الفارق بين الموظف وعضو مجلس الشعب .. مرشحون يتقدّمون للوظيفة البرلمانية
مرشح يستعرض سيرته الذاتية للناخبين .. فهم خاطئ لدور البرلمان وعضويته
يحصي مرشح لمجلس الشعب 2024 ونائب خلال دورات سابقة إنجازاته خلال تواجده تحت القبة في إطار حملة انتخابية قام بها ومن المفترض أن غايتها تعريف المواطنين بإنجازاته.
سناك سوري _ فراس سلمان
ويقدم قائمة طويلة من المطالب الخدمية المحلية التي طرحها وكذلك من الكتب المتضمنة مطالب خدمية أرسلها للحكومة و شكاوى أوصلها للمجلس.
ثم يضيف فقرة صغيرة تتعلق بمساهمته في اللجان التشريعية. وهو ما استوقفني على اعتبار أن هذا التعداد صادر عن نائب في مجلس الشعب يريد الترشح لدورة ثانية وليس من باحث عن عمل يكتب سيرةً ذاتية للتقدم إلى وظيفة.
فالوظيفة تختلف عن مجلس الشعب حيث يتم التقييم في الوظيفة على أساس مؤشرات تقييم محددة تظهر التفاوت في أداء العاملين. فهل ينطبق الأمر على أعضاء مجلس الشعب وكيف سنحدد درجة أعمال “النواب”!.
بين الموقع الوظيفي وعضوية البرلمان
قد تكون ظاهرة عرض المرشحين سيرهم الذاتية أحد الظواهر المميزة للمرشحين إلى انتخابات مجلس الشعب في “سوريا”. فالطبيعي أن يقوم المرشح بإصدار بيان انتخابي يتضمن منهجه وخطة عمله في حال وصل إلى المجلس. والأمر نفسه ينطبق على القوائم الحزبية وقوائم المستقلين.
«يُمارس أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين وتوجيه الأسئلة والاستجوابات للوزارة أو أحد الوزراء وفقاً لأحكام النظام الداخلي للمجلس» المادة 74 من الدستور السوري
لكن هذا الأمر الطبيعي يغيب بصورة شبه كاملة عن الانتخابات النيابية في “سوريا”. بينما تحضر ظاهرة السيرة الذاتية خلافاً للمتعارف عليه في الانتخابات البرلمانية في أنحاء العالم. فنجد أغلب المرشحين ينشرون معلومات عن شهاداتهم ومراكزهم السابقة. وكأنهم مرشحون لتولي إدارة حكومية ويريدون إثبات جدارتهم (الشخصية) لشغلها. وهو ما يخفي إشارة إلى اعتبار المرشحين لعضوية مجلس الشعب بأنه مركز وظيفي مرموق يسعون لشغله لمدة أربع سنوات.
لكن الوظيفة بطبيعتها تنفيذية وتتبع لسلطة تنفيذية. بينما عضوية مجلس الشعب تشريعية تتبع لسلطة الشرف والضمير كما ينص الدستور السوري.
«يتولى السلطة التشريعية في الدولة مجلس الشعب على الوجه المبين في الدستور» المادة 55 من الستور
وبالعودة إلى الإنجازات التي ذكرها النائب المرشح نجد إشارة خجولة في نهاية عرضه إلى المساهمة في اللجان التشريعية. ولولا هذه الإشارة لم يكن القارئ ليميز نوع المجلس الذي تحدث عنه النائب. لأن المؤشرات التي عرضها كالمثابرة في الحضور ونقل الشكاوى أصلح لوصف نشاط أعضاء لجان مجالس الإدارة المحلية خدمية الطابع. والتي تُقيّم مجهودات أعضائها بالمثابرة والمتابعة والمبادرة في نطاق ولاية المجلس. بينما لا يجوز تقييد نشاط عضو مجلس الشعب بدائرة معينة كما تنص المادة 58 من الدستور التي تقول أن :«عضو مجلس الشعب يمثل الشعب بأكمله، ولا يجوز تحديد وكالته بقيد أو شرط، وعليه أن يمارسها بهدي من شرفه وضميره».
لا بل إن الدستور السوري أفرد مادة لتوضيح مهام أعضاء مجلس الشعب في المادة 74 التي تقول «يُمارس أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين وتوجيه الأسئلة والاستجوابات للوزارة أو أحد الوزراء وفقاً لأحكام النظام الداخلي للمجلس».
إذن وبحسب الدستور فيجب أن نسأل عضو مجلس الشعب عن دوره في القوانين ومشاريعها. وعن أسئلته واستجواباته للحكومة. وليس عن جدول الحضور وتقديماته للجنة شكاوى المجلس, فمهام عضو مجلس الشعب منصوص عليها بالدستور من ناحية, ولمجلس الشعب نفسه وفق الدستور دور محوري في ضمان ممارسة الديمقراطية والحفاظ على التوازن بين السلطات في الدولة.
عن مهام مجلس الشعب
عنون الدستور الباب الثالث بعبارة “سلطات الدولة” وابتدأ هذا الباب بالفصل الأول عن السلطة التشريعية حيث ترد هنا المادة 55 «يتولى السلطة التشريعية في الدولة مجلس الشعب على الوجه المبين في الدستور». أي أن مجلس الشعب يمثل السلطة التشريعية في “سوريا”. وبناء على ذلك أفرد الدستور لهذه السلطة اختصاصات سامية لا تستقيم أمور الدولة دون إنجازها حيث يتولى مجلس الشعب بحسب المادة 75 : إقرار القوانين. مناقشة بيان الوزارة.حجب الثقة عن الوزارة أو عن أحد الوزراء. إقرار الموازنة العامة والحساب الختامي. إقرار خطط التنمية. إقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بسلامة الدولة. إقرار العفو العام. قبول استقالة أحد أعضاء المجلس أو رفضها.
«تُعرض الحسابات الختامية للسنة المالية على مجلس الشعب في مدة لا تتجاوز عاماً واحداً منذ انتهاء هذه السنة ويتم قطع الحساب بقانون، ويطبق على قطع الحساب ما يطبق على الموازنة في الإقرار المادة 82 من الدستور السوري
في حين تلزم المادة 76 من الدستور رئيس الحكومة بتقديم بيانه الوزاري خلال 30 يوم على الأكثر من تاريخ تشكيل الحكومة إلى مجلس الشعب لمناقشته. وتحمّل الحكومة مسؤولية تنفيذ بيانها أمام مجلس الشعب. على أن المادة لا تمنح المجلس صلاحية رفض البيان الوزاري وتقتصر مهمته على النقاش فحسب.
وتعطي المادة 78 للمجلس حق تأليف لجان مؤقتة من أعضائه لجمع المعلومات وتقصي الحقائق في المواضيع التي تتعلق بممارسة اختصاصاته. فضلاً عن منحه صلاحية إحداث نفقات جديدة وموارد لها بعد إقرار الموازنة وفق المادة 81.
وتقول المادة 82 «تُعرض الحسابات الختامية للسنة المالية على مجلس الشعب في مدة لا تتجاوز عاماً واحداً منذ انتهاء هذه السنة ويتم قطع الحساب بقانون، ويطبق على قطع الحساب ما يطبق على الموازنة في الإقرار».
هذه المواد الدستورية تظهر الأدوار المحورية لمجلس الشعب بدءاً من الدور التمثيلي للنائب ودوره التشريعي كواضع للقوانين التي تحكم مختلف جوانب الحياة في الدولة. إضافة إلى دوره الرقابي على الحكومة سواءً لناحية الاستجواب وحتى حجب الثقة أو لناحية الرقابة المالية في إقرار الموازنة والرقابة على تنفيذها.
فهم خاطئ
ربما تعرّض مفهوم عضو مجلس الشعب لفهم خاطئ فتعامل معه المرشحون على طريقة البحث عن عمل. إلى جانب الفهم الأكثر خطأً لمفهوم حصانة البرلماني والتي هي بالأصل تتعلق بعدم محاسبته عمّا يورده من آراء خلال المناقشات داخل البرلمان وليس في القضايا الجنائية أو في الخلافات الشخصية.