المعارض داخل زمن افتراضي – مازن بلال
معرض دمشق الدولي ظاهرة خاصة لاعلاقة لها بالاقتصاد.. نحن في زمن “التجارة الالكترونية”
سناك سوري – مازن بلال
داخل معرض دمشق الدولي تختلط الذاكرة ويغيب المكان ليصبح غريباً، فمدينة المعارض لم تعد على ضفاف بردى، وأشكال النوافير التي تتصاعد من النهر تبعثرت ألوانها لتنتشر على جغرافية جديدة لكن المعرض الذي ظهر للوجود عام 1954 بقي ظاهرة خاصة لا علاقة لها بالاقتصاد، فهو تاريخ خاص لدمشق بالدرجة أولى، وسلسلة من الصور التي تبحث عن الاقتصاد لكنها تبقى خارج مألوف آليات السوق، وغير قادرة على تقديم نموذج لحركة تجارية نشطة، فالمعرض يمكنه أن ينبش الذاكرة لكنه لا يستطيع وضع أي ملمح اقتصادي.
المفارقة الأساسية لمعرض دمشق الدولي هذا العام أنه ترافق مع أزمة لليرة السورية، ورغم أن الأمرين لا يرتبطان بالضرورة لكنهما ضروريان لتوضيح صورة الاقتصاد في زمن “التجارة الإلكترونية” و “الذكاء الصنعي” و “إنترنت الأشياء” (Internet Of Things)، فضرورة “المعارض الوطنية” تبدلت كلياً لتتحول إلى مناسبات لابد منها؛ لكنها أبعد ما يكون عن عمليات الترويج والتسويق وتشجيع التجارة الوطنية.
اقرأ أيضاً: الحكومة: معرض دمشق الدولي يزهو بـ300 ألف زائر.. “إبراهيم”: الدولار كمان يزهو!
في ظل العولمة والتجارة الإلكترونية يغدو تنشيط الاقتصاد والتجارة منظومة مرنة، من الصعب اخضاعها لآليات ظهرت خلال سنوات الاستقلال الأولى، فبغض النظر عن التشريعات الدولية المتكاملة بهذا الخصوص، هناك بيئة ثقافية جديدة عادة ما يتم دمجها مع اقتصاد المعرفة، إلا أنها في الواقع تحتاج لأمرين:
- الأول فكر مختلف في التعامل مع السوق الداخلي أو الخارجي، وهذا الأمر ليس فقط اعتماد المعايير بل تنمية التفكير الاجتماعي عموما بمسألة “المعرفة”، وبما يفرضه السوق الإلكتروني من معايير لها علاقة بـ”المبادرة”.
- الأمر الثاني هو تنمية حقيقية لأجيال تنظر إلى العالم من مساحة العالم الإلكتروني، فالبرمجيات ليست مجرد لغات يتم اتقانها بل هي رؤية مختلفة للعالم وللعلوم في آن، وعندها يمكننا أن نرى آلية اقتصادية تخلق بيئتها القانونية وأشكال السوق الخاصة بها.
مهما كان التركيز الإعلامي قوي على معرض دمشق الدولي فإنه سيبقى دائرة مغلقة، ولن يشكل حركة مختلفة خصوصاً في ظل الحرب، فهو مؤسسة اقتصادية بلا أذرع معرفية داخل المجتمع، في وقت لم تعد التجارة مضطرة للتجول فهي بمتناول الجميع، فمنطق المعارض هو “فسحة ثقافية” أكثر منها اقتصادية، وهو ضرورة لكسر “وهم الحصار” لأن العقوبات على سورية لا تحتاج إلا لاقتصاد المعرفة الذي يبدأ بتغيير التفكير، فالاقتصادي الذي ما يزال يقف عند حدود السمسرة على البضائع، أو “بيع الخدمات” لن يستطيع تقديم “المعرفة”، وهو دليل على أن المجتمع مازال عند حدود الشركات المستهلكة لأي طاقة معرفية.
التنمية هي كل نشاط خارج عن المألوف، فعندما نكون قادرين على جعل مجتمع ريفي يهتم بـ”الذكاء الصنعي”، فإن الزراعة ستتحول لأن التفكير بها سينطلق نحو أفق جديد، وعندما نشهد ظهور “مجمعات أفكار” داخل قطاعنا الخاص فإن مساحة الاقتصاد ستخلق قفزة فوق كل العقوبات.
اقرأ أيضاً: معرض دمشق الدولي… حدث سياسي أم اقتصادي؟