اتفاقيات بالجملة لتزويد سوريا بالغاز .. ووعود لا تتوقف بتحسّن الكهرباء
الغاز القطري لم يكن قطرياً .. والتوريدات الأذرية تطوي صفحة الغاز التركي

تتالت إعلانات السلطات السورية الجديدة عن اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتزويد “سوريا” بكميات كبيرة من الغاز القادم من “قطر” و”تركيا” تحديداً بهدف تحسين واقع الكهرباء في البلاد، لكن النتائج على الأرض لم تكن متوازية مع التصريحات الإعلامية التي بشّرت السوريين بحلول ملموسة لواقع الكهرباء.
سناك سوري_ هبة الكل
أحدث التقارير تشير إلى أنّ سوريا تعاني عجزاً ضخماً في إنتاج الكهرباء بنسبة تصل إلى 75% نتيجة الحصار والعقوبات الاقتصادية من جهة وتدمير وإتلاف وسرقة البنية التحتية للشبكة الكهربائية من أخرى.
في هذا الإطار يأتي الإعلان عن الاتفاقيات والتفاهمات مع دمشق كبداية خارطة طريق تجاوز هذا العجز وتحقيق آمال السوريين/ات في إنارة بيوتهم كما حياتهم.
وبلغت نسبة الاتفاقيات 22%، بينما مذكرات التفاهم 78% من أصل المجموع الكلي للوثائق الموقعة، وفق التالي:
اسم الوثيقة | تاريخ الإعلان | الأطراف الموقعة | أبرز التفاصيل |
---|---|---|---|
اتفاقية منحة قطرية | 13 آذار | صندوق التنمية القطري / وزارة الطاقة الأردنية | – توفير 2 مليون متر مكعب من الغاز القطري، لتزويد أولي بمقدار 400 ميجاواط. |
مذكرة تفاهم سورية/أردنية لإنشاء مجلس التنسيق الأعلى | 20 أيار | الخارجية السوري “أسعد الشيباني” / نظيره الأردني “أيمن الصفدي” | – إعداد الدراسات اللازمة لإعادة تشغيل خط الربط الأردني. – إمكانية الاستفادة من ميناء الغاز الجديد عام 2026. |
اتفاقية سورية تركية | 22 أيار | الطاقة السوري “البشير” / نظيره التركي “ألب أرسلان بيرقدار” | – تزويد سوريا بمقدار 2 مليار متر مكعب غاز تركي وتفعيل خط أنابيب غاز جديد، مع 1000 ميجاواط كهرباء إضافية. |
مذكرات تفاهم باسم “الصفقة الكبرى” | 29 أيار | وزارة الطاقة السورية / تحالف دولي لشركات رائدة | – توقيع 4 مذكرات تفاهم في مجال الطاقة عبر تحالف استثماري من أربع شركات أميركية وقطرية وتركية، بقيمة 7 مليار دولار، وإنشاء 4 محطات توليد طاقة، ومحطة طاقة شمسية. |
عقد استثماري سوري تركي | 30 أيار | الشركة العامة للكهرباء في محافظة حلب / الشركة السورية التركية للطاقة الكهربائية STE | تأهيل البنية التحتية الكهربائية والتشغيل والإدارة لمدة 6 سنوات. |
مذكرة تفاهم طاقة شمسية | 1 حزيران | المؤسسة السورية لنقل وتوزيع الكهرباء / شركة سولار ريكس | – مشروعا طاقة شمسية في ريفي دمشق وحماة |
مذكرة تفاهم طاقة شمسية | 30 حزيران | المؤسسة لنقل وتوزيع الكهرباء / شركة 20Solar Energy LLS الأمريكية | – مشروعا محطتين لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، في مواقع تحدد لاحقاً |
اتفاق ومباحثات سورية أردنية | 2 تموز | وزير الطاقة السوري / نظيره الأردني | – زيادة كميات الغاز القطري الموردة من الأردن، واتفاقية توفير 4 محطات طاقة شمسية. |
مذكرة تفاهم “باكو- دمشق” | 12 تموز | وزير الطاقة السوري / وزير الاقتصاد الأذربيجاني “ميكائيل جباروف” | – تعاون في مجالات الطاقة وتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا من تركيا. |
اتفاقيات ومذكرات تفاهم المنتدى الاستثماري السوري السعودي | 24 تموز | ممثلون عن القطاعين العام والخاص من البلدين | – توقيع 47 مذكرة تفاهم استثماري بقيمة 6.4 مليار دولار في مجالات الطاقة والبنية التحتية، 9 منها اتفاقيات موقعة. |
مذكرة تفاهم سورية سعودية | 27 تموز | وزير الطاقة السوري / وزير الطاقة السعودي “عبد العزيز بن سلمان آل سعود” | – توطيد العلاقات في مجال الكهرباء، والنفط والغاز وغير ذلك. |
وإذا أخذنا بعين الاعتبار التوصيفات القانونية وفوارقها بين الاتفاقية من ناحية الإلزام القانوني والالتزام ببنودها، وبين مذكرة التفاهم غير الملزمة والتي تقع في إطار النية والتهيئة لأرضية اتفاق، نلحظ تريثاً من الدول في تثبيت تعاونها مع سوريا الجديدة ليضع الأخيرة أمام كم من التحديات والمعوقات في مجال الإعمار الخدمي الكهربائي لا سيما وسيادة الأمن والاستقرار السياسي.
الغاز الأذري يغيّب نظيره التركي
تنص المنحة القطرية والاتفاقية مع “تركيا” على تزويد “سوريا” بـ 3.2 غيغاواط من الكهرباء يومياً، في وقتٍ لا يتجاوز فيه إنتاج الكهرباء الحالي 1.3 غيغاواط، ما يعني زيادة ساعات الكهرباء أكثر من الضعف، لا سيما أن تقديرات الطلب اليومي كاملةً تصل إلى 6.5 غيغاواط، لكن ذلك لم ينعكس بشكل واضح على يوميات السوريين.
من جانب آخر، فإن منحة الغاز القطري المقررة في آذار إلى محطة التزويد “دير علي” بريف دمشق، لم تكن من الغاز القطري وإنما غاز أمريكي بتمويل قطري، أي أنّ قطر اشترت الغاز الأمريكي من شركة “نيو فورتريس” الأميركية المالكة لسفينة التغييز (المسؤولة عن تحويل الغاز المسال إلى الحالة الغازية” “ إنرغوس إسكيمو” في ميناء العقبة الأردنية على أن يتم ضخه عبر خط النقل العربي.
فيما عقد وزير الطاقة السوري “محمد البشير” اجتماعاً في حزيران الماضي مع المسؤولين القطريين والأردنيين لبحث خطوات تسريع عمليات توريد الغاز لتحسين توليد الكهرباء في “سوريا”، ما أظهر أن غاز المنحة القطري لم يصل بعد.
وعن أسباب عدم وصول الغاز، قال حينها مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء “خالد أبو دي” أن هناك مشكلات فنية في شبكة ربط الخط العربي، وأن خط النقل في “دير علي” لم يوضع بالخدمة بشكل كامل جراء التعديات والسرقات، علماً أن “أبو دي” نفسه أعلن في وقت سابق جهوزية البنية التحتية للخط بالكامل وعدم وجود أي صعوبة فنية.
ثم أعلن وقف إمداد الغاز “المفقود” لغياب سفينة التغييز الأمريكية السابقة التي ظهرت لاحقاً في “مصر”، مرجحاً نقل عمليات التغويز إلى مصر، ليُعاد ضخ الغاز عبر شبكة خط الغاز المصري – الأردني، ومن ثم إلى سوريا، وذلك ريثما يُستكْمَل إنشاء محطة التغويز الخاصة في الأردن.
الأمر الذي يدعو إلى الاستفسار حول حقيقة وصول الغاز ومدى جدية التصريحات ومستوى شفافيتها واطلاعها لا سيما وأن السفينة “إنرغوس” قد غادرت ميناء العقبة إلى مصر منتصف نيسان الجاري.
وبعد إعلان ضخ الغاز الأذري عبر الأراضي التركية، غاب الحديث عن الاتفاقية التركية، واستخدام أنابيب خط “كيليس-حلب” لنقل الغاز الأذري، بعد أن كان من المفترض تخصيصه لضخ 2 مليار متر مكعب من الغاز التركي وفق الاتفاقية.
في حين، قال وزير الطاقة التركي “ألب أرسلان بيرقدار” أن شركة “سوكار” الأذرية الحكومية قد تصبح شريكاً في خطط تركيا لتزويد سوريا بالغاز الطبيعي وفق ما نقلت عنه وكالة “رويترز“، وأتبع ذلك بتصريح آخر في تموز أعلن فيه مشاركة “أذربيجان” مع بلاده في الصادرات الغازية إلى “سوريا” عبر “كيليس”، لتبدأ مرحلة تغييب الإمدادات التركية لصالح الأذرية.
في الأثناء، أعلن المدير العام لمؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء “خالد أبو دي“ اليوم بدء الزيادة التدريجية في ساعات وصول التيار الكهربائي إلى جميع المحافظات. مضيفاً أن معدل التغذية الكهربائية أصبح حالياً يتراوح بين 7 إلى 8 ساعات يومياً، وذلك بفضل إدخال الغاز الأذري إلى محطات التوليد.
وبحسب “أبو دي” فإن كميات الغاز المرسلة ما تزال في المرحلة التجريبية وتبلغ نحو 2.4 مليون متر مكعب يومياً، وهي أقل من الكمية المتفق عليها البالغة 3.4 مليون متر مكعب، إلا أنها انعكست بشكل إيجابي على واقع الكهرباء. مشيراً إلى أن تحسن الأحوال الجوية ساعد بدوره في رفع مردود مجموعات التوليد، ما أسهم في تعزيز استقرار التغذية الكهربائية.
مدير المؤسسة أكد أن جميع الكوادر في قطاع الكهرباء تعمل بشكل مستمر على استثمار الغاز الأذري وجميع الإمكانات المتاحة لتقديم خدمة كهربائية أفضل وأكثر استدامة، رغم الصعوبات والتحديات الفنية الكبيرة التي يواجهها القطاع. مبيناً إن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التحسن مع استقرار ضخ الغاز واستكمال أعمال الإصلاح.