المفاوضات في سوريا بين “الحكومة” و”الإدارة الذاتية”: الانتخابات مفتاحها
معلومات وتفاصيل عن المفاوضات.. “الحكومة” عرضت المشاركة في الانتخابات والإدارة طالبت بتعديل القانون. شهدت الأيام الماضية جولات غير علنية من المفاوضات بين الحكومة المركزية في “دمشق” وممثلين عن “مجلس سوريا الديمقراطية” الذي يعد مرجعية “الإدارة الذاتية” والمتحكم بأمور الشمال الشرقي لـ”سوريا”.
سناك سوري – بلال سليطين
المفاوضات في سوريا تحظى بدعم روسي كبير. بينما يتسم الموقف الأميركي بعدم الوضوح وإن كانت بعض المؤشرات توضح أنه غير داعم لهذه المفاوضات لأنها ستنتج في النهاية خروجه من البلاد.
انتخابات الإدارة المحلية هي المدخل الرئيسي للمرحلة القادمة والذي تركز عليه “الحكومة” في حديثها مع “مجلس سوريا الديمقراطية”. حيث طرحت مبادرة عليهم للمشاركة في الانتخابات القادمة بمختلف مناطق نفوذهم. بحيث تعود المجالس المحلية أو الإدارة المحلية بدل الإدارة الذاتية القائمة حالياً.
المقترح يلغي “الإدارة الذاتية” بشكلها الحالي لكنه لا يلغي القائمين عليها حيث يتيح لهم العودة من خلال مجلس المحافظة ومجالس المدن والبلدات لكن عن طريق انتخابات تتم بإشراف الحكومة المركزية وبالتعاون مع “مجلس سوريا الديمقراطية”.
تقول مصادر حضرت الاجتماعات لـ”سناك سوري” إن “مجلس سوريا الديمقراطية” تلقف هذا المقترح بإيجابية لكنه طالب بتعديلات على قانون الإدارة المحلية الحالي (107). وتطويره ليكرس فعلياً مفهوم اللامركزية الإدارية. بحيث يكون المحافظ أيضاً منتخب انتخاباً وألا يتم تعيين مسؤولين في المحافظة من خارجها كما كان يحصل سابقاً.
وكان هناك بعض المطالب الأخرى التي تضمنت أيضاً تغييرات في تقسيمات الوحدات الإدارية وهو أمر لم ترحب به “الحكومة”.
المفاوضات التي يفضل الطرفان تسميتها حوار لم تصل إلى نتيجة بعد. وتركزت على موضوع المشاركة في انتخابات الإدارة المحلية المزمع إقامتها في أيلول القادم بشكل أساسي. حيث تريد “الحكومة” أن تكون هذه الانتخابات مفتاح الحل. ولا تبدو خائفة من نتائجها في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” رغم تراجع شعبية المحسوبين على الحكومة هناك.
انتخابات الإدارة المحلية القادمة تعد فرصة لاختبار جدية الحكومة في “دمشق” بالشراكة مع المختلفين معها في إدارة شؤون البلاد. وعدم احتكار السلطة بيد طرف لوحده أو حزب لوحده أو حتى تحالف تقليدي.
اقرأ أيضاً : انتخابات سوريا على الأبواب.. فرصة الشعور بالتمثيل
يقول مصدر مقرب من الحكومة في “دمشق” إنهم مستعدون للذهاب بعيداً في هذه الانتخابات ويريدون من الجميع المشاركة فيها. خصوصاً وأن “سوريا” لم تشهد انتخابات من هذا النوع منذ العام 2011. بينما المجالس المحلية التي كانت في مناطق سيطرة المعارضة والتي جاء بعضها عن طريق انتخابات خارج سلطة الحكومة المركزية أصبحت اليوم خارج مناطقها (تم نقل أعضاء هذه المجالس إلى إدلب) التي استعادت الحكومة السيطرة عليها. وبالتالي فإن سكان هذه المناطق لا يشعرون بأنهم ممثلون في السلطة خلال هذه المرحلة. ما يعني أن الانتخابات القادمة فرصة لكي يشعر السوريون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والتي سيطرت عليها مؤخراً ومناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” بأنهم ممثلون في السلطة من خلال مشاركتهم في صناعة هذه السلطة عن طريق انتخابات حرة ونزيهة.
انتخابات الإدارة المحلية ليست السحر الذي سينهي كل الأزمات بين “الحكومة” و”الإدارة الذاتية”. فهناك ملفات معقدة تنتظر الحل منها الملف الأمني الذي لم يتم فتحه نهائياً حتى الآن. وكذلك ملف حقول النفط و الدستور وغيرها من الملفات العالقة التي تحتاج إلى حل.
بدأت المفاوضات في سوريا أخيراً بين “الحكومة” و”الإدارة الذاتية” وهي محفوفة بالمخاطر بلا أدنى شك. لكنها حاجة للطرفين من أجل الوصول إلى حل جذري للأزمة. وقد تكون انتخابات الإدارة المحلية القادمة فرصة لاختبار النوايا وإعادة إنتاج سلطات محلية جديدة في الشمال الشرقي وحتى في سوريا تكون أكثر قرباً للمواطنين من خلال مساهمتهم برضاهم وحريتهم في إيصال ممثليهم إلى المجالس المحلية التي من شأنها أن تكون نواة التغيير الإيجابي في البلاد فيما لو وصلت بطريقة حرة ديمقراطية وأتت بممثلين عن الناس أكفاء وقادرين على تلبية الاحتياجات.