الخوف يقسم أحياء حمص .. حالات فردية كثيرة
حالات الاختطاف والاختفاء مستمرة هل تحل الحواجز المشكلة؟

ينقسم المشهد في “حمص” منذ سقوط النظام إلى نقيضين بين أحياءٍ تضجّ بالحركة والمحال المفتوحة حتى منتصف الليل، وأحياءٍ أخرى تتحوّل بعد مغيب الشمس إلى مدينة أشباح.
سناك سوري _ حلا منصور
وتشهد الأحياء الواقعة على خطوط صدع طائفية حذراً مضاعفاً ينعكس بإغلاق المحال وانعدام الحركة مع حلول المساء، إذ يعمد أهالي أحياء “عكرمة والنزهة والزهراء وشارع الحضارة ووادي الذهب” إلى شراء احتياجاهم وقضاء أعمالهم خلال ساعات النهار فقط، حيث تصبح الحركة مشلولة والخوف سيّد الموقف ليلاً مع تردد أصداء حوادث الخطف والقتل والسرقة التي يرتكبها مجهولون.
انعدام الأمان
يطلب “نوار” شاب في الثالثة والثلاثين من العمر فضّل عدم الكشف عن اسمه كاملاً، من أصدقائه باستمرار خلال الأيام الأخيرة، حذف محادثاتهم التي يناقشون فيها على “الواتساب” الوضع الأمني في حمص ومخاوفهم منه.
يوضح في حديثه لـ سناك سوري السبب قائلاً «أخشى أن أُخطف ويتم تفتيش هاتفي المحمول كما سمعنا عن حوادث عديدة، وأنا بذلك أحاول حماية نفسي وحماية أصدقائي، نحن جميعاً في منازلنا من الخامسة عصراً ولكن الحذر واجب».
فيما باتَ “حسن خليل” مضطراً لمرافقة ابنه “محمد” 27 عاماً، والذي يعمل مهندساً في المدينة الصناعية بحسياء بشكل يومي إلى الباص الذي سيقلّه في السابعة صباحاً وكذلك يفعل عند عودته في الخامسة عصراً منذ تصاعد حوادث الخطف. يقول لـ سناك سوري: «لم نعد نشعر بالأمان، في الصباح تكون الشوارع خالية تقريباً، أخرج مع ابني الشاب لايصاله خوفاً عليه، وعند العودة أخاف أن يعترضه أحد من قطاعي الطرق».
حصيلة الجرائم في حمص
حالة الخوف لدى أهالي “حمص” جاءت كنتيجة طبيعية لسلسلة جرائم القتل التي وقعت منذ سقوط النظام في 8 كانون الأول.
حيث أحصى “المرصد السوري لحقوق الإنسان” 28 جريمة راح ضحيتها 62 رجلاً و 3 سيدات حتى 12 كانون الثاني الجاري. ولعلّ آخر الحوادث العثور على الشاب عبد الله الناعم، ابن 24 عاماً مقتولاً برصاصتين في الرأس بعد اختطافه، فيما عُثرَ قبل يوم واحد، على الشاب “عزيز ممدوح أحمد” مقتولاً بطلق ناري ومرمي في ساقية الري.
في المقابل، وضعت الجهات الأمنية حواجز إسمنتية في الشوارع الرئيسية والفرعية لأحياء النزهة وعكرمة وحي الخضر والعدوية، في خطوة انقسم الأهالي على جدواها بين من رأى أنها ستحد من عمليات الخطف وتعرقل حركة السيارات التي تقوم بها، وبين من تخوّف من استخدام بعض العناصر لعبارات طائفية أثناء عبور السكان كما حدث في مناطق مختلفة سابقا.
من جانب آخر، أطلقت إدارة الأمن العام سراح 360 موقوفاً بعد ثبوت عدم تورطهم في جرائم وانتهاكات بحق الشعب السوري، من بينهم عسكريون. وذلك على خلفية العملية الأمنية التي بدأتها في مدينة حمص وريفها في الثاني من الشهر الجاري، لجمع السلاح والبحث عمّن وصفتهم ب ” فلول النظام”، استمرّت لخمسة أيام.
ووصلت أربع باصات تقل محتجزين أُخلي سبيلهم إلى حي الزهراء، وباصان إلى دوار المساكن في شارع الأهرام. وقال المُخلى سبيلهم ممن التقاهم “سناك سوري”، أنّ من خرجوا هم من المدنيين والمجندين فقط، واصفين طريقة المعاملة داخل السجن بالجيدة من حيث الطعام والشراب والمعاملة، مع وعود بإخلاء المزيد من المحتجزين خلال الأيام القادمة في خطوة تساهم في تهدئة الأوضاع ودعم السلم الأهلي.
يشار إلى أن أصواتً كثيرة في “حمص” تعلو محذّرة من الفتنة التي تجد في الانفلات الأمني بيئة مناسبة للانفجار، وسط دعوات لإشراك المجتمع المحلي في حفظ الأمن والاستقرار ومواجهة عصابات الخطف والقتل، في ظل حاجة الأهالي الماسّة للشعور بالأمان كأولوية تتفوق على كافة الاحتياجات الأخرى في حياتهم.