التعليم العالي في سوريا.. خراب الحرب والعقوبات

أرقام هجرة الجامعيين مخيفة في الوقت الذي تحتاج البلاد فيه إلى جيش من الخريجين
سناك سوري- محمد ك ابراهيم
تبلغ آخر تقديرات وزارة التعليم العالي السورية لقيمة الأضرار في قطاع التعليم عشرات ملايين الدولارات، ولا يتوقف الضرر الذي تعرّض له قطاع التعليم عند حدود المبلغ المادي فالخسارة الأكبر كانت نقص الثروة البشرية ممثلة بهجرة الشباب السوري إلى الخارج أو بقائهم في الداخل تحت ظروف يصعب معها إكمال تعليمهم الجامعي.
تشير إحصائيات “المجلس الثقافي البريطاني” إلى أن الحكومة السورية خفضت تمويل التعليم العالي من 778 مليون دولار عام 2010 إلى 84 مليون دولار في العام 2016 ما رفع من تكاليف التعليم الجامعي بسبب انخفاض الدعم الحكومي، في الوقت الذي تقول فيه بيانات “البنك الدولي” إن 60% من السوريين يعيشون في الفقر المدقع!.
ارتفاع معدلات هجرة الشباب لأسباب مختلفة خلقتها ظروف الحرب وارتفاع معدلات الفقر والغلاء المعيشي، هي أسباب أدت إلى انخفاض معدل السوريين الملتحقين بالسنة الجامعية الأولى من 32.4% عام 2010 إلى 18.7 عام 2015 وفق المجلس الثقافي البريطاني، فالتعليم العالي أصبح رفاهية لا تنالها نسبة واسعة من الشباب السوري.
اقرأ أيضاً: دراسة: 35% نسبة الجامعيين السوريين المهاجرين
حُرمت المنطقة الشرقية في “سوريا” طوال سنوات سيطرة قوات المعارضة من أي مؤسسة تعليم جامعي بعدما أغلقت التنظيمات أبواب جامعة “الفرات” في “دير الزور” ما دفع الشباب الراغبين بإكمال مسيرتهم العلمية في الجامعات الواقعة بمناطق سيطرة الدولة السورية.
شكّل هذا الخلل في التوازن عبئاً على الجامعات السورية الرسمية والخاصة فقد يصل عدد الطلاب في القاعة إلى 120 طالباً وفق دراسة أجراها معهد “عصام فارس” للأبحاث بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في بيروت، إضافة إلى النقص الذي تعرض له الكادر التدريسي في الجامعات السورية بفعل هجرة الأساتذة الجامعيين ومعاناة المتبقين في الداخل من ضعف رواتبهم بسبب التضخم الذي حوّل قيمة راتب الأستاذ الجامعي من 1500 دولار شهرياً عام 2010 إلى 150 دولار حالياً.
أما الأساتذة المساعدين الذين توفدهم الدولة للدراسة في الخارج والعودة لرفد الكادر التعليمي فقد سافر 522 مدرساً مساعداً من جامعة “دمشق” ولم يعودوا بحسب دراسة للمجلس الثقافي البريطاني إضافة إلى أن الحكومة السورية لا تسمح للجامعات السورية الخاصة منح شهادات الماجستير والدكتوراه و تحصر الدراسات العليا بالجامعات الرسمية ما يزيد من عوامل هجرة الشباب السوري إلى الخارج للدراسة بعد الجامعية.
اقرأ أيضاً: التعليم العالي نحو مزيد من المركزية
يشكّل هذا الواقع خطراً على المستقبل القريب للبلاد التي تحتاج في مرحلة إعادة الإعمار المقبلة لكل الطاقات والاختصاصات ووفق “طلال الشهابي” الأستاذ المساعد في قسم الهندسة في جامعة دمشق فإنه لا يوجد اختصاص غير مهم في “سوريا” في المرحلة المقبلة.
يحتاج قطاع التعليم العالي في “سوريا” إلى مساعدة على النهوض بينما تتوقف حدود المنظمات الدولية عند قدر معين من التعاون مع الحكومة السورية بسبب العقوبات وضغوط حكومات غربية تتخذ موقفاً سياسياً مناهضاً للحكومة السورية ما يؤثر في نهاية المطاف على الطالب السوري الذي يحتاج لتلقي تعليم جامعي جيد المستوى لتطوير ذاته ومجتمعه والمساهمة في إعمار البلاد المنكوبة بحرب تركت آثارها على كافة المجالات.
اقرأ أيضاً :التعليم العالي: جامعاتنا كويسة بس التصنيف العالمي سيء