميلة ومقبولة. خاصة كتاب العلوم الذي يصور شكل طائر لونه رمادي متداخل مع الأصفر تعتقد أنه من ريف البادية السورية وهو مهدد بالانقراض».
المدرسين:
عند المدرسين الحالة مختلفة تماماً عن الطلبة وهو تناقض يستحق الدراسة بشكل خاص. حيث كانت العينة 20 مدرساً في كل محافظة شملها البحث. وقد اتفق قرابة 92% من المدرسين الذين التقيناهم على رفض المناهج الجديدة شكلاً.
أما من ناحية المضمون فكان هناك انقسام واضح بين المدرسين فاعتبر 53.33% أن المضمون ممتاز و43.33% أنه متوسط بينما قال البقية إنه دون الوسط.
المدرس “حسن الشيخ” قال: «إن المناهج الجديدة تساهم بتغيير عقلية الطالب ومراسه نحو الأصعب. والبداية من صور الأغلفة التي تقدم إيحاءات غير مألوفة». وهذا سيساهم أيضاً برأي المدرس “حسان نعمان” بخفض سلم التفوق درجتان على الأقل. خاصة فيما يخص المواد العلمية التي بدت أكثر تعقيداً بالنسبة للطلبة. إضافة إلى أنها لا تتناسب وعمر طلاب الحلقة الأولى.
اقرأ أيضاً: ياسر الأطرش والمنهاج الحكومي: قصيدة الشاعر المعارض في المناهج
بينما قالت المعلمة “ياسمين شدود” لـ “سناك سوري” :«لا يملك معظم الطلبة القدرة الذاتية على حل التمارين المجددة بشكل كامل في مناهج الحلقة الأولى. ناهيك عن أنها تحتاج إلى زمن أكبر من الزمن الرسمي الذي نعمل به حالياً في الحصة الواحدة. ولا يفوتني أن الأساليب والطرائق المراد استخدامها في شرح المناهج تضفي ثقلاً على كاهل التلميذ وتتطلب منه جهداً إضافياً للوصول إلى المعلومة. إضافة إلى أن الكثير من المضامين التي وردت في الكتب الجديدة خارجة عن المألوف. فمثلاً لدينا في الصف الثالث بمادة الاجتماعيات وصف الشخصية.
هذا أوجد خلافاً بين التلاميذ حول وصف بعضهم. وأصبح الشاطر يرغب التشهير بزميله. أما في الصف الأول فالأشعار التي تربينا عليها حذفت كلها تقريباً. ويا حبذا لو يعيدوا الدور الأساسي للمعلم في العملية التعليمية بدلاً من أن يبقى دور ثانوي».
المرشدة الاجتماعية “سراب رقية” علقت على منهاج العلوم للصف الرابع الذي وجدت فيه كتاباً ممتعاً ويلغي فكرة التلقين ويعتمد على أسلوب العصف الذهني وتثبيت المعلومة الأصح من خلال المعلمة. وكذلك منهاج التربية الدينية للصف الأول وجدت أنه مقبول بالنسبة لمستواهم العمري. وهذا من حيث المضمون. بينما من حيث الشكل فقد تمنت لو أنها كانت ذات ألوان متنوعة أكثر لتساعد الطفل على اكتساب الراحة النفسية.
المدرس وجد صعوبة في المنهاج:
المفاجأة كانت بأن المدرسين رأوا صعوبة في تعليم المنهاج من قبلهم حيث قال 58.33 إنهم وجدوا صعوبة عليهم في تعليم المنهاج. وتأتي هذه النسبة في ظل غياب التدريب تقول المدرسة “لوريس ناصر” لـ “سناك سوري”: «لم نتلقَ تدريباً على تدريس المناهج الجديدة. وهو أمر محرج لنا أمام الطلاب الذين يسألوننا عن أشياء كثيرة لا نستطيع الإجابة عليها فنحن لم نعتد تدريس هذا النوع من المناهج».
المجتمع المدني يبحث المنهاج:
المنهاج السوري الجديد دفع بعض الجمعيات المعنية بحقوق الطفل للتحرك وبحثه بعد الزوبعة التي أثيرت حوله. حيث أقيمت ندوات حوله وبدأ المهتمون وضع ملاحظاتهم عليه. تقول رئيسة مجلس أمناء مؤسسة “جناح أزرق” لحقوق الطفل “نسرين حسن” لـ “سناك سوري”: «قمنا في الجمعية ومن خلال الأخصائيين التربويين بالاطلاع على كتاب”لغتي” للصف الرابع الابتدائي واستعراض عدد من الأخطاء الموجودة ضمن الكتاب من خلال ورشة دعي إليها القائمون على عملية تطوير المناهج ومختصتين تربويين من خارج المؤسسة».
وتؤكد “حسن” أن العمل لن يتوقف عند هذا الكتاب. وإنما سيتناولون باقي الكتب المحدثة. ولكن هذا يحتاج إلى وقت لدراستها لوضع ملاحظات موضوعية أكاديمية مختلفة عن هرج ومرج تعليقات الفيسبوك. وأضافت: «بعد الانتهاء من دراسة المنهاج الجديد ووضع ملاحظاتنا عليه. سنقدمها إلى وزارة التربية التي طلبت آراء الجميع».
المركز الوطني لتطوير المناهج:
وإلى صاحب الحظ الأوفر في نيل سيل الانتقادات حول المناهج الجديدة “دارم طباع” مدير المركز الوطني لتطوير المناهج الذي قال لـ “سناك سوري”: «هناك عدد من الملاحظات كانت محقة وسنعمل على تداركها لكن الكثيرين لم ينظروا إلى الجانب الجيد للمناهج الجديدة. حيث أردنا أن يكون المنهاج تفاعلياً وأن نخرج من موضوع التلقين لذلك قمنا بإلغاء دليل المعلم ودربنا مئات المعلمين خلال الصيف على المنهاج الجديد وطرق تدريسه بحيث يصبح التعليم أكثر فعالية».
وقد أكد “طباع” أنه لن يكون هناك أي تكلفة إضافية للطباعة في حال تم إقرار تعديلات جديدة حيث تقوم وزارة التربية كل سنتين بتطوير أو تعديل على المنهاج وتطبع الكتب المدرسية بنسخ جديدة كل سنة تقريباً.