الرستن “ربة النهر” تستعيد ماحدث على ضفافه
سناك سوري – خاص
ترى هل أدركت الحرب حين قدمت إلى الرستن أنها ستحل ضيفة على مدينة “ربة النهر”؟!، أوليس جديراً بالحرب أن تخشى الرب؟!، أم أنها كافرة كصانعيها؟!.
بعيداً عن حمص حوالي 25 كم إلى الشمال، تسكن الرستن التي تعني أيضاً “أريتوزا” وترجمتها ربة النهر، ذكرها الباحث التاريخي “نعيم الزهراوي” في سلسلته عن تاريخ وجذور “حمص” فقال: «تعتبر بمثابة قلعة عالية تشرف على نهر العاصي».
وقيل عنها:«لم تكن “حمص” قبل العصر الروماني، وإنما كانت “الرستن” المدينة الرئيسية في المنطقة التي أسسها “سلوتس نيكاتور”، وكانت قاعدة إمارة عربية، دخلت تحت حماية الدولة الرومانية في عهد “أغسطس” و”طيباريوس”».
ماقبل الحرب كان عدد سكانها يبلغ 60 ألف نسمة، ما بعد الحرب لا نعلم، بحثنا في سناك سوري عن رقم دقيق لكن ليس هناك إحصائية جديدة دقيقة فالأرقام تخضع لأهداف ناشرها، لكن واقع الحرب يقول الكثير، لم يتبق في “ربة النهر” الكثير من أبنائها، لقد غادروها مكرهين إما للعالم الآخر أو إلى الجوار الخالي من الحرب، لكن ربة النهر ماتزال صامدة.. إنها خبيرة بمعايشة الحروب على عكس أبنائها هكذا يقول التاريخ، ونحن السوريون اعتدنا أن نثق بالتاريخ ونسلم له!.
وللمفارقة فإنها كانت من المدن السورية الشهيرة بقلة عدد المغتربين عنها من أبنائها، فقد كانت مدينة مستقرة مادياً واجتماعياً، يعيش سكانها في انسجام كبير، وقد اشتهرت بكثرة المسؤولين الحكوميين فيها.
في المدينة الواقعة شمال حمص كان هناك العديد من الأحياء السكنية كـ “الحرية”، “الروضة”، “القلعة”، “المنارة”، “البستان”، “المحطة”، تلك الأحياء كانت تنبض بحياة جميلة، وأما بحيرتها فقد كان يُأمل منها الكثير، “قبل الحرب” يقول الأهالي لـ سناك سوري إنهم انتظروا وهم يشاهدون الضفاف الأنيقة لبحيرتها أن تستثمر بمواقع سياحية مستقبلاً، الحرب كانت أقرب، كانت المستقبل القريب الذي لم ينتظره أحد، لكنها أيضاً توشك أن تغادر، على الأقل هذا ما يمني أبناء المدينة أنفسهم به.
“ربة النهر” كانت شهيرة بخصوبة أراضيها، التي تزرع بالحبوب والأشجار المثمرة، الخضراوات المتنوعة، اللوزيات والكثير الكثير من الزراعات الأخرى، اليوم باتت تزرع بالبارود والقذائف والبراميل، أي حماقة اقترفت تلك الحرب؟!، لقد خربت أرض الله، تطاولت على ربة النهر التي لن تغفر لأحد كل هذه العبثية، كل هذا الموت والألم، بعد أن كانت أرض الخير والأرزاق التي لطالما عاش أهلها من نعمها.
يشتاق الأهالي اليوم إلى كل التفاصيل القديمة، يقول “أبو فراس” أحد الهاربين من الحرب في الرستن: «سابقاً كنا نشتكي من الضرر الذي يسببه معمل الإسمنت القريب منا، لقد كان يؤثر على صحتنا ومزروعاتنا، ومواشينا، اليوم نفتقد ذاك الضرر ياليته بقي أكبر مصائبنا، أنا أشتاق حتى إلى ضرر معمل الإسمنت، لا يشعر بالنعمة إلا من فقدها، الرستن كانت نعمة، وعلينا استعادة النعمة».
“ربة النهر” لن تغفر لأحد، “ربة النهر” تنتظر انتهاء الحرب بالكامل بعد أن باتت منطقة خفض تصعيد، هي تستعد اليوم لتنتقم على طريقتها، ستنتقم من الحرب بالحياة، أوليست كل الآلهة تحض على التسامح والحياة؟!.