
هل العقوبات والحصار مسؤولان عن الإهمال والتقصير لبعض المسؤولين أيضاً؟
سناك سوري-متابعات
أوصى الجهاز المركزي للرقابة المالية، المحامي العام في “حمص”، بتحريك دعوى قضائية ضد المدير السابق للسورية للغاز، ومدير عام شركة محروقات السابق، بالإضافة إلى المتعهدين صاحبي شركة خاصة تعاقدت مع السورية للغاز، لاستثمار الآبار الغازية في حقول شمال “دمشق”، وربطها مع محطة توليد “جندر”.
ووفق موقع الوطن أون لاين، فإن الجهاز المركزي، كشف عن مخالفات بالعقد المبرم بين السورية للغاز وإحدى الشركات الخاصة للخدمات النفطية، المتضمن استثمار بئري “قارة” و”البريج” للغاز، وربطهما مع محطة “جندر”، ليتبين من خلال التحقيقات أن الشركة الخاصة عملت على استخدام بيانات غير صحيحة وارتكبت الغش والتدليس، حيث «قدمت الهيكل التنظيمي للشركة لعمال لم يعملوا أبداً لدى الشركة وكانوا يعملون لدى شركة الفرات للنفط، كما تم تقديم ميزانية ممهورة بختم محاسب قانوني من دون إرفاق وثائق ومؤيدات تثبت صحة ما جاء بهذه الميزانية».
الجهاز المركزي للرقابة المالية، حملّ مدير عام السورية للغاز السابق، مسؤولية قيام شركته إبرام اتفاقية مع مؤسسة الإسكان العسكرية لاستئجار آليات واستجرار مواد لمصلحة المقاول، بعد أن منح ميزة للمقاول على باقي العارضين، «إضافة لعدم عرضه موضوع الاتفاقية على المديرين القانوني والمالي بالشركة».
عند إرسال العقد للتصديق من اللجنة الاقتصادية، أُرفق معه جدول تحليل أسعار أولي على أن يتم إصدار جدول تحليل أسعار نهائي بالكميات بعد انتهاء أعمال المسح الطبوغرافي، «إلا أنه تم تعديل جدول تحليل الأسعار بالأسعار والكميات، ما أدى إلى قبض المقاول مبالغ زائدة غير مستحقة واجبة الاسترداد بقيمة 28.3 مليون ل.س».
بالإضافة إلى ما سبق، فإن المتعهد استعار مواد من مستودعات السورية للغاز، لعدم قدرته على توريدها خلال زمن قريب وحاجة المشروع لها بهدف التشغيل المبكر، كما قام باستجرار المحروقات لمصلحة المشروع بالسعر المدعوم، وأضاف تقرير الجهاز المركزي أنه وبتاريخ شهر نيسان 2018، لوحظ «عدم انتهاء المتعهد من موضوع الردميات وحماية الخط وهذا موضوع بغاية الخطورة كان على لجنة الإشراف التنويه له لأن خطوط الغاز يجب أن تكون محمية تماماً ومطمورة قبل إدخال الغاز».
اقرأ أيضاً: ازدحام على البينزين في عدة محافظات… السيارات تقف بطوابير لساعات
لجنة
البعثة التفتيشية طلبت من مدير عام المؤسسة العامة للنفط، تشكيل لجنة فنية من ذوي الخبرة والكفاءة لدراسة العقد، وبالفعل تم تشكيل اللجنة منتصف شهر كانون الثاني من العام الجاري، لتجري بعدها «دراسة للعقد والاطلاع على المشروع وتسجيل العديد من الملاحظات كما حددت الأعمال غير المنفذة، علماً أن الأعمال المتبقية كبيرة والمشروع غير مستلم».
تبين أيضاً وجود مخططات هندسية تحمل شعار شركة أخرى، تم تقديمها على أساس أنها من الشركة الخاصة، «وأن هذه المخططات ذات تكلفة مالية ويتم الصرف عليها حيث بالعودة لجدول تحليل السعر تبين أن قيمتها حوالي 23 مليوناً، إضافة لعدم التسوية النهائية للموقع رغم صرف ما نسبته 100 بالمئة على هذا البند وكان المفروض من لجنة الإشراف توقيف مبلغ حوالي 5 ملايين للاستكمال، فضلاً عن عدم تركيب صمامات بسبب عدم توريده ما يعني أن تشغيل الخط حالياً غير آمن، إضافة لعدم تشغيل الحماية المهبطية التي تحمي الخط من التآكل بسبب عدم استكمال التوريد ما يعني تقليل العمر التصميمي للخط وزيادة درجة الخطورة، وعليه فإن مشروع شمال دمشق حالياً يعمل بوضعية غير آمنة وبدرجة عالية الخطورة».
غرامات تأخير
تجاوزت المبالغ المالية المترتبة على المقاول نتيجة غرامات التأخير، غير المحصلة 223 مليون ليرة سورية، «إضافة لسلفة لمصلحة الإسكان بقيمة 2.1 مليون ليرة، ونحو 5 ملايين ل.س ذمة لقاء تلافي الملاحظات الفنية على تهيئة الموقع، و2.4 مليون ل.س ذمة لقاء رص الأرضية، و2.8 ل.س ذمة لقاء أعمال الردميات، و59 مليون ل.س لقاء فروقات أسعار المحروقات، و25.3 مليون ل.س لقاء صرف مبالغ غير مستحقة نتيجة تعديل جدول الأسعار، و2.1 مليون ل.س بموجب قرار وزير الزراعة نتيجة الاستجرار غير المشروع للتربة الناعمة، 27.6 مليون ل.س بسبب الصرف لقاء استجرار التربة الناعمة حيث تبين استخدام بقايا الحفر ونخله، و19.3 مليون ل.س رسوم متوجبة السداد لمؤسسة التأمينات الاجتماعية يضاف عليها 1.8 مليون ل.س للربع النظامي، بإجمالي تجاوز 374.6 مليون ليرة».
اقرأ أيضاً: حماة: أزمة البنزين تضّيق سبل عيش سائقي السيارات بزمن الكورونا
تحميل مسؤوليات
تقرير الرقابة المالية، حمل المسؤولية على كل أصحاب الشركة الخاصة، لتقديمهم بيانات كاذبة بالتواطؤ مع مدير عام شركة المحروقات، وعدم التزامهم بدفتر الشروط وتنفيذ المشروع ما جعل خط الغاز شمال “دمشق” يتم العمل به من دون حماية وبدرجة عالية من الخطورة.
كذلك حملّ مسؤولية على مدير عام شركة المحروقات السابق، «عن منح كتاب بأعمال الشركة الشاملة بشكل غير صحيح بناءً عليه تم تأهيلها، ولمدير عام السورية للغاز السابق عن إبرامه لاتفاق مع مؤسسة الإسكان العسكرية من دون عرض على الجانب القانوني والمالي بالشركة وقيامه بتمويل المقاول، وتأجيل حسم السلف على المقاول لقبل تصفية العقد، والموافقة على إعارته مواد من مستودعات السورية للغاز، وقيامه بتسطير كتاب للجيولوجيا بمضمون الاستجرار بشكل مناقض للواقع والموافقة على الصرف لكمية 12600 متر مكعب خلافاً للكميات المصرح عنها».
أيضاً تم تحميل المدير المالي السابق للسورية للغاز مسؤولية الموافقة على الصرف بما يخص الاتفاقية المبرمة مع الإسكان وتأجيل الحسم على المتعهد، وللجنة التأهيل عن الإهمال والتقصير لناحية التدقيق بالوثائق المقدمة من الشركة الخاصة، «واللجنة الدارسة للعروض الفنية عن التقصير بتدقيق العرض الفني المقدم من المقاول لناحية الجدول الزمني وقائمة المعدات، و لجنة الإشراف على المشروع لعدم تنظيم تقارير عمل يومية ما أدى لعدم إمكانية احتساب كمية المحروقات المستهلكة بالمشروع وكمية الرمل الناعم، وتعديل جدول تحليل الأسعار، وعدم التدقيق على الكادر الفني العامل بالمشروع من المقاول وتناقضه مع الكادر المقدم بعرضه الفني، والتراخي بمطالبة المقاول بإعادة المواد المستعارة من الشركة حتى تاريخ الشهر الثالث 2020».
وحمل التقرير المسؤولية للعاملين لدى شركة محروقات “حمص” مديرها العام ومديرها التجاري السابقين، لعدم الاستفسار من السورية للغاز عن السعر الواجب تسعير المادة به، مدعوماً أو صناعياً.
اقرأ أيضاً: توقعات بتحسن الكهرباء بعد اكتشاف آبار غاز.. بتظبط هالمرة؟
اقتراح عقوبات
وانتهى التقرير إلى اقتراح عقوبات بحق المخالفين، وهي كما جاءت في موقع الوطن أون لاين:
اقتراح إحالة أصحاب الشركة الخاصة إلى القضاء المختص بجرم الغش والتدليس سنداً لأحكام المادة 3 الفقرة /ج/ من قانون العقوبات الاقتصادي والتي تنص «يعاقب بالسجن خمس سنوات على الأقل من غش الدولة بمناسبة تعاقده أو تنفيذه هذا التعاقد».
وإحالة المدير العام السابق لـ«السورية للغاز» للقضاء سنداً لأحكام المادة /11/ الفقرة /أ/ من قانون العقوبات الاقتصادي والتي تنص: «من نفذ مشروعاً أو خطة إنتاجية بغير الوجه المحدد لهما يعاقب بالسجن من 3 إلى5 سنوات»، والمدير العام السابق لشركة المحروقات بجرم الإهمال سنداً لأحكام المادة 363 من قانون العقوبات العام والتي تنص «إذا ارتكب الموظف من دون سبب مشروع إهمالاً في القيام بوظيفته».
أبضاً اقترح التقرير إلغاء تأهيل الشركة الشاملة لثبوت عدم صحة الوثائق المقدمة من قبلها واستخدام مالكيها وثائق ثبت استخدام الغش والتدليس بها، وحرمان كلا المتعهدين مالكي الشركة من التعاقد مع جميع الجهات العامة لمدة خمس سنوات لما نسب إليهم في متن التقرير، وإلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لهما وعلى أموال زوجاتهما ضماناً لتسديد مبلغ 374.605.227 ل.س.
ووضع التقرير مخالفة المحاسب القانوني بتصرف رئيس مجلس المحاسبة والتدقيق وزير المالية، لختمها على قوائم مالية لا تعبر عن حقيقة المركز المالي للشركة التي على أساسها تم تأهيلها.
واقترح التقرير فرض عقوبة الحسم من الأجر الشهري المقطوع بنسبة 5 بالمئة لمدة ستة أشهر بحق أعضاء لجنة التأهيل لتقصيرهم بتدقيق وثائق الشركة، وفرض عقوبة الإنذار بحق رئيس لجنة التأهيل لتأشيره على قرار تأهيل الشركة من دون تدقيق، وعقوبة الحسم من الأجر الشهري المقطوع بنسبة 2 بالمئة لمدة شهرين بحق أعضاء اللجنة الفنية الدارسة للعرض الفني لتقصيرهم بالتدقيق بالوثائق المقدمة وأيضاً بحق المدير المالي، وفرض عقوبة تأخير الترفيع بحق لجنة الإشراف.
كل هذه المخالفات أتت في وقت كان المواطن السوري يعاني الأمرين مع أزمات الغاز والمحروقات، ما يشير بالدليل القاطع على أن الأزمات التي يقول المسؤولون إن العقوبات والحصار المسبب الرئيسي لها، لها مسببات داخلية أيضاً تتعلق بالفساد والمخالفات والتقصير بأداء المهام والمسؤوليات.
اقرأ أيضاً: مواطنون ينتظرون الغاز منذ أكثر من 3 أشهر