المدن الميتة في سوريا … حضارات قتلتها الحرب مرة أخرى
تضمّ أقدم كنائس العالم .. والحرب هجّرت أهلها في القرن السابع
تمتد مدن “سوريا” الميتة أو المدن المنسية على تلك البقعة الواقعة بين ريف “حلب” شمالاً وصولاً إلى ريف “إدلب” جنوباً.
سناك سوري _ دمشق
لم تكن هذه الكتلة الكلسية من الجبال الممتدة من “النبي هوري” شمالاً إلى “أفاميا” جنوباً، .ومن “حلب” شرقاً إلى جبل الزاوية غرباً على مساحة 5500 كم مربع.، سوى مدن أثرية تشهد على حضارات تعاقبت على هذه الأرض.
وتتكون هذه المدن “الميتة” من قرابة 700 موقع تم إنشاؤه بين القرنين الأول والسابع للميلاد في العصور الرومانية والبيزنطية التي حكمت “سوريا”.، حيث كانت هذه المنطقة مركزاً ثرياً لزراعة القمح والعنب والزيتون.، وتوفّر النبيذ لـ”أنطاكيا” و”أفاميا”.
ولا تزال كنيسة “القديس سمعان” أو “قلعة سمعان”. شاهدة على آثار “المدن الميتة” فضلاً عن آثار “سرجيلا” و”قلب لوزة” و”براد” التي تضم ضريح “مار مارون”.
تعرف هذه المدن بحجارتها، .وهي من النوع الكلسي رمادي اللون، والذي كان مورداً لسكان تلك المنطقة من أجل زخرفة البيوت والكنائس.، لكن الحرب البيزنطية مع الفرس الساسانيين في القرن السابع الميلادي، دفعت سكان تلك المدن إلى النزوح عنها وتركها منسيّة في التاريخ.
كان لعالم الآثار الفرنسي “شارل جان مالكوا دو فوغ” فضل في الكشف عن آثار المدن الميتة لا سيما للمجتمع العلمي الغربي.، وقد وصفها بالقول أن المسافر حين يعود إليها يشعر بحضارة تنكشف له أسرارها.
وفي قرية نائية غرب “إدلب” ستحضر كنيسة “قرق بيزة/ قلب لوزة ” في قرية “قلب لوزة” والتي بنيت سنة 361 للميلاد. كأول كنيسة بيزنطية في “سوريا” ، ويقول المؤرخون أنها أول كنيسة “بازيليكية” في “سوريا” و”بازيليكا” هو نمط عمراني في بناء الكنائس ورثه البيزنطيون عن الإغريق، وقد تم تسجيل الكنيسة على لوائح “اليونيسكو” للتراث العالمي عام 2011 .
اقرأ أيضاً:محطات من تدمير وإحراق المدن السورية_ حسان يونس
كنائس مدن “سوريا” المنسية تعتبر من الأقدم في العالم نظراً لنشوء المسيحية شرق المتوسط.، إذ أصبحت تصاميمهم منطلقاً لتصاميم الكنائس في أوروبا.
ترى بعض الأبحاث أن المدن الميتة أو المنسية لم تكن مدناً بالمعنى الحرفي بل تجمعات لقرى انتشرت في “جبل البلعاس” حول عاصمة “سوريا” في عهد السلوقيين “أنطاكيا”.
لم تسلم “المدن الميتة” من أثر الحرب السورية،. وكما هجّر الساسانيون الفرس أهلها قبل قرون .فقد أعادت الفصائل المسلحة السيناريو في القرن الثاني والعشرين،. ولم تكتفِ بذلك بل إنها دمّرت وأضرّت العديد من المواقع الأثرية التي يحلم العالم بامتلاكها.
وتتعرض المواقع الأثرية لا سيما في ريف “عفرين” شمال “حلب” لتجريف وسرقة ممنهجة لآثارها على يد فصائل مدعومة تركياً، تعمل على تهريب الآثار السورية إلى الخارج، وقد ظهرت العديد من القطع الأثرية السورية في متاحف وأسواق أوروبية وتركية.