يحتاج المسخن الحوراني لإعداده وطهوه إلى العديد من المقادير كالدجاج والسماق والبهار وخبز الشراك. وأيضاً إلى الألفة والتفاهم والمحبة. تقول “فاطمة” وهي إحدى سكان درعا: قد تستطيع أي سيدة إعداد طبق المسخن الحوراني. لكن السيدة الدرعاوية وحدها تعرف سر نجاح وتميز هذا الطبق عن باقي السيدات والذي يكمن في الألفة والتفاهم والمحبة.
سناك سوري – درعا
يحتاج إعداد طبق المسخن الحوراني إلى الكثير من مراحل العمل. لذلك تلجأ السيدة التي تريد طهوه إلى جاراتها أو إحدى قريباتها للمشاركة في صناعته التي تتم عبر مراحل تحدثنا عنها فاطمة فتقول: نحضر الدجاج قبل يوم من طبخه فنفركه بالملح والخل ثم نضعه بالثلاجة. في اليوم الثاني نسلقه مع الباقة العطرية “ورق الغار والبصل والفلفل الأسود وحبات الهال. ثم بعد ذلك أن ينضج نصعه في صينية الفرن المدهون بالزيت ونرش السماق عليه ونتركه بالفرن حتى يحمر جيداً. في هذا الوقت نقطع البصل لشرائح ونضعه على النار ليتقلى مع الزيت حتى يصبح لونه أشقر ولا ننسى إضافة البهار والسماق مع قليل من مرق سلق الدجاج ونتركه يغلي لحوالي العشر دقائق.
تتابع: بعد ذلك نأتي بخبز الشراك “خبز الصاج” الذي نكون قد حضرناه منزلياً قبل يوم. ونغمسه بزيت الزيتون جيداً ثم نفرده في المنسف. ثم نضيف جزأ من تتبيلة البصل التي حضرناها مسبقاً ونفردها على الخبز. نكرر هذه العملة لعدة طبقات حسب الرغبة. ثم ندخل المنسف إلى الفرن لعدة دقائق كي يتحمر. ثم نخرجه ونضع فوقه الفروج المحمر والمكسرات من لوز وصنوبر. فيصبح جاهزاً للأكل. ألم أقل لكم إنه طبق يحتاج لكثير من الحب والتفاهم والألفة.
اقرأ أيضاً: المنسف الحوراني واللزاقيات.. أم محمد تطبخ لتطعم أسرتها وتعيلها
في درعا… ماقبل الحرب.. كانت أكلة المسخن تتوج طاولات العزائم والمناسبات خصوصاً في الشتاء حيث تعتبر أكلة شتوية. لما فيها من “الزفر” الذي يحتاجه الجسد شتاء. لكن سيدات المنازل من صغيرات السن كنّ يبتعدن عن طهو المسخن لأنه يحتاج للكثر من مراحل العمل وتتطلب صناعته وقتاً طويلاً. اليوم في زمن الحرب قد يكون طول الوقت والعمل والجهد أموراً هينة مقارنة بالأسعار والغلاء. فهل لكم أن تتخيلوا تكلفة طبق من المسخن يحوي دجاجة واحدة؟!.
الكثير من الحب.. والكثير من الألفة.. كما الكثير من التفاهم.. والكثير من الخير المجاني.. هكذا كان حال الدرعاويين في زمن ماقبل الحرب. هذا ما أخبرنا به طبق المسخن الذي يوشك أن يتحول إلى ذكرى تراثية جميلة سنرويها لأحفادنا بالإضافة إلى ذكريات جميلة أخرى مرفقة بعبارة.. ماقبل الحرب.