“السويداء”.. ناجون من هجوم “داعش” يروون تفاصيل اللحظات الأخيرة!
“حنين” قررت الانتحار مخافة الوقوع في الخطف.. و”وليد أنيس صعب” كما “نزار حسن” قرر بعد نفاذ ذخيرته، فتح القنبلة بعائلته وتجنب مصير مجهول مع “داعش” والجدة البطلة أنقذت أحفادها!
سناك سوري-رهان حبيب
بعد أن شهدت ارتقاء والدتها وشقيقاتها بأم عينيها برصاص “داعش”، لم تجد الشابة “حنين الجباعي” بداً من الانتحار، كي لا تقع فريسة وحوش بشرية قرروا أن يختطفوها، بعد أن عاثوا في قريتها “الشبكي” بريف “السويداء” خراباً وقتلاً ودماراً ووحشية، تقول “حنين” الناجية من “داعش” والإنتحار لـ سناك سوري: «تناولت حفنة من حبوب أمراض الكلى والضغط الخاصة بأمي ونمت في بطن كنبة قديمة منتظرةً مصيري».
تضيف “الجباعي” وهي تروي تفاصيل “الأربعاء الدامي” لـ”سناك سوري”: «أيقظتنا عند الرابعة فجراً أصوات وجلبة خلف منزلنا يرتفع فيها صوت أحدهم ليخبر الباقين بقي هذا المنزل يا “أبو سليمان”، وأحدهم يطرق بسلاحه باب منزلنا الريفي القديم ويصيح “افتحوا نحن الجيش”، أمي لم تفتح الباب وبقيت متمترسة خلفه، لكن القفل عجز عن مواجهة الرصاص لتسقط أمي ويشدنا الداعشي لنذهب معه، لم تمتلك أخواتي الصغيرات الجرأة للقفز إلى خزان الماء لكنني أفلت يدي بصعوبة منهم وقفزت».
في هذا الوقت كانت “الجباعي” تسمع صراخ شقيقاتها بعد وفاة والدتها برصاص “داعش”، وهنّ يقاومن “الوحوش البشرية”، فما كان من الدواعش إلا وأن أطلقوا النار عليهنّ ليرتقين مع والدتهنّ وتبقى “حنين” حبيسة خزان المياه، بينما اعتقد الدواعش أنها لقيت حتفها غرقاً، تضيف: «بعد 4 ساعات خرجت بصعوبة من الخزان حين اطمأنيت أنهم غادروا، شاهدت أمي وشقيقاتي في منظر قتل فيني كل رغبة في الحياة، تناولت أدوية أمي التي لن تحتاجها بعد اليوم وشربتها دفعة واحدة ونزلت في بطن كنبة قديمة، فقدت الوعي بعد ذلك حتى استيقظت في المستشفى، يبدو أن أحدهم قد أنقذني».
تقول “حنين” إن فكرة الانتحار ليست جديدة، فقد تدربت عليها مراراً وتكراراً طيلة السنوات الماضية، فالتنظيم قريب منهم وكانوا متوقعين أن يهجم عليهم بأي لحظة، لذلك كانت والدتها تخبرهم أن ينتحروا بأي طريقة ممكنة إذا أحسوا بخطر الخطف والوقوع بين يدي وحوش “داعش” خصوصاً أن والدها متوفى ولا أشقاء ذكور فقط هي وشقيقاتها وبدون أي سلاح، تضيف: «كانت ملامح مركباتهم ومعسكراتهم تظهر من بعيد طوال الـ7 سنوات الماضية، مثل أي جيران، وبالطبع لم يكونوا جيران الرضى وفق التعبير الدارج في هذه المنطقة المشهورة بالكرم واستقبال الضيف، كانوا غزاة وطلاب أرواح وقتلة».
اقرأ أيضاً: الإرهاب يجدد وحشيته في “السويداء”.. ارتقاء قرابة ٦٧ مواطناً بين الريف والمدينة
الجدة التي أنقذت أحفادها قتلت اثنين من الدواعش ولم تمت!
الجدة البطلة كما تشتهر حالياً “أم محفوظ جمال الجباعي” وهي امرأة سبعينية، قتلت اثنين من عناصر “داعش” حين حاولوا اقتحام منزلها، أخبرت أحفادها وأصغرهم بعمر الـ7 أشهر أن يبقوا تحت الأسرة ومهما جرى خارجاً عليهم ألا يصدروا صوتاً أو أن يخرجوا، تضيف: «سمعت جلبة في الخارج وحين نظرت من الشباك وجدت رجلين قادمين استشعرت الخطر الكبير ركضت إلى العلية وأخرجت البندقية التي تركها ولدي للطوارئ وجدت فيها مخزناً ممتلئاً وآخر إلى جانبها أتيت بها ووقفت خلف الباب أنتظر».
أشعل الداعشيان النار على باب منزل الجدة وأحفادها وأعقباه بإطلاق نار كثيف، أدى لإصابتها برصاصة في بطنها، لم تمنعها من قتلهما لاحقاً، تضيف لـ”سناك سوري”: «كلما اقترب أحدهم من الباب “ناولوا” سقط اثنين لم أخف على نفسي بقدر خوفي على أحفادي الأربعة، والدهم يؤدي واجب عمله في “دمشق” وإن مت كان يكفيني سلامتهم من وحوش طرقت أبوابنا تحت جناح الليل، وبطيبتنا نستقبل كل غريب».
اقرأ أيضاً: السوريون يتضامنون مع أهالي “السويداء”: “يا جبل ما يهزك ريح”
في مشهد يتكرر للمرة الثانية خلال الحرب السورية.. “وليد أنيس صعب” فتح قنبلته به وعائلته!
تكرر المشهد الذي كان بطله عام 2013 المهندس “نزار حسن” الذي فتح قنبلته بعائلته إبان هجوم جيش الإسلام بزعامة “زهران علوش” على “عدرا” العمالية مفضلاً الموت على الوقوع في قبضتهم، ليكون بطله عام 2018 “وليد أنيس صعب” من قرية “الشريحي” الذي حوصر مع زوجته وبناته من قبل عناصر تنظيم داعش فقرر فتح قنبلته ليلقى حتفه مع عائلته في مشهد يخر له جبين الإنسانية.
“سناك سوري” التقى “عمر الحلبي” وهو ابن أخت “وليد صعب”، فقال: «هي آخر محاولاته للنجاة فالاشتباك طال بينه وبين الدواعش، لكن الذخيرة خذلته وكانت النهاية».
اقرأ أيضاً: وزير السياحة يوقف الفعاليات الفنية حداداً على ضحايا “السويداء”
أخيراً، هي ليست المرة الأولى التي يسيل فيها الدم حاراً وغزيراً في قرى المقرن الشرقي التي أُطلق عليها “معقل الثوار” إبان الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة الشيخ “سلطان باشا الأطرش”، حين وضعت أولادها بإمرة الشيخ.. يستذكر أهالي المنطقة اليوم الثائر “رشيد طليع” الذي دفن واقفاً في تصديه للاحتلال الفرنسي آنذاك، ليصبح فيما بعد رمزاً للنضال والتضحية ضد كل مستعمر، وهاهم أحفاده اليوم يتحولون إلى رموز على مذبح الإنسانية التي تدمرها داعش والتنظيمات المتطرفة.
جدير بالذكر أنه هذه المجزرة ليست الأولى من نوعها فقد سبقها مجازر عديدة منها المجزرة الأشهر في أب 2013 التي حصلت في اللاذقية والتي راح ضحيتها مئات المدنيين السوريين وخطف حينها المئات أيضاً بعضهم لم يتحرروا حتى الآن.
اقرأ أيضاً: السويداء مفجوعة بأبنائها.. شوارع خالية إلا من “الفزعة”