الرئيسيةتقارير

أدونيس: السلطة العربية لا ترى الثقافة إلا أداةً في خدمة سياستها

أدونيس... انتهَت الموضوعيّة، وصار كلُّ شيءٍ يُقَوَّم بمعيار السّلطة

انتقد المُفكر السوري أدونيس السلطات في العالم العربي وتراجع الواقع العربي عموماً بسبب سياسات السلطات وما نتج عنه من تَخلف في المنطقة وتداعيات يدفع ثمنها المواطن العربي.

سناك سوري – متابعات

وكتب أدونيس مقالاً مُطولاً في صحيفة الشرق الأوسط تساءل فيه لماذا يتواصل بروز الأفراد العرب في جميع الميادين المعرفية الخلاقة خارج بُلدانهم التي ولدوا فيها؟ وأجاب لأن القصور ليس في الفرد العربي وإنما هو في السلطة ومؤسساتها. متسائلاً لماذا يُتابع العرب بناء سلطات لا ترى إلى الثقافة في مختلف تجلياتها إلا بوصفها وظيفة وأداة في خدمتها، إدارياً وسياسياً، ولا ترى المثقفين إلا بوصفهم موظفين.

المقال المعنون “الثقافة العربية الراهنة بين الذاتية والآخرية” … تناول موقع اللغة العربية في إنتاج المعرفة اليوم؟ وتساءل لماذا لايزال الجمهور العربي يتقبل عالم الجن والسحر أكثر مما يتقبل عالم ابن رشد أو ابن عربي أو المعري أو الرازي تمثيلاً لا حصراً لكي لا نقول ديكارت وفرويد وماركس وأينشتاين “تمثيلاً لاحصراً”.

“أدونيس” انتقد تسييس الدين وتناول كيف أنه في المحيط الديني تغلبت أمواج التسييس على النظرة للوحي، وتبعاً لذلك تغلب التأويلات التي تربط السلطة بالدين ربطاً عضوياً بوصفه القاعدة الأولى للنظر والعمل.

يؤكد المفكر والمرشح الدائم لجائزة نوبل للسلام أن هناك قضايا أُفسدت نَتيجة التأويلات المشار إليها أعلاه وهي:
– الثقافة أو إنتاج المعرفة ابداعياً بحيث صارت الثقافة تراكماً لا استقصاءً
-تحويل الدين إلى أداة سياسية عنفية، بحيث وصل عنها إلى درجة إعطاء السلطة مرتبة الغاية والمرجع والقرار بدلاً من أن تكون تتويجاً حراً تنجزه إرادات وحريات وحقوق.
– بدل أن يظل الدين فضاءً فردياً حراً حولته السلطة إلى نظام مغلق واحد البعد لرقابة متعددة الأبعاد نظام يمجدها ويحميها ويدافع عنها.
– لا نجد في الثقافة العربية اليوم ما يمكن النظر إليه بوصفه ابداعاً عربياً يقدم الجديد والمختلف على المستوى الكوني إلا في عالم الآداب – الشعر والرواية والغناء والموسيقى والفنون التشكيلية، أي في كل ماهو مدار جدل بين التآويل النقلية وحرية الابداع.

كل كتابة إبداعية هي كتابة في فضاء ثقافة تنهض على اليقين بأنّ الإنسانَ هو مركز الكَوْن.

يرى أدونيس أن الموضوعية انتهت وصار كل شيء يقوّم بمعيار السلطة استناداً إلى سياسة المصلحة أو التوظيف أو الاستخدام بطريقة أو بأخرى وهكذا لم يعد عالم اللغة العربية يُقرأ في النصوص ذاتها وإنما يُقرأ سياسياً أو دينيا “من ليس معي، فهو ضدّي. ولا يهمُّ أبداً ما يكتبه مَن «يُخالفنا» في السياسة والدين، في أي مجالٍ، ومهما كان عظيماً في حدّ ذاته: المهمّ هل هو معي أم ضدّي؛ وهذا ما أسهمَ في ترسيخ اللحمة القبليّة «الآيديولوجيّة» واستحالة بناء مجتمع ٍ مدَني في عالم اللغة العربيّة، تقوم العلاقات بين أفراده، على أسُسٍ مدنية، حريات، وحقوقا وواجبات. ولا يزال هذا العالم، على هذا المستوى، مؤلَّفاً من تجَمُّعاتٍ بشرية متباينة في مناطق جغرافية متنوِعة: تجمعاتٌ مُكَونة من أفراد عليهم القيام بالواجبات نفسِها، دون أن تكون لهم الحقوقُ نفسها.

ويختم المفكر السوري وُلد الإنسان خلاقاً مبدعا. وليست حياتُه إلا ناراً تتوهج، تُضيء وتستضيء، في الاتجاهات كلها، عُلُوّاً وعُمقاً وفي المَيادين كلِّها، وحين يُحظر السّؤال، يُحظر الفكر، وحين يُحظر الفكر، يُحظر الإنسان نفسُه. وما تكون جَدوى الإنسان إذا عاش مَربوطاً بحبل ولو كان من ذهب؟، كل كتابة إبداعية هي كتابة في فضاء ثقافة تنهض على اليقين بأنّ الإنسانَ هو مركز الكَوْن.

المصدر – الشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى