العيد في دير الزور… تغيرات جوهرية في الطقوس وفرحة ابتعاد شبح داعش
العيد عاد… والطقوس تحتاج أن تُعاد
سناك سوري – فاروق المضحي
لا يخلو حديث بين صديقين من ذكريات العيد وأيامه قبل الحرب، في أحياء دير الزور اليوم تمتزج المشاعر مع اقتراب العيد على فقدان أخ وصديق ومنزل وشوارع تبعثرت فيها الذكريات بعد الدمار الذي حل بالمدينة .
المدينة الواقعة في شرق سوريا شهدت أحداثاً مؤلمة خلال السنوات الماضية كان أبرزرها حصار داعش الذي أذاق أهلها ويلات القذائف والصواريخ، ومعاناة الغلاء وانقطاع الغذاء وحتى الماء والكهرباء والوقود .. إلخ.
قبل الحرب وقبل داعش كانت “دير الزور” تجمع أبنائها على طقوس وعادات اجتماعية خصوصاً في شهر رمضان والعيد، العيد الذي تستعيد “أسماء الشيخ” من أهالي دير الزور ذكرياته بحسرة الواقع والمتغيرات، تقول لـ سناك سوري إن أكثر ماهو عالق في ذاكرتها من قبل الحرب عن العيد هو أصوات الأطفال ورائحة “الكليجة” وهي أشهر حلويات الديريين التي كانت النساء تتسابق لتقديمها خلال العيد.
تستعد دير الزور بإجراءات خجولة لاستقبال العيد هذا العام والذي يصادف غداً الأربعاء، يوم العيد له طقوس خاصة تاريخياً يستعيدها معنا “وائل العون” وهو مدرس من أبناء المدينة، يقول “العون” لـ سناك سوري إنهم اعتادوا زيارة القبور والأقارب صباح العيد، لكن خلال الحرب تحولت الحدائق إلى مقابر ولم يعد حتى للمقبرة شكلها المعتاد.
بعد المقابر ينطلق الأطفال إلى بيت الجد حيث يحصلون على العيدية وهي أهم الطقوس بالنسبة لهم لأنها بداية السعادة التي تقودهم إليها الحدائق والملاهي مع الأطفال الآخرين.
هذه الطقوس على بساطتها لم يبقى منها إلا زيارة بيت الجد بعد الدمار الكبير الذي شهدته المدينة، حتى بيت الجد لم يعد لديهم القدرة على إعطاء الأطفال العيدية في ظل الظروف الراهنة، كما أن الحدائق التي تحولت إلى مقابر تحولُ دون وجود بهجة في زيارتها فهي تحتضن جثامين أصدقاء وأحبة وجيران.. ولم تعد متنفساً.
غيَّرت الحرب الكثير في دير الزور فالكبار الذين كانوا يذهبون إلى الجسر المعلق أو الكورنيش للتمتع بالنهر لم يعد لديهم “جسر” فقد دمرته الحرب، يقول “أحمد دخول” في حديثه مع سناك سوري ويضيف، نحاول اليوم أن نخلق شيئاً من الفرحة والبهجة خلال هذا العيد ومحو الحقبة المظلمة التي عشناها.
لاتخلو الدير من ملامح العيد رغم الظروف القاسية التي مرت بها، فالأهالي أوجدوا بعض التفاصيل التي تحيي العيد لديهم كمكان للعب الأطفال والطرق غداً ستكون سالكة إلى بيوت الأجداد في محاولة لدفع عجلة الفرح للأمام بعد أن عثرتها الحرب وغيرت الكثير من مسبباتها.
يؤمن أبناء الدير أن ماحصل نتيجة طبيعية للحرب، الحرب التي تسرق الفرحة وتخلف الخراب، لكنهم يحاولون بأشكال مختلفة النظر لماضي الحرب للتعلم منه والانطلاق نحو غدٍ يبتسم فيه الأطفال وتحافظ على ابتسامتهم للأجيال القادمة بعيداً عن الحروب وداعش والتطرف والعنف والسلاح والكثيييير من مسببات هذا الواقع.
اقرأ أيضاً “دير الزور”.. شراء ألبسة العيد مهمة مستحيلة والأصعب معرفة سبب الغلاء!