الغربة في الوطن.. أنا لاجئ آه يانيالي
نحن الذين بقينا في البلاد ماذا اكتشفنا مع مرور الوقت؟
الغربة في الوطن.. أنا لاجئ آه يانيالي.. ربّما اعتقد كثيرون أن اللجوء تهمة سترافقهم طيلة حياتهم. واختاروا البقاء في البلاد خوفاً من بلاد مجهولة (على مبدأ اللي منعرفوا أحسن من اللي منتعرف عليه).
سناك سوري- ميس الريم شحرور
وبمرور الوقت اكتشفوا أن الانتظار على طوابير الخبز والمازوت والبنزين غربة في الوطن.
وأن الموت على أبواب المستشفيات دون وجود أدوية أو معدات للحالات المستعصية غربة في الوطن.
وأن تنتظر ساعة كهرباء ليكتمل نهارك وتملأ خزان المياه أيضاً غربة.
أن تموت صبية جوعاً في وقت تهدر الأموال العامة على اجتماعات إدارات عليا في فنادق (مالديفية) أيضاً غربة.
ونعتٌ أقبح من “لاجئ” أنْ تكتشف بعد سنوات من التغني بانتمائك الهونولولي أن من علّموك تراتيل “الآه يا نيالي” كان بعضهم من بين الملتحقين بركب “المغادرين”. وتغنوا بإقاماتهم وجوازات سفرهم في البلاد الجديدة.
بينما بقيت أنت وحدك في وجه العاصفة تغني “من هون ما منفلّ ، حصرم بعين الكلّ.. بهالأرض بدنا نضلّ، لو بقي خمس بيوت”.
ولما حدا مغترب يقلك ليش عملت هيك بحالك ، ما كنت تسمع مني وتقدم لجوء؟!، بتحس حالك متل لما سألوا هداك الولد: مين فتح الأندلس، وجاوب: بعرف بس ما بدي قلك. يعني لا إنت راضي تعترف بالهزيمة ولا عندك جواب مقنع.
لاجئ ويعيد
بالأمس القريب صدرت قرارات رفع الأسعار والدعم والرواتب معاً. وطمأن مسؤول هونولولي الشعب أن قطاعي “الصحة والتعليم” ما زالا مدعومين. (الله يطمنك، معاليك خبرنا يعني منمرض وبتداوونا ، لأن عم نأجل المرض هالفترة وعم نسكّج بصحتنا تسكيج).
مع صدور القرارات الأخيرة اكتشف المتخلفون عن ركب اللجوء معنى أن يكونوا لاجئين في بلادهم. وأن يصبح الارتباط بالمكان تهمة تشهر في وجوههم كلما قرروا الشكوى لأشقائهم اللاجئين الذين ألصقت بهمة صفة “لاجئ” مرة واحدة.
بينما لم نمتلك نحن الذين بقينا حقّ “اللجوء“. إنما بقينا “نازحين” ولا يحق لنا رفع أصواتنا بالغناء “أنا لاجئ آه يا نيالي” .