الألغام الفردية خطر جديد يهدد حياة المدنيين في الجنوب السوري
15 إنساناً وقعوا ضحية الألغام الفردية خلال شهر
سناك سوري – عمران أحمد
على أطراف بلدته “عين ذكر” في ريف درعا الغربي أسند “موفق” الشاب الثلاثيني ظهره إلى جدار غرفته في بيت صغير حوّلت الحرب الأخيرة مع داعش جدرانه إلى أشبه ما يكون بقطع من الجبن السويسري المجوف، وذلك بسبب ضراوة المعارك وشراستها.
لثمت يده الصلبة جبينه بشيء من الارتباك، فبدا أن آثار الشظايا حول معصمه الأسمر كحبات العدس المحروق ليس ما يؤلمه بقدر ما كانت ساقه التي دثّرها بقطعة قماش و التي بترها لغم أرضي في السهل القريب من بيته هي من أدمى قلبه.
يروي “موفق” لـ”سناك سوري“ كيف قذفته قوة الانفجار بعيداً عن مكانه لتتركه في منزله بلا أي مسعف أو مستقبل، أو معيل لعائلته.
لابد من القول إنه ما أن سقط تنظيم داعش في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي أمام القوات الحكومية في معاركه الاخيرة حتى عاد سكان تلك المنطقة بشكل تدريجي إلى مساكنهم، ليقفوا رغم عجزهم أمام هذا الكم الهائل من الخراب الذي خلفته الحرب فرحين بعودتهم لديارهم.
لكنها فرحة قوبلت بغصة جديدة تمثّلت بتهديد انتشار ظاهرة الألغام الفردية، والتي تهدد اليوم آلاف المدنيين في قرى وبلدات (عين ذكر، كويّة، بيت آره، الشجرة، مساكن جلين، نافعة، تسيل، وعابدين) وغيرها من المناطق التي كانت معقل التنظيم طوال سنوات حكمه.
فقد قتلت وجرحت تلك الألغام أكثر من 15 مدني خلال الشهر الفائت، وذلك أثناء ممارستهم لحياتهم العادية من زراعة وتربية للمواشي و نقل المياه. وما خلّفه ذلك من إعاقات مستدامة واضطرابات نفسية.
ويبدو أن ما جرى لـ “موفق” لم يكن الأول ولا يبدو أنه في ظل تقصير حكومي واضح واستهتار في محاربة هذه الظاهرة من أنه سيكون الأخير، يقول موفق « عدت لمنزلي ورأيت حجم الدمار الذي حل به وفي البلدة، رممت جزء منه وانطلقت كباقي الأصدقاء في البلدة لمزاولة أعمالي، فأنا مزارع وهذه هي مهنتي، قالوا لنا أن المنطقة آمنة وأن الألغام منتشرة فقط في المراعي وعليه هممت بحراثة أرضي ».
توقف قليلا كأنه لا يرغب في تذكر ما جرى، لكنه جاهد على نفسه وأكمل بوجع «جرى ذلك خلال لحظات، لحظات قصيرة كأنها حلم، علق لغم فردي في رأس المحراث فقذفتني قوة الانفجار بعيدا عنه، هرع السكان إلي، تم نقلي إلى المشفى لأستفيق في اليوم التالي وأجد نفسي بنصف رجل».
تم بتر ساق “موفق”، وقبله قتلت مخلفات الالغام أربعة مدنيين في بلدة كوية وسحم الجولان بينهم سيدة. حاولنا لقاء مختار القرية لمعرفة تفاصيل أكثر لكنه كما الحكومة لاذ بالصمت، واختصر معاناة “موفق” وضحايا تلك الألغام بالقول «الله المستعان».
اقرأ أيضاً : أول الغيث.. البدء بإزالة ألغام “داعش” في “الرقة”