العنف ضد النساء محمي بالعادات والتقاليد وقصور القانون – لينا ديوب
سعاد تعمل كوافيرة وفي الأرض لمساعدة زوج يضربها حين ترفض معاشرته
بالإضافة إلى عملها في صالون حلاقة، تعمل “سعاد” (39) عاماً في الأرض، لتسد احتياجات أسرتها، حيث لا يكفي راتب الزوج، الذي يجبرها على المعاشرة الزوجبة، دون مراعاة رغبتها أو حالتها الصحية، وارهاقها الجسدي، وإن رفضت يكون نصيبها الضرب أمام ولديها، تقول “منى” زميلة “سعاد” في صالون الحلاقة، لسناك سوري: «لماذا لا يتم تسليط الضوء على هذا العنف المخفي، إنه يقتل ببطء، ولا أحد يعترف به إلا الصديقات المقربات، الأهل والدين لا يقفون مع من كانت حالتها كسعاد».
سناك سوري-لينا ديوب
إن حالة “سعاد” محمية بغياب قانون يجرم الاغتصاب الزوجي، وهو ليس القانون الوحيد الغائب، أيضا، قانون التحرش في أماكن العمل، وقصور القوانين الأخرى المعمول بها حاليا، مما يدفعنا للسؤال عن أهمية إقرار قانون خاص لحماية المرأة من العنف وليس العنف الأسري فقط.
تقول المحامية “اعتدال محسن” لسناك سوري: «بعد أن تخطى العنف المسلط على المرأة حدود الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية وبات يظهر إلى العيان داخل الأسرة والشارع أو في العمل، وفي ظل تغاضي القانون في بعض الاحيان عن الكثير من أنواع العنف المتفاوتة التي تسلط ضد النساء، أضحى قانون خاص لحماية المرأة أساسي وداعم لمجابهة العنف الموجه ضدها بالإضافة إلى ثقافة وبنية اجتماعية تحارب هذا العنف»، تضيف: «هذا القانون يجب أن يكون مدعم بكافة الآليات والإجراءات التي تتيح الحماية للضحية والردع للجاني في آن معا. حيث يسمو وبشكل واضح على كل الأفكار والعادات التي تنهج تعنيف المرأة وتعتبرها من الأمور الحياتية العادية أو شأن خاص لا علاقة للقانون به».
اقرأ أيضاً: إلى متى نسمح للأعراف بالتحكم بحياة النساء؟ – لينا ديوب
التعديلات ليست الحل
لم تستطع التعديلات المتتالية على أهميتها سواء على قانون العقوبات أو قانون الأحوال الشخصية أن تحقق المطلوب منها لجهتي الحماية وتكريس ثقافة نبذ العنف، مرة جديدة نتساءل عن قانون خاص، تتحدث المحامية “رهادة عبدوش” لسناك سوري عن تجارب كل من تونس ولبنان قائلة: «استطاعت تونس ولبنان إصدار قوانين خاصة بالعنف الأسري، فكان القانون التونسي لحماية النساء من العنف عام 2017 وهو يهدف لوضع تدابير لحماية النساء من التمييز، وحمايتها من كافة أشكال التمييز والعنف النفسي والاجتماعي والاقتصادي والجسدي والجنسي واعتبروا الضحية هي المرأة والأطفال المحتملين كضحايا وهنا يقترب التشريع من هموم النساء الأمهات بشكل جيد فلا يمكن إنقاذ الأم لوحدها دون أطفالها».
وتصيف: «وضعوا بنوداً خاصة بالوقاية وبنودا خاصة بالحماية، وتم تعديل المواد القانونية التمييزية ضد النساء والتي تخضع إليها النساء».
تجربة
عن التجربة اللبنانية تقول “عبدوش”: «أقرت لبنان عام 2014 قانون حماية للنساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، وقد لاحظوا جميع أنواع التمييز بين النساء والرجال في كثير من النقاط ومنها في جرم الزنا حيث حصروا الشكوى بالزوج أو الزوجة فقط بعدما كانت الشكوى بالنسبة للمرأة تمكن لولي أمرها إضافة الى الزوج ووضعوا نفس العقوبات لكليهما وهذا لم يكن موجوداً تماما كالقانون السوري، إلا أنهم لم يستطيعوا إيجاد عقوبة على الاغتصاب الزوجي حيث أن رجال الدين وقفوا بوجههم لكن استطاعوا وضع عقوبات على الجماع تحت تهديد الضرب ووجود علامات تؤكد ذلك».
تراه “عبدوش” قانونا جيدا، ضموا به الحماية والوقاية ولاحظوا طرق الشكوى والتبليغ وحماية الشهود. بالنسبة لسوريا تقول: «نتطلع لإيجاد قانون يحمي المرأة من كافة أشكال العنف الذي تتعرض له بسبب الجنس وحمايتها، وكذلك حماية أولادها معها، وإيجاد قوانين تضمن كرامتها كبيت الحاضنة وصندوق النفقة، ونأمل لوجود قانون خاص للطفل والرعاية البديلة لكن هذا مستقل عن حماية النساء من العنف».
اقرأ أيضاً: المرأة الموظفة.. مساواة في العمل وجهد مضاعف بالمنزل – لينا ديوب
تطور واقع النساء يفرض تطور القانون
ثمة تعليقات عن تأثير الحرب والفقر على ازدياد حالات العنف، ربما تحمل بعض الصحة، لكن العنف كان موجودا في زمن السلم وإن كنا لا نملك بيانات عنه، إلا دراسات قليلة ومتباعدة حكومية أو لمنظمات نسوية، لكن ظاهرة العنف ضد النساء متجذرة ومحمية بالعادات والتقاليد وقصور القوانين وتأييد الدين لها بتفسيرات من مفسرين، وبدأت تظهر للعلن مع تطور واقع النساء في المجتمع وظهور جمعيات تعمل على إدانتها وكتابة الإعلام عنها.
لبناء مجتمع معافى وأسرة سليمة مفيدة لجميع أبنائها، لابد من استمرار الكشف عن هذه الظاهرة لمعالجتها، ويبقى للقانون الدور الأهم بتجريم الفعل العنيف ليس في البيت فقط وإنما في الشارع وأماكن العمل.
اقرأ أيضاً: هل لدينا إجراءات رادعة لوقف العنف ضد النساء؟ – لينا ديوب