بدأ السوريون من ليل أمس دفن ضحاياهم من أهل وأصدقاء وجيران وأحباب كانوا قد قضوا في الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد 6 شباط 2023. ومازالت أعمال التشييع مستمرة في حين إلى الآن مازال هناك من هم تحت الأنقاض وسط شكوك في بقاء معظمهم على قيد الحياة.
سناك سوري-دمشق
في حين تشردت مئات العائلات ودمرت مئات المنازل. بظل حاجة قصوى للمساعدة وإمداد البلاد بالاحتياجات اللازمة من معدات لوجستية ومساعدات إنسانية.
ويواجه وصول المساعدات إلى سوريا عقبات سياسية واضحة. حيث يفرض الغرب عقوبات وحصار ومقاطعة على سوريا ما يمنع شركات الطيران من الهبوط في مطارات سوريا. إضافة لمنع شركات الطيران السورية من الهبوط في معظم عواصم العالم ما يحول دون قدرتها في نقل المساعدات.
كما إن أكبر المنظمات المانحة على مستوى العالم (خارج منظمات الأمم المتحدة) تحظر التعامل مع الحكومة السورية أو أي من مؤسسات الدولة بسبب العقوبات. ما يحول دون أي تعاون بين هذه المنظمات والمؤسسات التي تنفذ عمليات الإغاثة والإنقاذ فعلياً.
يضاف إلى ذلك أن شركات النقل الدولية البحرية على سبيل المثال تمتنع عن التعامل مع الحكومة السورية خوفاً من العقوبات. أو بسبب مايعرف بفرط الامتثال للعقوبات. مايضيق القدرة على استخدام البحر كأداة لنقل المستلزمات أيضاً.
القيود الغربية المفروضة على سوريا تمتد إلى القدرة على استخدام البنوك والتحويلات وإلخ من مصادر رئيسية لتأمين الاحتياجات.
في الوقت عينه فإن القدرات الاقتصادية للدولة السورية في الحدود الدنيا وليس لديها إمكانيات التعامل مع نتائج هذه الكارثة. فإذا عدنا للخلف قليلاً إلى الحرائق التي التهمت الأراضي الزراعية نجد أنه إلى الآن لم تتم معالجة آثارها بالكامل بسبب ضعف القدرات. فما هي المدة التي ستحتاجها الحكومة السورية وحدها لمعالجة آثار الزلزال المدمر!. وهل يستطيع الناس الانتظار بالعراء والخطر؟!.
في عام 2019 قدرت محافظة حلب وجود 10 منازل آيلة للسقوط في المحافظة وحدها. واليوم بعد هذا الزلزال كم أصبح هذا العدد. فمن خلال الرصد بالعين المجردة في شوارع اللاذقية وجبلة وحماة وحلب وإدلب سنجد مئات الأبنية الجديدة الآيلة للسقوط. هذه الأبنية لا تتوفر الإمكانيات اللوجستية لهدمها أو تدعيمها. وربما تبقى خطراً يهدد الأبنية الأخرى المحيطة وسكانها لفترات طويلة وقد تسقط عليهم بأي وقت.
ما تحتاجه سوريا هو تدخل عاجل ومباشر واستثنائي للتعامل مع هذه الكارثة بعيداً عن التسييس أياً كان نوعه وأياً كان الطرف الذي يقوم به. حياة الناس وسلامتهم أهم من الأجندات والبروبغندات.
الشعور باليتم
يشعر السوريون بأنهم يتامى عندما يقارنون حجم الاهتمام بتركيا وهي دولة تمتلك إمكانيات مضاعفة عن إمكانيات دولتهم. في وقت يغيب الدور الانساني للعالم عن بلادهم. وهم لا يقصدون بذلك عدم مساعدة تركيا فالإنسانية لا تتجزأ بل يرمون إلى أن الانسانية تطلب أن يتم التعامل معهم بالمثل على الأقل.
وتداول ناشطون سوريون على نطاق واسع، صورة تظهر حركة الطيران الكثيفة على تركيا المنكوبة بالزلزال، بينما تخلو السماء السورية من أي طائرات. في وقت أحوج ما يكون فيه السوريين للمساعدة من تبعات الزلزال المدمر.
العديد من الناشطين طالبوا بعدم تسييس المساعدات ورفع العقوبات عن بلادهم، ليتم الوصول إلى الأسر المحتاجة للدعم والمساعدة في ظل الكارثة الحالية.
وقال الصحفي “بلال سليطين”، إن ما حدث كارثة بكل المقاييس، مطالباً العالم بالتحرك والمساعدة الفورية للمنكوبين، والتي تتضمن رفع العقوبات.
أما “ياسر” فقدم شرحاً عن واقع البلاد والسوريين المؤلم نتيجة الحرب، وأضاف أنه يتوقع من المجتمع الدولي رفع العقوبات عن سوريا. وإنقاذ السوريين من الكارثة، وسط الحاجة لمعدات إزالة الأنقاض وسيارات الإطفاء والإسعاف.
مساعدات خجولة حتى الآن
أفادت وكالة سانا السورية الرسمية، عن وصول طائرتين من “العراق”، تحمل كل منهما نحو 70 طناً من المواد الغذائية والطبية والمستلزمات الضرورية. وقال رئيس الدائرة العربية في وزارة الخارجية العراقية، “أسامة مهدي”، إن قافلة محملة بالوقود ستنطلق إلى “سوريا” غدا.
اقرأ أيضاً: الفارس الشهم 2.. الإمارات تطلق عملية إنسانية لمساعدة سوريا
في غضون ذلك وصلت طائرة إيرانية تحمل مساعدات إغاثية إلى مطار “دمشق”. وقال السفير الإيراني لدى سوريا، “مهدي سبحاني”، إن الطائرة تضم 450 طناً من المساعدات الإنسانية. لافتاً أن طائرة أخرى ستهبط في مطار حلب تليها ثالثة إلى مطار اللاذقية.
بدورها أصدرت وزارة خارجية نيوزيلندا، بياناً. قالت فيه إنها عازمة على تقديم مساهمة أولية بقيمة 500 ألف دولار نيوزيلندي لدعم الهلال الأحمر السوري. معربة عن حزنها العميق إزاء الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن الزلزال في سوريا.
كذلك أعلن الجيش اللبناني في بيان له، إرسال 15 عنصراً من فوج الهندسة، للمساهمة بأعمال البحث والإنقاذ في “سوريا”. بينما أفادت محافظة “حلب” عن وصول طائرة جزائرية على متنها 110 عنصر من الحماية المدنية، إلى المحافظة للمشاركة في عمليات البحث والانقاذ.
في سياق متصل، أعلنت الإمارات بدء عملية الفارس الشهم2، التي تستهدف مساعدة سوريا وتركيا لتجاوز آثار المدمر في كلا البلدين. حيث توجهت أمس الإثنين أول طائرة مساعدات إلى تركيا. بينما لم يتم الإعلان بعد عن وصول طائرة مساعدات إلى سوريا حتى ساعة إعداد هذا الخبر عند الـ11 من صباح اليوم الثلاثاء.
وارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في سوريا، إلى 812 شخصاً بمحافظات حلب واللاذقية وحماة وريف إدلب. إضافة إلى 1449 إصابة. في حصيلة غير نهائية لوزارة الصحة اليوم الثلاثاء. في حين وصلت الأعداد في إدلب ومحيطها وفق منظمات غير حكومية إلى 790 حالة وفاة و 2200 إصابة.
اقرأ أيضاً: زلزال مدمر يفتح بيت عزاء كبير في سوريا… جراح السوريين واحدة