التذمر يرافق يوميات السوريين.. تنفيس قد ينتهي بمرض نفسي
في ظل الظروف الحالية التذمر أمر طبيعي.. والتكيف هو الحل الوحيد
سناك سوري – رهان حبيب
زفرة طويلة ترافقت مع صعوده السرفيس الذي توقف لبرهة جعلته يقفز ليأخذ مكانه متجها إلى “السويداء” من قريته “الرحى” وقال للسائق: «كل يوم لازم نعمل سباق قفز»، يرد السائق أنا من الساعة 6 بسباق مع الركاب.
يكمل “عبيدة محمود” مراسل في شركات القطاع الخاص تذمره لسناك سوري: «نحصل على مقعد السرفيس بعد عناء نصل للعمل بما يشبه الجري، نفتقد فنجان القهوة بسبب الغلاء، ولا أخبرك عما يحدث من تذمر في السوق والطريق وسعر الدواء، هذا إذا تمكنا من اصطحاب ربطة الخبز في طريق العودة للمنزل، وهنا سينتقل التذمر للأسرة لنعيش جميعاً حالة من السب والشتيمة لظروف باتت أقوى منا»، في حين يبين “عامر الطحطح” موظف في الخدمات الفنية: «انتظاري الطويل كل يوم نصف ساعة للنقل تذهب بهدوء الصباح، وتجعلني قابل للانفجار بوجه مديري، وحتى بوجه زوجتي التي تنتظر، فنعيش التوتر معاً كنتيجة لحالتنا البائسة».
اقرأ أيضاً: “بدنا نعيش”.. مظاهرة في السويداء ضد الغلاء والأوضاع الاقتصادية المتدهورة
تقول “هدى نعيمي” موظفة بنك: «أتصور أننا بتنا نتذمر في كل أوقات النهار ولنا مبرر كبير فقد نال التعب منا، ننتظر كل شيء الراتب لنشتري بعض المؤون، والدور الطويل لنحصل على الرز والسكر، وجرة الغاز، ولا أستغرب أن جزء من أمراضنا يعود لحالة التوتر التي طبعت بها أيامنا وليس لنا معها حيلة».
تخبرنا “هدى” أنها عانت من آلام المعدة وأخبرها الطبيب أنها تعاني من كولون عصبي فهي تنام بشكل متقطع تقول: «طبيبي نصحني بالهدوء وبعض اليانسون إلى جانب الأدوية ولا تعرف كم ستطول الحالة يبدو أنه ليس أمام السوريين سوى اليانسون عله يخفف من توترهم».
للطب النفسي توصيف
في ظل الصعوبات والظروف المعيشية المرهقة يومياً أصبح التذمر سمة غالبة وسلوك أقرب للطبيعي، ووسيلة لتفريغ الغضب والضغط النفسي بشكل سلبي مثلها مثل التدخين الزائد، المبالغة في شرب الكحول، إثارة المشاكل وايذاء الذات وكثير غيرها نلجأ لها لتفريغ الصراعات والضغوط النفسية بطرق سلبية وغير سليمة نفسياً وفق الدكتور “أيهم أبو خير” اختصاصي في الطب النفسي وعلاج الإدمان، الذي أشار إلى أن للجسد لغة يعبر فيها عن الألم النفسي مثل الشكايات القلبية كالتسرع في النبض وضيق النفس ويمكن أن تصل حد نوب الاحتشاء القلبي، إضافة إلى الشكايات الهضمية من إمساك وإسهال وتشنجات معدية معوية، وجفاف الفم والصداع وتشوش الرؤية إلى جانب الآلام المتعددة غير المفسرة وضعف الجهاز المناعي بشكل عام كل هذا ممكن أن يتطور إلى مرض نفسي صريح.
وسائل التكيف الإيجابي قد تساهم في تخفيف الضغط النفسي
لا نريد هنا رمي النصائح لكن كمختص يقدم الدكتور “أبو خير” بعض وسائل التكيف ويقول: «الرعاية الذاتية ضرورة وحق لكل شخص تشمل كثير من الجوانب أهمها ممارسة الرياضة ساعة يومياً، الحمام الأقرب للبرودة يساهم في خفض التوتر أيضاً، والحصول على قدر كافي من النوم الليلي 6 إلى 7 ساعات يومياً، منوهاً بأهمية تناول الغذاء الصحي والحفاظ على شبكة دعم أسري ومجتمعي، والتفكير الإيجابي وفهم الحاجات والبعد عن التلقائية، ولا نعرف إلى أي درجة قد تكون ممكنة في ظل الظروف الحالية التي تطيل مدى التذمر والشكوى، إلى مدى غير منظور يعززه الافتقاد لاحتياجات أساسية تؤهل لمرض نفسي لا يخلو من الخطورة على أجسادنا، وأرواحنا التي تتوق لحياة تراعي إنسانيتنا».
اقرأ أيضاً: السويداء: مظاهرات احتجاجا على الواقع المعيشي لليوم الثاني على التوالي