الشارع ليس آمناً.. طلب استعارة جوالها ثمّ فرّ هارباً
المراهقون في خطر ومصدر للخطر!
سناك سوري-رهان حبيب
لم يكن الحزن على فقدان هاتفها المحمول، الشعور الوحيد الذي تملّك “ميسون”، الموظفة الخمسينية، حين سرقه منها شاب قدرت عمره بأنه لا يتجاوز الـ17 من عمره، بعد أن طلب استعارته في أحد شوارع “السويداء”، بحجة أنه يريد مكالمة والدته، ثم أخذه وفرّ هارباً، دون أن تتمكن من الجري خلفه.
تؤكد “ميسون”، لـ”سناك سوري”، إنها شعرت بدهشة كبيرة من سلوك شاب صغير العمر، ما أوقفها قليلاً، مشيرة أنها غالباً ما تتخذ الحيطة من الغرباء الذين يظهر عليهم سلوك معين، وتضيف: «مؤخرا كنت أرتاب من مرور البعض في أوقات متأخرة أو أراقب تحركهم، للأسف هم شبان تعودوا سلوكيات خطرة ومؤذية، لكل من يتعامل معهم، وجاء الفلتان الأمني ليزيد الطين بلة».
رغم أن الكثير من الأهالي ينظرون إلى بعض الشباب والمراهقين على أنهم مصدر خطر بالشوارع خصوصاً بعد انتشار عدة حالات سرقة مشابهة لما جرى مع “ميسون”، إلا أن الغالبية يذهبون أعمق من ذلك ليقولوا بأن الخطر هو من يتهدد أولئك الشبان، المؤهلين ليتحولوا إلى مجرمين بسبب الظروف السائدة بالبلاد، في حال لم يتلقوا المساعدة المناسبة، سواء من الأسرة أو من المجتمع ككل.
“زيد” 53 عاماً، ووالد لشابين ببداية عقدهما الثاني، يقول إن أقصى ما يستطيع فعله هو عدم السماح لهما بالتأخر ليلاً، وعدم التدخين بالمنزل، كذلك عدم تعودهما على المشروبات الروحية التي قد تؤدي إلى الإدمان، كما يقول لـ”سناك سوري”، ويضيف: «المشكلة اليوم بعدم القدرة على مراقبتهما خارج المنزل، مع ظهور سلوكيات غريبة ومنفرة في الشارع والأماكن العامة»، على حد تعبيره.
اقرأ أيضاً: السويداء… كلب أنقذ سيارة صاحبه من السرقة
تخبرنا “نوال”، 43 عاماً، غير موظفة، أنها تحاول جاهدة متابعة ابنها وهو في الصف الأول الثانوي، متحدثة عن صدمة كبيرة تعرضت لها حين علمت أن ولدها قام بتدخين “سيجارة ملغومة” (حشيش)، في آخر مرّة خرج بها مع رفاقه الذين تعرف عوائلهم، وأن ابنها أخبرها بالأمر كونه صريح معها، تضيف: «منعته من الخروج بعدها، لكني أدرك أنه يلتقي بهم وبغيرهم في المدرسة».
“نضال” 50 عاماً، حاول الحديث أكثر من مرة مع ابنه وابنته وهما بعمر 14 و16 عاماً، عن كيفية اختيار الأصدقاء، واستثمار الوقت، وهو يدرك أن وسيلة المراقبة محدودة، كونها مرتبطة بصراحة الأبناء، وما يريدون إخبار الأهل به، وما يحجبونه عنهم، مضيفاً: «للأسف كل الفرص مؤهلة للانحراف».
اقرأ أيضاً: سلاح اللاعنف – ناجي سعيد
الحل يبدأ بمرحلة الطفولة
يحتاج الأولاد في سن الشباب (المراهقة) الخصوصية و التفرد و محاولة الإبتعاد عن سيطرة الوالدين، ما يؤدي لمخاوف لدى الوالدين متعلقة بسلامة وسلوك أولادهم، بحسب ما قاله الباحث “مازن نصار”، دراسات عليا في المعالجات النفسية والأسرية، ويضيف لـ”سناك سوري”، أنه «يجب الاعتماد على التربية الصحيحة في المرحلة التي تسبق المراهقة، و هي الطفولة عن طريق تنشئة الطفل بشكل صحيح و زرع الثقة، و قوة الشخصية عنده و فتح قناة اتصال، و حوار معه من قبل الوالدين بشكل دائم و التقرب منه و التعرف على المشاعر التي تنتابه».
يؤكد “نصار”، أنه من الضروري الاستمرار في هذا النمط من التربية، حتى المراهقة ليتعود الأبناء عليها، ما يجنبهم الوقوع في فخ السلوكيات السيئة، عن طريق بقاء التواصل مفعلاً بينهم وبين والديهم، مضيفاً أن هذا الأسلوب هو الأفضل حالياً، «لأننا نرى أن المراهق في مرحلة من مراحل يخرج عن سيطرة التربية الصحيحة بسبب تربية الأهل المغلوطة و الخلافات الأسرية التي نراها بشكل كبير».
لا ينسى “نصار” التأكيد على دور المجتمع في هذا الأمر، من خلال «الضوابط المجتمعية وتكاتف الأهالي معها وزرع هذه الثقافة عند الأطفال منذ الصغر للحد من المظاهر السلبية، المتواجدة حالياً في المجتمع من سرقة وأذية للناس والعمل لبناء مجتمع سليم عن طريق التربية».
اقرأ أيضاً: أولادنا فلذات أكبادنا – نايلة حلاني