الحكومة تعلن حربها ضد الفساد …استعدوا
بهذه المناسبة أود تذكير الحكومة بالمثل الشعبي القائل “الدرج لا ينظف من الأسفل” والفساد لايكافح من الأسفل
سناك سوري – موظف صغير فاسد
قررت الحكومة السورية في آخر اجتماعاتها شن حملة واسعة النطاق تطال بها جميع الفاسدين والمفسدين على امتداد الأرض السورية الذين ساهموا في التخريب ونهب المال العام واستغلوا مناصبهم الوظيفية لتحقيق منافع شخصية، وبما أن المكافحة حسب بيان الحكومة الذي اطلع عليه سناك سوري سيطال الموظفين بدءاً من أصغر المراتب وحتى أعلاها الوظيفية فإني أتساءل ياترى هل يمكن أن تطالني حملة مكافحة الفساد القادمة؟
وباعتباري موظف من الفئة الأولى في أحد أهم القطاعات الحكومية فقد قررت أن أوفر على الحكومة الوقت اللازم لاكتشاف مداخل الفساد التي طالت المؤسسة من خلال ممارساتي على مدى سنوات خدمتي الـ20 في هذه المؤسسة العريقة ولكني أحب أن أطُمن الحكومة بأني مجرد موظف عادي وبسيط وليس من صلاحياتي توقيع عقد بالملايين ولا الإشراف على أي مناقصة أو حتى التعاقد مع خبير.
وبما أن الفساد لايتعلق بنوعية البضاعة أو المال المسروق أو حتى الاستغلال الوظيفي للمنصب فبرأيي أن ماقمت به خلال هذه السنوات من فساد أراه بسيطاً وصغيراً لكنه بالنهاية فساد واستغلال حيث أن محاولتي الاستفادة من قرطاسية المكتب وأخذ مجموعة من الأوراق البيضاء منها لأولاي ليستخدموها كمسودة أيام الدراسة أو ليمارسوا هواياتهم في الرسم والفن التشكيلي هو فساد، ولا أنكر أنني استعملت الأقلام الزرقاء والحمراء المخصصة للعمل في الكتابة على دفاترهم أيضاً، أما الفساد الأكبر الذي مارسته فهو استخدام هاتف العمل للاتصال في بعض الأحيان بأصدقائي في المحافظات الأخرى وهو ما اكتشفته الإدارة فسارعت وألغت الصفر من الرقم “والحمدلله ماعاد فينا نسرق أموال الحكومة”.
ولا أنكر أنني حصلت خلال سنوات خدمتي على تقارير طبية كاذبة من موظف الصحة وطبيبها الفاسد لتبرير غيابي عن الدوام الرسمي حيث أنني لم أكن أعاني من أي مرض، كما أنني كذبت على مديري العام وقلت له أني في مهمة عمل بينما أنا في مكان آخر أقوم بزيارة صديقي الذي لم أراه منذ زمن.
اليوم وبعد قرار الحكومة بمحاربة الفساد أتساءل هل سأكون هدفاً للحكومة في إطار مكافحتها له وهل ستكافحني بكل وسائلها الممكنة، أم أن فسادي من النوع المتفشي والسائد في المجتمع حتى أن أغلب الموظفين يمارسونه باعتباره عرفاً سائداً ولامخالفة بارزة للقوانين فيه.
تخصيص الحكومة جلسة خاصة لمكافحة الفساد اعتراف بأن الفساد انتشر لدرجة كبيرة ولم يعد بالإمكان التستر عليه أو إخفاؤه وبالتالي على أصحاب المعالي المقربون من معالي الحكومة الذين يمارسون الفساد التنبه لأنفسهم ومحاولة إخفاء ماارتكبوه في ظل بيئة صالحة لانتشار الفساد مكنتهم من ممارسته نظراً لغياب القوانين وقلة الرقابة .
وينتظر المواطن السوري الفاقد الثقة بأي إجرءا حكومي في محاربة الفساد المستشري عقوبات صارمة بحق من يثبت فسادهم، فهو لم يسبق له أن رأى فاسداً في أحد المحاكم أو مجرداً من مناصبه بل على العكس الكثيرين منهم يتم ترقيتهم وتسليمهم وظائف ومناصب أعلى وأكثر فائدة ومن فئة المستشارين”يمكن لحتى يستفادوا من خبراتهم في السرقة واستغلال المناصب والمال العام” .
بهذه المناسبة أعلن للحكومة استعدادي للعقوبة عن الفساد الذي ارتكبته، لكنني أذكرها بالمثل الشعبي القائل أن “الدرج لا ينظف من الأسفل”، تماماً كما الفساد يجب أن يتم تنظيفه من الأعلى فعندما يحاسب من هم في الأعلى سيتعظ من هم في الأسفل على سلم المسؤولية.
اقرأ أيضاً : صديقي رئيس الحكومة ماذا لو تخليتم عن أسطول سياراتكم الفارهة؟