خضر الماغوط: الأدب الساخر سلاح فكري لمواجهة أخطاء السلطات المتحكمة بحياة الإنسان
سناك سوري – يوسف شرقاوي
يرى الكاتب السوري “خضر الماغوط” أن الأدب الساخر سلاح فكري وثقافي في مواجهة أخطاء السلطات المتحكمة بحياة الإنسان، ومنها الدين والسياسة والعادات والتقاليد الموروثة في المجتمع، وهو أيضاً أداة مهمة للنقد والإشارة إلى مكامن الخطأ.
ويضيف خلال لقاء مع سناك سوري:« يميل كثير من البشر منذ طفولتهم إلى إيجاد طريقة لتخفيف معاناته والمشاكل التي يتعرض لها بالسخرية من الظروف التي وجدوا أنفسهم بها، وهم يضحكون على مأساتهم، في وقت يتطلب منهم البكاء، وقد يجدون الراحة النفسية في ذلك، لذلك فإن الإنسان عموماً يعشق فن النكتة والطرفة منذ صغره، ويتفاعل معها وتترك تأثيراً مريحاً في نفسه، وأغلب النكات والطرف تُظهِرٌ الإنسان في مواقف يكون ضعيفاً فيها، تتقاذفه صعوبات وأخطاء الحياة المعيشية والمادية والسياسية والدينية».
ينال الأدب الساخر حقه جماهيرياً و هو مطلوب بشكل واسع لكنه مرفوض من السلطات ومؤسساتها حسب “الماغوط” ويعود ذلك برأيه لأن كل مؤسسة تحاول إخفاء عيوبها، لذلك نجد التعتيم دائماً على أغلب الأدبيات الساخرة، موضحاً أن هناك فرقاً بين الأدب الساخر الذي يتضمن فكراً والأدب الضاحك، أي الفرق بين النكتة والأدب الساخر الحقيقي.
تحاول الهيئات والمؤسسات السلطوية وصف الأدب الساخر بالهزار والهزلية يقول “الماغوط” ويضيف:« ولا تعترف بوجود شيء اسمه الأدب الساخر، لدرجة أنّ الهيئات الرسمية الثقافية تطبع آلاف الكتب على نفقتها ولا تطبع كتاباً واحداً يتضمن النصوص الساخرة فعلياً، والتي لا تجامل هذه المؤسسات»، داعياً هذه المؤسسات للقبول بهذا النوع من الأدب طالما يهمها التطور الإيجابي الفعلي لأنه يساعدها في إيجاد الطريق الصحيحة للعمل الجاد والصحيح لتنفيذ مهامها، فالأدب الساخر هو مبضع الجراح الذي لايمكن كشف المرض من دونه.
اقرأ أيضاً:“صادق جلال العظم”.. المفكر السوري الذي نادى بفصل الدين عن الدولة
ورداً على سؤال حول تركيزه القصصي على شخصية المدير العربي واللصوص وفن الخطابة والمؤتمرات، يقول: «المدير لأنه رمز المسؤولية في كل المستويات الإدارية، والأدب الساخر يكشف فشل هذه الإدارات، لذلك تكون هذه الإدارات وأخطاؤها هي المادة الرئيسية للتنبيه إلى فشلها، ومن ناحية ثانية فالمواطن العربي يشعر دائماً بوجود لصوص يسرقون آماله وأحلامه، بسبب سوء الإدارة السياسية والاقتصادية التي تجعله غير مستقر مادياً ومعنوياً، أما الخطابات والشعارات فصارت مملة وممجوجة ودائماً نقول عنها إنها كلام فارغ لا تحقق أي هدف منها، لذلك تكون في متناول الأدب الساخر».
يميل “الماغوط” للقصة القصيرة ويجد نفسه فيها، يقول :«على مبدأ خير الكلام ما قل ودل، وجدت نفسي في النصوص القصصية القصيرة والقصيرة جداً، وهي تكفي لإيصال الفكرة المقصودة دون زيادة في استعمال التعابير الإنشائية وخاصة في الأدب الساخر الذي يحتاج إلى السرعة والآنية والمباشرة في التقاطه من قبل المتلقي، فيترك تأثيراً مباشراً».
اقرأ أيضاً:“محمد الماغوط”: الكهربا وصلت لقفاي قبل ما توصل لضيعتنا
“خضر الماغوط” أديب سوري ساخر من “السلمية” وهو بالأساس مهندس “كهرباء”.
مقتطفات مما يكتبه “الماغوط”:
تأجيل انعقاد مؤتمر القمة العربية بسبب الكورونا…
يعني ذلك تأجيل حل قضية فلسطين وبقية المشاكل العربية العالقة.
يعني ذلك أن لا نستمع إلى خطابات الأشاوس الذي يبحلقون في الأوراق المكتوبة بين أيديهم بحلقةً، ويهجئون الأحرف تهجئةً.
من قصصه، كتب في 2011 (ارتجالية):
الشاب الذي كان مستعجلاً رمى سروالاً على طاولة الخياط، وأسرع خارجاً وهو يصيح: إصلاح… إصلاح.
صاح الخياط: ماذا أصلح به؟
صاح الشاب الذي صار في عرض الشارع: تكبير… تكبير.
هبّ كل من كان في الشارع يصيحون: الله أكبر… الله أكبر.
وما كان إلا أن تمزّقت كل القمصان والسراويل، وصار الجميع عراة.
كتب عن الوطن:
بحرٌ عاصف هائج
لا يجيد السباحة فيه سوى الحيتان
هذا الوطن.
وكتب عن اللصوص:
منذ أنْ وعيتُ على الدنيا، عرفتُ بأنَّهُ يوجدُ هناك منْ سرقَ مستقبلي وأحلامي وحقوقي.
رحتُ أبحثُ عنها، وأستجدي أنْ يعيدوها لي.
وصلتُ في طريق البحث إلى مواقع الفكر الحزبي والسياسي، فاستنكروا معرفتهم بها، صرخت بصوتٍ مكتوم:
ــ إذاً ماذا تفعلُ هذه السياسةُ هنا؟
قادتني طرقُ البحث إلى هيئات الفكر الديني، فلم أحظَ بضالتي عندهم.
فأومأتُ بشفاهٍ لم تنطق:
ــ إذاً ماذا تفعلُ هذه الأديانُ هنا؟
رحتُ أبحث عنها بين الدساتير والقوانين والبنى الفوقية والبنى التحتية وفي المهرجانات والخطابات والشعارات، فلم أجد شيئاً.
تمنيت لو كان لي صوتٌ لأقول:
ـــ إذاً ماذا يفعلُ هذا الوطنُ هنا؟
اقرأ أيضاً:عفراء ميهوب … ابنة الريف المعززة تخوض مهنة الشقاء في عصر الرصاص