أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

القمح يتراجع والبطيخ يتقدّم.. فلاحو كوباني يعيدون رسم خريطة الزراعة

الجفاف والتكاليف العالية يدفعان فلاحين في كوباني للتخلي عن القمح لصالح زراعات أكثر ربحاً

في كوباني “عين العرب” بريف حلب، توشك زراعة القمح والشعير أن تتحول إلى نشاط ثانوي، في تحول مقلق قد يفاقم التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي في سوريا، إذ لا يزال القمح حجر الأساس، ولا بديل حقيقي عن رغيف الخبز.

سناك سوري-خاص

الأرض التي لطالما أنجبت السنابل، تحاول اليوم التكيّف مع واقع جديد، حيث تتجه أنظار المزارعين نحو زراعات بديلة كأشجار الفستق الحلبي والبطيخ الأحمر (الجبس)، لما توفره من مردودية عالية وتكاليف إنتاج منخفضة.

في المقابل، لم تعد زراعة القمح كما كانت، فالجفاف يشتد، والتكاليف ترتفع، بينما يغدو المردود بالكاد كافياً لتغطية الجهد، ما جعل “الذهب الأصفر” يتحول إلى عبء ثقيل لا يوازي ما يُبذل لأجله.

في ريف “كوباني”، يقف “خالد” فلاح ستيني كان قد هجر زراعة القمح منذ عامين، مستبدلاً إياها بزراعة البطيخ، يزرعه في نيسان ويبدأ القطاف مع بداية تموز، والهكتار الواحد يعطي ما بين 15 إلى 22 طناً، بكلفة لا تتجاوز 5 ملايين ليرة، بينما من الممكن أن يصل العائد إلى 30 مليون ليرة، وفقاً لتجاربه خلال العامين اللذين جرب بهما هذه الزراعة.

يقول “خالد” لـ”سناك سوري”، إن الهكتار الواحد من القمح كان يعطيه بين طنين ونصف إلى 3 أطنان، سعر الطن الواحد هذا العام قرابة 4 ملايين ليرة، أي أن الهكتار الواحد بأحسن الأحوال يعطي مردوداً يصل لنحو 12 مليون ليرة، وهو أقل من نصف ما يمنحه الهكتار المزروع بالبطيخ، بالمقابل فإن كلفة زراعة هكتار من القمح تصل إلى 5 ملايين ليرة وهي الكلفة ذاتها لزراعة البطيخ لكن مردود الثاني أعلى بكثير.

مع وجود مثل هذه البدائل فإن هناك خطر حقيقي يهدد زراعة القمح في سوريا، تلك الزراعة التي كانت منتشرة على مساحات واسعة قبل عدة عقود، اندثرت تماماً في بعض المناطق، مثلاً في الساحل السوري تسعينيات القرن الماضي كانت الأراضي الجبلية تمتلئ بالقمح، الذي تضاءلت مساحة زراعته عاماً بعد عام نتيجة المردود المنخفض مقارنة بزراعة التبغ مثلاً.

رغيف الخبز في سوريا لم يعد يصنع فقط من تعب الأرض، بل من قرارات الفلاحين المحاصرين بين الجدوى الاقتصادية وضغوط الواقع المناخي، وفي ريف كوباني، حيث تغيّرت المعادلة، لا يبدو أن القمح سيظل سيد الحقول، إن لم تتغير السياسات وتستثمر الموارد بما يضمن بقاءه، فبدون القمح، لا أمن غذائي.

زر الذهاب إلى الأعلى