التعثر والبحث عن التنمية – مازن بلال
توظيف تأثيرات طفيفة في بناء أفق “سوري”
سناك سوري – مازن بلال
منذ عام 2011 تحولت الاتجاهات بخصوص التنمية في سورية، ورغم أن السياسات الحكومية كانت تضع استراتيجيات بهذا الخصوص، لكن ظروف الحرب بدلت المعادلات القائمة وعلى الأخص في قدرة المؤسسات الحكومية على تنفيذ استراتيجيات تنموية، وإذا حاولنا اسقاط مصطلحات سياسية على هذا الوضع فإن ما حدث شكل “فراغا تنمويا”، حاولت المبادرات المدنية التعامل معه بأشكال مختلفة.
عمليا فإن أعوام الحرب رسمت ملامح لـ”ثقافة تنموية” وبدلت “النخب السياسية” بأخرى “تنموية”، وتشكلت مقاييس مختلفة ضمن هذا السيناريو الذي حول النشطاء في الشأن العام إلى مهتمين بمسائل كانت سابقا تشكل برامج سياسية، ومادة لا يتعامل معها إلا أصحاب “العقائد” داخل الأحزاب، وبغض النظر عن المواقف من هذا الواقع الجديد، لكنه أنتج أمرين أساسيين:
– ظهور مجال اجتماعي جديد لا يمكن التعبير عنه بشكل سياسي تقليدي، فهو طيف يسعى لفهم الأزمة السورية من منظور التعامل الخاص مع التفاصيل اليومية، ومن المبكر الحكم على نتائج عمله التي لا تظهر واضحة وسط طبيعة الأزمة السورية، ونوعية القوى التي تتعامل مع الحدث السوري.
أطلق على المجال الاجتماعي مصطلحات كثيرة، وحاولت عمليات التفاوض في جنيف التعامل معه كبديل محتمل للعديد من الأطراف على الساحة السورية، ولكنه بقي أي “المجال الاجتماعي” حالة استثنائية، يمكن قياس تأثيرها مهما كان طفيفا، ولكن من الصعب تلمس “كتلة حرجة” يمكن أن تشكل منه تحولا حقيقيا في مسار حل الأزمة.
– مسألة التنمية هي موضوع هذا المجال الذي يتطرق للسياسة عبرها، ويحاول إيجاد شراكة في إدارة العمليات التنموية دون الدخول في تناقضات المناهج السياسية، رغم أن التنمية بذاتها وليدة تصورات سياسية بالدرجة الأولى.
اقرأ أيضاً بوابات تنموية للأزمة _ مازن بلال
يتشابك الأمرين السابقين بشكل يخلق مفارقة؛ حيث تحتاج التنمية لحوامل لا يستطيع هذا المجال الاجتماعي انتاجها، فهو في بنيته وآلية ظهوره لا يحمل أي عوامل لظهور هذه الحوامل، ويمكن هنا تحديد سمتين أساسيتين له:
1. وليد التعثر السياسي: فهو ظهر مع عدم القدرة على إيجاد حراك في سورية على المستوى الاجتماعي العام يشبه ما حدث في دول الشرق الأوسط، بل ربما على العكس خلق انقسامات أدت لاحقا لتطور الحدث السوري بشكل عنيف.
2. المساحة المحدودة البعيدة كليا عن التشابك الأزمة السورية منذ بدايتها إقليميا ودوليا، فالتنمية التي بدت موضوعا أساسيا لهذا المجال لا يمكن أن تصبح “سيناريو” للتحول، وتحتاج لسياق عام يمكن أن يدفعها لخلق تراكم.
يمكن لقراءة “المجال الاجتماعي” القائم حاليا فتح نوافذ مختلفة للخروج من هذا “التعثر”، لأن انتظار الحوامل التنموية عبر نشاطه لا تبدو ممكنة، لكن استثمار تأثيراته الطفيفة تستطيع بناء أفق مختلف لهذه الحوامل، وهي بالتأكيد خارج هذا المجال على الأقل في المدى المنظور.
اقرأ أيضاً تفاصيل غير مجدية..إثبات التعافي – مازن بلال