
إعادة تدوير ما توفر والبحث عن الأقل سعراً بعيداً عن الجودة
سناك سوري – طرطوس والسويداء
يستعد السوريون لاستقبال العام الدراسي الجديد الذي قرر الفريق الحكومي مؤخراً تأجيله حتى الثالث عشر من شهر أيلول الجاري بعد اطلاعه على البروتوكول الذي أعدته وزارة التربية للتصدي لفيروس كورونا، وسط حالة من المعاناة نتيجة ارتفاع الأسعار الذي فرض ظروفاً معيشية صعبة على المواطنين الذين يبحثون عن خطط وطرق لتأمين مستلزمات العملية التعليمية لأبنائهم.
ففي “السويداء” يختصر مشهد الشوارع الفارغة من الأهل والأولاد الباحثين عن مستلزماتهم من قرطاسية ولباس مدرسي الوضع الذي تحدث عنه، “مهران كمال الدين” شاب يمتلك مكتبة كانت في مثل هذه المواسم تعج بالمتسوقين، وأصوات الطلاب والأهالي فيقول: «في أعوام سابقة كنا نصل الدوام المسائي بالصباحي لنلبي احتياجات الزبائن هذا العام وقبل عدة أيام من تاريخ افتتاح المدارس المقرر في الثالث عشر من شهر أيلول القادم لم يزرني إلا بعض الأهالي الذين حاولوا التعرف على قائمة الأسعار».
“كمال الدين” حاول أن يقدم أسعاراً منافسة، لكنها لا تنسجم وضيق الحال الذي يجده خلف ركود المبيع، حيث يقول: «أقل سعر قدمته للدفاتر كان 750 ليرة للدفتر، ووفق احتياج الطالب فإن طالب واحد في الصف السابع سيكلف أهله 7 آلاف ليرة دفاتر، دون الحقيبة التي عرضتها بتسعة آلاف ونصف وفي الأسواق أسعار أغلى بكثير لتصل الحقيبة إلى 20 ألف وأكثر من ذلك».
ما رصده سناك سوري في هذه المكتبة ومكاتب أخرى يؤكد صعوبة تأمين المستلزمات المدرسية لدى كثير من الأسر العام الحالي، فعلى مستوى الدفاتر سعر 750 ليرة للدفتر حقيقي لكنه بجودة أقل، كما بين “مراد الحلبي” الذي التقيناه وهو يستعرض الأسعار وقال: «تعرض المكاتب قائمة متنوعة بأسعار ترتفع ليصل ثمن دفتر واحد إلى 2500 ليرة تبعاً للتصميم والحجم وغيرها من المزايا التي تدفع الطالب الثري للشراء وما للفقراء إلا النظر وشراء الدفتر الرخيص لمن استطاع إليه سبيلا وطبعاً لن نتمكن من شراء العدد الكافي».
اقرأ أيضاً: كتب الثانوية بـ13 ألف ليرة وتربية طرطوس تتجاهل مقترح بتدويرها
اللباس المدرسي للتعليم الأساسي تاه بين العرض والطلب
قدم تجار من المدينة بالتنسيق فيما بينهم عروضاً على المريول بهدف تقديم مريول بسعر مخفض بدأ من 2700 ليرة بنوعية معينة من الأقمشة، في الوقت الذي عرضت متاجر أخرى قطع صنعت من قبل ورش في “دمشق” وفق تعبير التجار بجودة أفضل وصل سعرها إلى 6 و7 آلاف، ووفق “مهيبة أبو العز” أم لطفلين فإن تكلفة الحصول على مريولين تصل إلى ١٢ ألف وطبعاً لن تتمكن من الحصول عليها بشهر واحد، وتضيف:«سأحاول الشراء لأولادي من محلات العروض وإن كان القماش أقل جودة سأشتري المطلوب على شهرين أو ثلاثة للأسف هكذا تحكم الظروف».
وفي طرطوس تتزين واجهات المحال التجارية بالقصات الجديدة للباس المدرسي بمختلف مراحله ولكن أرخصها سعراً جعل رب الأسرة “فريد موسى” يقف حائراً كيف سيتدبر أمر شراء لباس أولاده الأربعة الذي يتبادلون اللباس المدرسي فيما بينهم منذ نحو عامين تقريباً، أي ما بين الكبير والأوسط والصغير، كلٌ حسب المرحلة التعليمية التي وصل إليها، مما يعني أنه من المفترض شراء لباسين جديدين للكبير والأوسط .
في الوقت نفسه تتمنى ربة الأسرة “صبا عمران” أن يعطي قرار تأجيل المدارس وقتاً لتكون الأسعار قد انخفضت بالتزامن مع تشكيل حكومة جديدة.
اقرأ أيضاً: مجانية التعليم في سوريا وتحديات غلاء المستلزمات
ويقول “موسى” في حديثه مع سناك سوري:«لدي ولدان في المرحلتين التعليميتين الإعدادية والثانوية، وهذا يعني أنهما بحاجة إلى نحو /50000/ ثمن للباسهم المدرسي وفق الأسعار الرائجة الآن، ووصول سعر القميص لنحو /8000/ ليرة والبنطال لحوالي /5000/ ليرة لطالب المرحلة الثانوية، وكذلك ثمن ثياب طالب المرحلة الإعدادية، دون التحدث بثمن الأحذية والقرطاسية لكل منهما، “بالتأكيد أفكر بكل جدية مع فرصة تأخير افتتاح المدارس، الحصول على سلفة مالية نقابية صغيرة، لأتمكن من شراء مستلزمات لباس طالبين وقرطاسية أولادي الأربعة، والتخلي عن فكرة الاستدانة من أحد التجار أو المعارف، كما سأتوجه إلى المحال التجارية البعيدة عن مركز المدينة، للحصول على أسعار مقبولة».
تنتظر “سمية عمور” هذا العام وهي الزوجة التي فقدت زوجها بسبب الحرب ما تتكرم به عليها الأيادي البيضاء كما كل عام، وخاصة من أختها زوجة المزارع، وهذا تعتبره بصيص أمل تنظره كل عام وبعده تفكره بالخيارات الأخرى المتاحة، ولكن ريثما تصل إليها رسمت خطة أطلعت طفليها في الصف السادس والرابع عليها، مقدمتها الاحتفاظ بذات ملابس العام الدراسي السابق رغم أنها أصبحت باهتة وصغيرة قليلا وعمرها ثلاث سنوات، لأن الأسعار وفق ما شاهدته على واجهات المحال التجارية لا يمكن الاقتراب منها أبداً، وهي ضعف أسعار العام السابق، فسعر الصدرية وصل لـ /8000/ ليرة، وهذا يتجاوز قدرتها.
الموظفة “ميساء علي” لن تستطيع شراء مستلزمات مدارس أبنائها، بعد زيارة بسيطة للأسواق والاطلاع على أسعار اللباس، فهي أكثر من كاوية بالنسبة لها مع ثبات راتبها الشهري وتضاعف أسعار الملابس لحوالي الضعفين وأكثر عن العام الدراسي السابق، حيث كان سعر لباس المرحلة الإعدادية لا يتجاوز /8000/ ليرة أي نصف السعر الحالي تقريباً، بينما سعر لباس المرحلة الثانوية /9000/ ليرة وهو كذلك نصف السعر الحالي، دون وجود رقابة أو محاسبة للتجار كمحاولة لضبط الأسواق في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها.
ولكن ما فاءلها أن استهلاك الملابس في العام الدراسي الماضي لم يكن كبيراً بحكم إغلاق المدارس باكراً ضمن الإجراءات الاحترازية للتصدي لفايروس الكورونا، وحتى بالنسبة للقرطاسية الذي زاد سعر الدفتر فيها عن الضعف مقارنة مع العام الماضي، ليصل إلى /1000/ ليرة للدفتر الواحد نوع شريط، حيث كان سعره العام الماضي /375/ ليرة من ذات النوع، بينما القلم الأزرق تجاوز /300/ ليرة بعد أن كان سعره العام الماضي /100/ ليرة، وهذا يدفعها لإعادة تدوير كافة الدفاتر التي لم يتم استهلاك أوراقها العام الماضي.
المراسلون: نورس علي – رهان حبيب
اقرأ أيضاً: مستلزمات المدرسة: فوارق كبيرة بالأسعار بين العاصمة والمحافظات… ومطالبات بخروجها من دائرة الربح والخسارة




