إفراغ البلاد من عمالها.. سافروا بحثاً عن عمل براتب جيد
خبير اقتصادي يدق ناقوس الخطر: بدأنا نلمس نقصاً باليد العاملة في “السويداء”
سناك سوري – رهان حبيب
قرر “معين عباس نصر” 50 عاماً من قرية “نجران” في “السويداء”، العودة إلى “ليبيا” للعمل بعد أن فقد الأمل من تحسن أحوال العمل في “سوريا” مثله مثل كثير من شباب المدينة، الذين أتقنوا حرفاً مختلفة منتجة لكنها لم تعد كافية لسد تكاليف واحتياجات الحياة اليومية.
“نصر” الذي سافر أول مرة في العام 2000 إلى “ليبيا” باحثاً عن عمل عاد إلى مدينته “السويداء” بداية العام 2011، لكنه قرر العودة إلى “ليبيا” مرة جديدة وغادر مجدداً في شهر آذار من العام الحالي 2021، يوضح في حديثه مع سناك سوري أن فرص العمل حيث سافر مناسبة لأصحاب الحرف، الذين باتوا ينتقلون إلى هناك رغم ارتفاع تكاليف السفر التي تصل إلى 5 مليون ليرة عن طريق شركات معينة تؤمن الفيزا، لكون الراتب في ليبيا لا يقل عن 3 مليون ليرة سورية شهرياً لأصحاب الحرف.
“نصر” الذي أسس منذ شهرين تقريباً معملاً صغيراً للدهانات في “ليبيا”، يعرف أن نسبة كبيرة من الشباب منهم الطيان والبلاط وعامل التمديدات الصحية والكهربجي قد سافروا ولا يلوم أحد فقد عمل كثيراً في “سوريا” لكنه لم يتمكن من الاستمرار، «فما بالك بعامل اليومية ومن ينتظر الورشة ليحصل على الطعام له ولعائلته»، لكنه يحزن على مدينته التي حرمت من يد عاملة وخبرات شباب ضحوا للاستقرار ولم تسعفهم الظروف بذلك.
تعتبر كل من “أربيل” و”بغداد” في العراق، أحد الوجهات التي قصدها سوريون كثر مؤخراً بحثا عن عمل براتب جيد، حيث يتم طلب العديد من المهن فيها مثل الحلاقين، الخياطين والخياطات، والعمال وغيرها مهن كثيرة أخرى، كما يقول المغترب السوري في “أربيل” “نزار.ق”، ويضيف: «الراتب الجيد يهوّن مرارة الغربة».
يقول “نزار” 27 عاماً وهو كوافير نسائي: «تعلمت في “سوريا”، وأتقنت المهنة وخضت تجربة جيدة في “لبنان”، وعدت لتأسيس لصالوني الخاص. حاولت عدة سنوات العمل لكن ليس هناك سوق للعمل في مدينتي، لذا قبلت دعوة إحدى الشركات وسافرت بعد أن حظيت بدخل جيد يساعدني على شراء منزل في بلدي».
اقرأ أيضاً: منعاً للهجرة.. تسهيلات جديدة لأطباء سوريا خلال الخدمة العسكرية
الخبير الاقتصادي “نبيل سلطان” يؤكد أن “السويداء” بدأت تعاني نقصاً باليد الخبيرة، في جميع المجالات ( نجار – طيان – بلاط – سباك – كهربائي – ميكانيكي – حلاق – كوافير – فني – عمال مطاعم …)، و الكثير غيرها، حيث تفرز هجرة العقول والطاقات البشرية السورية إلى دول العالم والغرب ومؤخراً إلى “ليبيا” و “أربيل” عدّة آثار سلبية، رغم أن العائد من السفر والهجرة جيد للشباب وفرصة عمل لم تتوفر في “سوريا” لكن عائده لا يتناسب مع الخسائر التي تنتج عنه في المستقبل القريب والبعيد على واقع التنمية في “سوريا”، ولا تقتصر هذه الآثار على واقع ومستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكنها تمتد أيضاً إلى التعليم في “سوريا” وحاجات سوق العمل.
أستاذ الاقتصاد في كلية التجارة بمحافظة “السويداء”، يصف الانعكاسات السلبية لنزيف الطاقات بأنه نوع من ضياع الجهود، والطاقات الإنتاجية والعلمية لتصب في شرايين البلدان الأخرى، بينما تحتاج التنمية الوطنية للإمكانات الشبابية في مجالات الاقتصاد، والتعليم والصحة وغيرها وإعادة البناء والتعمير واستنزاف اليد العاملة الخبيرة.
يدق الخبير الاقتصادي ناقوس الخطر و يؤكد ضرورة العمل لمواجهة هذا النزوح لجميع طاقات شبابنا الذي يبدد الموارد الإنسانية والمالية التي أنفقت في تعليم وتدريب الكفاءات، وبناء المهارات الحرفية التي تحصل عليها تلك البلدان في مقابل زهيد، ناهيك عن الأثر الاجتماعي لهذه الظاهرة من ناحية ترك الآباء للأبناء وعدم إشرافهم على تربيتهم مما يسهم في زيادة معدلات الانحراف والجريمة بين الأبناء وبالتالي انعكاسه على مستقبل اجتماعي مظلم يهدد مجتمعنا.
اقرأ أيضاً: بعد الصومال.. أطباء سوريين سافروا إلى اليمن بقصد العمل!