“الأربعاء الأحمر”.. أيزيديو سوريا يحتفلون بعيدهم
كيف أحيا أيزيديو سوريا “الأربعاء الأحمر”
سناك سوري-عبد العظيم عبد الله
لبى “علي الصالح” من أهالي بلدة “الرميلان” دعوة أصدقائه الإيزيديين بريف “القحطانية” في “الحسكة”، لحضور عيد الأربعاء أو رأس السنة الخاصة بهم، معتبراً إياها فرصة للتعرف على طقوس أصدقائه الاجتماعية، وكانت كما يقول «مناسبة لا تنسى ويوماً من العمر».
“الصالح” لم يكن لوحده بل مجموعة من الأصدقاء من مختلف مشارب المجتمع السوري، كما يقول مضيفاً لـ”سناك سوري”: «كان الفضول يتملكني لحضور الاحتفالية التي لطالما حدثني عنها أصدقائي وبالفعل كانت أجمل بكثير من حديثهم».
الأربعاء الأحمر أو كما تلفظ بالكردية “Çarşema So”، هو عيد خاص بالطائفة الإيزيدية يعتبرونه تجديدا للمحبة والسلام والأخوة بعيداً عن لغة الحرب والطائفية والعنصرية، هذا ما شدد عليه “نصر عبدي” أحد وجهاء الإيزيدية بحديثه مع “سناك سوري”، ويضيف: «بالنسبة لنا نريده عام محبة ووئام، عام سلام في ربوع الوطن الغالي، ندعو فيه بانتهاء حقبة من الاستبداد والفساد والدمار والتشريد والحرمان والاضطهاد التي عاناها شعبنا».
وفق التقويم الشرقي الذي يختلف عن السنة الميلادية بأربعة عشر يوماً، تبدأ السنة من 21 اذار حتى 1 نيسان حيث الاخضرار والطبيعة الخلابة، وأشعة الشمس الدافئة كل شئ يبدو جديداً وجميلاً، «لذلك بعض الشعوب القديمة كالإيزيدية مثلاً يعتبرونه بداية رأس السنة عندها، لما لشهر نيسان من قدسية»، كما يقول “عبدي”.
اقرأ أيضاً: عيد “النيروز”.. الفرح في “الباغوز” والجرح في “عفرين”!
كما قدسية الأحد عند المسيحية والجمعة عند الإسلام، ليوم الأربعاء قدسية خاصة عند الإيزيدية، كما يقول “عبدي” ويضيف: «لذلك احتفلنا بالعيد ورأس السنة بـ17 نيسان تقديراً لليوم ولقدسية شهر نيسان، ولأن الله سبحانه وتعالى خلق الكون في يوم الأربعاء من غير اللائق أن نحتفل به في غير يوم حيث أمر الله طاووسي ملك رئيس الملائكة بالنزول إلى الأرض من أجل تكوين الخليقة لأن الأرض كلها ماء لا توجد يابسة، وانشطرت حينها الذرة إلى أربعة أجزاء لتشكل الكون، ومن ثم أعطى الروح والدم للبشر لذا سمي بالأربعاء الأحمر».
لا تختلف طقوس العيد كثيراً عن باقي الأعياد المسيحية أو الإسلامية حيث «تقوم النسوة بتنظيف البيت والملابس ويصنعن “حلوى العيد” (kuliçe ) ويسلقن البيض وتلوينه بألوان زاهية وتجمعن شقائق النعمان مع قشور البيض الملون وتزين باب الدار إيذاناً ببدء العيد، وفي يوم العيد تزور النسوة قبور موتاهم وتوزع الصدقات على أرواحهم بينما الرجال يقومون بزيارة الأهل والأقارب، كما ينتهي الخصام بين الناس إن وجد كما تنثر قشور البيض في الحقول والمزارع لتجلب لهم البركة والموسم الجيد، ومن خصوصيات العيد أيضاً الزواج محرم في شهر نيسان ويحرم الصيد والقتل، من هنا استغل الأعداء والحاقدين هذه الفرصة وأعدوا العدة للهجوم عليهم وإبادتهم، لكن يكفينا محبة شعبنا واحترامه لعيدنا وكافة تقاليدنا، لأنه بالمحصلة الغرباء زائلون ونحن ومن يعيش معنا على الأرض باقون».
اقرأ أيضاً: في العيد.. “سكايب” يجمع العوائل السورية المشتتة
يتحدث “عبدي” عن تاريخ الإيزيديين قائلاً إنهم «سكنوا بلاد ما بين النهرين منذ قدم التاريخ وهم من الشعوب الآرية يتكلمون اللغة الكردية ويستخدمونها في أدعيتهم وصلواتهم يؤمنون بالله الواحد سموه “آزدا”، أي الخالق سبحانه وتعالى، ظلوا ومنذ الماضي البعيد محافظين على خصوصياتهم الدينية والعرقية والقومية، وعلى عاداتهم وتقاليدهم الكردية، رغم قساوة العيش والآلام والفرمانات والتهجير والانتهاكات المستمرة بحق هذا المكون الإيزيدي حتى يومنا هذا»، يضيف: «الإيزيدية بقايا ديانة قديمة غير تبشيرية كغيرها من الأديان التي سميت بالسماوية جميع نصوصها وشعائرها غير مكتوبة (علم الصدر). لكي تحافظ على ديمومتها ونقاوتها وحتى لا تنحرف نصوصها لتبقى سليمة، لها مناسباتهم وأعيادهم وعاداتهم وتقاليدهم ورثوها من أجدادهم وهي ليست موروثة من الديانات الأخرى من جملة هذه الأعياد عيد رأس السنة الشرقية الذي نسميه (صرسال) أو (جارشما صور) الأربعاء الأحمر هذه المناسبة لها أهميتها الخاصة لدى الإيزيديين ومباركة وشهر نيسان له مكانة خاصة لدى أتباع هذه الديانة».
اقرأ أيضاً: “نوروز” سوريا هذا العام ليس كسابقيه … كيف احتفلت الجزيرة السورية؟