الأزمة الاقتصادية في سوريا .. من تبريرات عرنوس إلى تحذيرات بيدرسون _ بانوراما الأسبوع
جلسة البرلمان خرجت بلا نتائج .. واجتماع أعلى المستويات الأمنية للمرة الأولى
طغت أصداء الإعلان عن “الجلسة الاستثنائية” لمجلس الشعب وما تلاها من ردود فعل على الساحة السياسية الداخلية مع تسارع وتيرة الأزمة الاقتصادية في سوريا.
سناك سوري _ دمشق
وبحسب الإعلان عنها فقد جاءت الجلسة الاستثنائية لمناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي وتدهور سعر صرف الليرة. لتكتمل استثنائيتها مع توقيع 27 نائباً من أصل 250 على عريضة طلب استجواب الحكومة تمهيداً لسحب الثقة منها. وقد توزّعوا على 20 مستقلاً مقابل 7 بعثيين.
وفيما يبدو أن عريضة الاستجواب تلك لم تكن سوى محاولة محكومة بالفشل مسبقاً. فقد كتبت على ورقة بيضاء بخطّ أصحابها. مستندة للمادة 75 من الدستور والمادة 77 من النظام الداخلي للمجلس اللتين تنظمان عملية استجواب الحكومة وحجب الثقة عنها. مرجعين السبب في طلبهم إلى عدم التزام الحكومة ببيانها الوزاري وما تلاه من تدهور في سعر الصرف.
عرنوس تحت قبة الاستجواب
لم يخرج خطاب “عرنوس” عن سردية تبرير الواقع القائم بظروف الحرب أولاً ثم كارثة الزلزال لاحقاً. وذهب أبعد من ذلك في انتقاد الوضع الراهن وكأنه ليس بموقع مسؤولية عنه حيث قال « الخطورة حقيقة لا تكمن في الظروف التي نعيشها. بقدر ما تكمن في عدم قدرتنا على رؤية تلك الظروف وتحدياتها والتعامل معها. أو تكمن في رؤيتها ثم إنكارها وتجاهلها، وبالتالي الاستمرار بنفس السياسات دون أي تغيير وكأن شيئاً لم يكن».
اعترف رئيس الحكومة أن تجاهل التغيرات الظرفية دون تغيير في السياسات يعدّ خطراً حقيقياً. ورغم ذلك فإن الجلسة “الاستثنائية” التي أكّد “عرنوس” أنها جاءت ضمن حالة الخطورة الدائمة منذ بداية الحرب. لم تخرج بجديد ولا بأي تغيير على صعيد السياسات الحكومية. ينعكس ولو بشكل طفيف على حالة سعر الصرف المتدهورة.
فرصة النواب لمهاجمة الحكومة
في المقابل. وجد النواب فرصة عزَّ نظيرها لمواجهة الحكومة بأخطائها في خضم الجو الشعبي السائد الذي انتظر أن يتحمّل أحد ما مسؤولية ما يحدث ويتحرك تجاهه. وسط مخاوف من الوصول إلى مراحل لا تحمد عقباها من الانهيار تهدد الناس بالجوع الفعلي لا المجازي.
وكان لافتاً أن جميع مداخلات النواب شاركت في انتقاد الأداء الحكومي. بما فيهم النواب الذين لم يشاركوا في التوقيع على عريضة طلب الاستجواب. كالنائب البعثي “رأفت درمش” الذي دعا لإزالة حواجز الترسيم بين المدن السورية. وإعادة النظر بجبايات المكتب السري والجمارك. بينما كان زميله في المجلس “عامر حموي” يقدّم مقترحاً من 6 خطوات وصفها بالخطة الإسعافية لإنقاذ الاقتصاد الوطني. فيما لم تخرج بقية المداخلات عن انتقاد الحكومة وسوق المطالبات بزيادة الرواتب وضبط عمل دوريات التموين وإلغاء الـ 100 دولار على الحدود وغيرها من المطالبات.
الخطورة حقيقة لا تكمن في الظروف التي نعيشها. بقدر ما تكمن في عدم قدرتنا على رؤية تلك الظروف وتحدياتها والتعامل معها. أو تكمن في رؤيتها ثم إنكارها وتجاهلها، وبالتالي الاستمرار بنفس السياسات دون أي تغيير وكأن شيئاً لم يكن رئيس الحكومة حسين عرنوس
وانقضت حكاية الجلسة الاستثنائية. بالاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من البرلمان والحكومة لدراسة الأوضاع المعيشية وإيجاد الحلول الملائمة بما ينعكس إيجاباً على الواقع المعيشي. علماً أنه لم يتم الإعلان بعد عن تشكيل اللجنة وأسماء أعضائها وآليات عملها وحتى الجهة التي ستقدّم المقترحات لها.
في حين. كانت جلسة الحكومة الأسبوعية في اليوم التالي لجلسة البرلمان تكتفي بتكليف مجلس النقد والتسليف باتخاذ “الإجراءات الضرورية” لتحقيق التوازن في سعر الصرف وضبط الصفحات والتطبيقات التي تسعّر الليرة بشكل غير قانوني. فضلاً عن توجيه الوزارات للتعاطي بإيجابية مع طروحات أعضاء مجلس الشعب.
الحل الاقتصادي يبدأ من السياسة
يتفق كثير من المحللين أن حل الملف الاقتصادي الداخلي يستحيل أن يبصر النور دون حل سياسي شامل للأزمة السورية. ينهي المأساة الممتدة منذ 12 عاماً. بناءً على قاعدة ثابتة تقول بأن الاقتصاد جزء لا يتجزأ من السياسة وأن مسببات الأزمة الاقتصادية الحالية جميعها مرتبطة بالعوامل والقرارات السياسية.
على مستوى الإقليم. انتعشت علاقات “دمشق” بعد قمة “جدة” والعودة للجامعة العربية. وكان لـ”الأردن” دور واضح في هذا المسار لا سيما مع استضافة “عمّان” قبل ذلك لقاءً تشاورياً جمع وزير الخارجية السوري “فيصل المقداد” بوزراء خارجية “الأردن” و”السعودية” و”العراق” و”مصر” وكان البوابة النهائية لاستعادة “سوريا” موقعها العربي.
9 من كل 10 سوريين يعيشون حالياً تحت خط الفقر. والخدمات الأساسية والبنية التحتية الحيوية باتت على وشك الانهيار المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون
وكان ملف ضبط الحدود السورية أمام تهريب المخدرات نحو “الأردن” والخليج حاضراً بقوة في لقاء “عمّان” الذي خرج بالاتفاق على تشكيل فريقي عمل منفصلين “أمني وسياسي” من أجل متابعة الملف.
وتنفيذاً للتوصية فقد تم تشكيل اللجنة السورية الأردنية المشتركة للتعاون في مكافحة المخدرات. وعقدت الأحد الماضي أول اجتماع لها في “عمّان”. حيث مثّل الجانب السوري في الاجتماع وزير الدفاع العماد “علي محمود عباس” ومدير المخابرات العامة اللواء “حسام لوقا”. فيما حضر عن الجانب الأردني رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء “يوسف الحنيطي”، ومدير المخابرات العامة اللواء “أحمد حسني”.
وقد أظهر ثقل التمثيل في الاجتماع لناحية الشخصيات الحاضرة. جديّة الطرفين في التعامل مع الملف الذي تقول “دمشق” أنه ناجم عن الفوضى الأمنية وإضعاف الدولة. وترى فيه “عمّان” خطراً على أمنها القومي.
ولم تتأخر تجليّات الاجتماع على الأرض. حيث أعلنت السلطات الأردنية في اليوم التالي مباشرةً أنها أسقطت طائرة مسيّرة حاولت اجتياز الحدود قادمةً من “سوريا”. وتبيّن بعد إسقاطها أنها تحمل 2 كغ من مادة “الكريستال” المخدرة.
بيدرسون يحذّر من ارتفاع معدلات الفقر
أما على المستوى الدولي. فقد استهلّ المبعوث الأممي الخاص إلى “سوريا” “غير بيدرسون” اجتماع مجلس الأمن الدولي للتأكيد على أن الهدف الحالي استئناف العملية السياسية في “سوريا” بتيسير من “الأمم المتحدة”. لا سيما عبر إعادة اجتماع اللجنة الدستورية والتقدّم في مسارها.
.@GeirOPedersen Meanwhile, Syria’s economic crisis is deepening…The impact of this on all Syrians, 9 out of 10 of whom are living below the poverty line, is extremely serious…Basic services & other critical infrastructure are now on the verge of collapse.
— UN Special Envoy for Syria (@UNEnvoySyria) July 24, 2023
https://platform.twitter.com/widgets.js
وأشار “بيدرسون” إلى أن شهوراً من الدبلوماسية لم تترجم إلى نتائج ملموسة للسوريين على الأرض. أو تحركات حقيقية في العملية السياسية. مبيناً أنه يأمل أن يتم ذلك قريباً لأن عدم حصوله يعني فرصة ضائعة أخرى لمساعدة الصراع السوري على الوصول إلى نهاية تفاوضية في وقتٍ يتعمق فيه تأثير الأزمة.
كما أعاد المبعوث الأممي التذكير بعمق الأزمة الاقتصادية السورية. قائلاً أن 9 من كل 10 سوريين يعيشون حالياً تحت خط الفقر. وأن الخدمات الأساسية والبنية التحتية الحيوية باتت على وشك الانهيار.