
ارتبطتُ على مدار سنين عمري بعلاقة مع المروحة أقل ما يمكن وصفها بالمتينة فوق العادة. باختلاف وجودها سقفيةً كانت أم متنقلة. حتى جاء التقنين الكهربائي في سوريا.
سناك ساخر _ أنا هوي وهي تدير
ولا سيما خلال فصل الصيف حيث لا يمكنني العيش دونها، حتى في أيام دوامي المدرسي كنت معتادة على صناعة مروحة ورقية. من إحدى ورقات دفتري لأبرّد بها وجهي خلال الحصة الدراسية.
قبل أكثر من عشر سنين ولو أردت سرد طبيعة علاقتنا معاً، كانت رفيقة دربي وكان صوتها بمثابة صمام الأمان بالنسبة لي. ليلاً نهاراً لا أقوى على التنفس دون هوائها مستغنيةً عن الهواء الطبيعي الذي أحرم منه بفعل مناخ المنطقة التي أعيش بها.
وحطت الحرب أوزارها مطلع 2011، وكنتيجة بديهية تأثر وضع الكهرباء، وبات التقنين الكهربائي في سوريا يزداد حدة. ومن هنا بدأت علاقتنا بالتراجع رويداً رويداً. فلم أعد أستخدمها إلا بمعدل ربع المعتاد سابقاً وربما أقل.
لم أعد تلك العاشقة الشغوفة، وباتت نظراتي لها مليئة بالحزن والأسى لما أصابها من سكون مطبق. فلا يمكنني معالجتها ولا تحريك شفراتها.
محاولات فاشلة كنت أقوم بها عندما أنفخ عليها علّها تتحرك، وتستحضر معها القليل من النسمات أرد بها حرارة شهري “تموز وآب”. ولكنها لم تحرك ساكناً.
لم نتفق على الفراق إلا أن الظروف حكمت علينا بذلك، ولربما وُجِدت البدائل عنها إلا أن قلبي تمسك بها كونها وللأمانة أوفرهم. فلا مروحة البطارية أستطيع اقتنائها، ولا تلك المحتاجة للوح طاقة شمسية.
فأنا كل ما أريده مروحتي العاملة على التيار الكهربائي الحكومي، وبذات الوقت رفض الأخير دعم علاقتنا ومساعدتنا لنتابع حياتنا بسياسة (هي تهوي وأنا بورد).
مؤخراً بالسنوات الفائتة، دخلت مروحتي بغيبوبة ولم تستيقظ للآن، يبدو أن عطلاً ما أصابها. لأقف يومياً أمام مقبس الكهرباء، أبرمه يميناً يساراً وهي بسقف الغرفة دون حراك، وكلي أمل بأن أراها تتحرك يوماً.
ولكن ما أقوله يا مروحتي، أن لا تقنين ولا عطل ومهما تعددت الأسباب، سيغنيني عن أدائك السابق وأعيش على أحلامي وذكرياتي بليالٍ صيفية قضيناها سوياً. علّك تستجيبي لندائي وأسمع هديرك مجدداً.