رواتب محجوزة وأموال بلا سيولة: شباب سوري في مواجهة الأزمة المصرفية
محدودية السحب اليومي تزيد من الأعباء المالية وتفرض حلولاً مؤقتة غير مجدية

يواجه مئات الشباب والشابات في سوريا، مشكلة أزمة السيولة التي تعاني منها المصارف الخاصة والعامة، ما يعيق عملية منح الرواتب التي باتت محددة بسقف يومي لا يتجاوز الـ200 ألف ليرة، وتتضاعف المعاناة لدى موظفي القطاع الخاص الذين يحصلون على رواتب أعلى بعدة أضعاف مقارنة بالقطاع العام.
سناك سوري-خاص
وقال “عمر” 23 عاماً طالب جامعي يعمل جزئياً في واحدة من منظمات المجتمع المدني بمدينة جبلة، إن آخر مرة حصل فيها على راتبه كاملاً، كان مطلع العام الجاري، عبر حوالة مالية عن طريق شركة الهرم، لكن بعد ذلك طُلب إليهم فتح حسابات بنكية وبات تحويل الراتب عن طريقها.
في رصيد الشاب الجامعي اليوم راتب لم يتمكن من سحبه بعد، كما يقول لـ”سناك سوري”، مشيراً أنها عملية معقدة حيث يتعيّن عليه الذهاب يومياً إلى بنك البركة، لسحب 200 ألف ليرة، يدفع منها نحو 30 ألف ليرة أجور مواصلات، ولا يتمكن دائماً من الحصول على المبلغ ففي بعض الأيام لا تكون السيولة متوفرة.
سحب الراتب بات عملية معقدة حيث يتعيّن عليه الذهاب يومياً إلى بنك البركة، لسحب 200 ألف ليرة، يدفع منها نحو 30 ألف ليرة أجور مواصلات، ولا يتمكن دائماً من الحصول على المبلغ ففي بعض الأيام لا تكون السيولة متوفرة عمر – طالب جامعي يعمل بدوام جزأي في منظمة مجتمع مدني
يبدو الحال مشابهاً لدى “هدى” 28 عاماً التي تعيش في دمشق، مشيرة في حديثها مع سناك سوري، أن هذا الأمر رتب أعباء كبيرة عليها، فكل شقيقاتها وأشقائها بالمنزل موظفون حكوميون لم يحصلوا على رواتبهم بعد، مع أمها المعلمة المتقاعدة، وقالت إن مبلغ 200 ألف ليرة لا يفي باحتياجات العائلة ليومين، كما أنها تتكبد أجور مواصلات كبيرة في كل مرّة تذهب للحصول على قسم من راتبها.
التحويل البنكي ليس حلاً
أزمة السيولة التي تعاني منها البنوك انعكست وبالاً على المودعين، كحال طبيبة التجميل الشابة “هيام” 29 عاماً (اسم مستعار)، التي اعتادت أن تدخر أموالها في حسابها البنكي، ولا تترك معها سوى القليل من الأموال الكافية لمتطلبات الحياة.
“هيام” قالت لـ”سناك سوري”، إن عملها شبه متوقف اليوم، وهي تحتاج الحصول على جزء من مدخراتها لتعيش مع عائلتها المؤلفة من طفل صغير وزوج يعمل كمدير فني في أحد معامل العاصمة دمشق، الذي توقف منذ نحو شهر ونصف وبالتالي باتت العائلة بدون مصدر دخل.
وصل الحال بـ”هيام”، لدرجة أنها اشترت ليرة ذهبية بتاريخ 12 شباط الجاري، وكان الشرط أن تقوم بتحويل الثمن بنكياً مقابل دفع زيادة بمعدل الربع على ثمن الليرة، وقالت: «كان ثمن الليرةحينها 6 ملايين و600 ألف ليرة، دفعت ثمنها 8 مليون ليرة بالحوالة البنكية، ثم قمت ببيعها لاحقاً بمبلغ 6 ملايين و500 ألف ليرة أي أن خسارتي تصل إلى مليون ونصف المليون ليرة».
“هيام” لم تفكر سابقاً بالادخار بشراء الذهب، لأن أجور الصياغة المرتفعة كانت تعيقها، وتقول إنها لم تكن تفكر بأن يصل الحال على ما هو عليه اليوم، كما أنها لم تفكر بشراء الدولار وادخاره خوفاً من الدولار المزور، وكانت مقتنعة بمبدأ الادخار بالليرة السورية.
أزمة السيولة التي تعاني منها المصارف السورية لا تزال تُلقي بظلالها الثقيلة على المواطنين، مما يفرض تحديات يومية تزيد من صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية، وبينما يبحث الشباب عن حلول بديلة، تبقى الأزمة قائمة دون بوادر لحل جذري، مما يدفع البعض إلى خيارات غير مأمونة العواقب، في محاولة يائسة للحفاظ على قيمة مدخراتهم وسط اقتصاد غير مستقر.