لايوجد طفل على الجزيرة لم يهرب من مدرسته أو يذهب بعد دوامه إلى الشاطئ لجمع الثمار وشيها وتناولها
سناك سوري- نورس علي
عندما يذكر اللزيق البحري في جزيرة “أرواد”، تبرق العيون، وتعج الذاكرة بالكثير من الذكريات والصور المحفورة بالمخيلة، فطقوس اقتلاعها عن الصخور، وشويها على تنكة معدنية، وتناولها مباشرة منعت الجوع عن أطفال الجزيرة خلال مراحل اللعب المتواصل.
يعتبرها أهالي الجزيرة الثمار البحرية الأكثر فائدة بالنسبة للأطفال، والأقرب إليهم خلال مراحل اللعب والتسلية، يدعونا “عبد الله يازجي” من أطفال أرواد لمرافقته في مشوار تناول “اللزيق” يقول: «رح خليك تشوف المتعة معي رغم أني راجع من المدرسة وتعبان وجوعان». وعلى الفور بحث عن قطعة معدنية حادة من البقايا التي تحملها أمواج البحر إلى الشاطئ، ورمى حقيبته على الأرض، وانطلق لجمع “اللزيق البحري”، وخلال فترة لم تتجاوز الربع ساعة جمع ما يكفي لوجبة صغيرة، ناسياً تعبه وجوعه ومستمتعاً بالبحث عن هذه الثمار البحرية.
“يازجي” ورفاقه لا يوفرون فرصة بعد الانتهاء من واجباته المدرسية للذهاب إلى الشاطئ، يقول خلال رحلة مع سناك سوري إلى شاطئ أرواد:«بعد الانتهاء من واجباتنا المدرسية ألتقي على الشاطئ مع الأصدقاء، ونلعب لساعات طويلة، وحين نشعر بالجوع نقوم بالبحث عن اللزيق البحري، حيث نجمع منه ما يكفينا بزمن قصير، ثم نبحث عن أي تنكة معدنية فارغة -إن لم نكن نحتفظ بها في أحد أماكننا السرية- ونشعل النار تحتها حتى تحمر من أجل التعقيم بفعل الحرارة المرتفعة، ونضع عليها “اللزيق” حتى تنفصل القواقع عن الكتل اللحمية، ومن ثم نتناولها مباشرة ساخنة، وترافق هذه المراحل فرح كبير وضحك على قصص نرويها لبعضنا، وهكذا نتغلب على الجوع ولا نضطر للعودة إلى المنزل من أجل تناول الطعام».
“اللزيق البحري” بحسب الصياد “محمود هلهل” هو نوع من أنواع الرخويات البحرية، والبعض يقول عنه “ثمار البحر”، والبعض الآخر يسميه “الحلزون البحري”، ومع اختلاف التسميات تبقى الفائدة منه واحدة بالنسبة له كصياد، وأضاف لـ سناك سوري: «يمتلك الحلزون البحري صدفة مخروطية الشكل تحميه من افتراس الكائنات البحرية، ولكنها لم تحميه من الإنسان، مهمة هذه الصدفة الإغلاق التام على الصخور بعد عملية سحب للهواء يقوم بها الكائن الحي ضمنها، فيصبح جزء من الصخرة التي يعيش عليها سنوات».
ويضيف “هلهل” متحدثاً بشغف عن هذا الثمار البحري الذي بنى كل أطفال أرواد منذ عقود طويلة علاقة معه:«إنه يتحرك حركة بطيئة حاملاً الصدفة بهدف البحث عن الغذاء، كما أنه يقوم بفتح الصدفة قليلاً على الصخرة ليسمح بدخول المياه البحرية إلى داخلها، فقد تكون حاملة معها للطحالب والعوالق الصغيرة غذائه الأهم.
وبالنسبة للصيادين هو طعم جيد يستخدمونه لصيد السنارة، وهذا بعد جمعه عن الصخور وتحرير الكائن الحي من الصدفة، وتنظيفه بالماء من أحشائه».
ثمار بحرية غنية بالحديد لذلك كانت وجبة شهية لأطفال “جزيرة أرواد”، كما قال رئيس بلديتها الدكتور “محمد بصو” الذي نوه إلى ذكريات كثيرة له عن هذه الثمار البحرية، وأضاف: «حتى الآن طعم “اللزيق البحري” تحت أسناني، حيث كنا نجتمع معاً بعد المدرسة، وننزل للمياه البحرية بحثاً على ظهر الصخور عنه، متناسين الخوف من الأمواج البحرية، والقبضاي من يجمع كمية كبيرة، والقبضاي الأخر من يجمع أعواد الحطب، (لأنها في الغالب من مرفوضات البحر)، وأوراق الشجيرات المزروعة على الجزيرة، وحتى من أوراق الدفاتر، وبعد قليها بالزيت نتناولها بالخبز مع الصلصة».
اقرأ أيضا : بالصور: مطعم يقدم مأكولات الريف الساحلي بنكهة الجدة في اللاذقية