إعلان إكسبو سوريا.. نوكيا في زمن الآيفون
"ربّ رمية من غير رامٍ".. إعلان إكسبو سوريا الدعاية السيئة نوع من الدعايات الجيدة عفكرة!
إعلان إكسبو سوريا غريب لدرجة تدفع للتساؤل: هل قصد معدّوه إثارة حالة من الجدل. بهدف زيادة الترويج ونشر أوسع للدعاية أم أن الأمر مجرد سوء تقدير أنتج إعلاناً سيئاً حقاً؟
سناك سوري – نور سليمان
الإعلان ليس مجرد أداة تسويقية، بل هو وسيلة لنقل صورة البلد وهويته إلى العالم في سوريا، هذه الصورة تعاني من مشاكل جذرية تعكس أزمة أعمق في الإعلام والإنتاج الفني. من الفيديوهات المضحكة حد البكاء إلى النصوص المغبرة التي تبدو وكأنها قادمة من زمن آخر، أصبح الإعلان السوري بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة.
بين الماضي والحاضر… والخيال!
في عالم الإعلان، الكلمات لها سحرها، والصور لها قوتها. لكن في سوريا، يبدو أن الأمور تأخذ منحى آخر، حيث تُستخدم الكلمات الكبيرة والمصطلحات الشاعرية في غير محلها، لتخلق تناقضاً عجيباً بين الواقع والخيال. إعلان “إكسبو سوريا” الأخير هو خير مثال على ذلك.
حيث تداخلت فيه مصطلحات مثل “أديم الأرض” و”نجم سهيل”، ولكن ليس كما قد نتخيل. ففي الفيديو، يستحضر النص عبارة “أديم الأرض” وكأنه يصف قطعة من الجنة على الأرض، لكن ما يُعرض على الشاشة لا يمت للجمال بصلة. الصور بدقة منخفضة، تجعل المشاهد يشعر وكأن أديم هذه الأرض قد غطاه ضباب كثيف من سوء الجودة.
ومن أبرز المشاكل التي يعاني منها الإعلان السوري هي الجودة البصرية. يبدو أن العديد من الإعلانات تعتمد على معدات تصوير غير محدثة منذ سنوات طويلة، فتظهر اللقطات وكأنها مأخوذة من كاميرا موبايل قديمة. (يا جماعة مين قال الجودة مو ضرورية؟ لأن واضح أنه اللقطات بالفيديو مصورينها بكاميرا موبايل 2007)! أما الفكرة، فلازم تكون محط إعجاب، بس للأسف، إعجاب من نوع “كيف خطرت ببالهم؟.
في الفيديو، يستحضر النص عبارة “أديم الأرض” وكأنه يصف قطعة من الجنة على الأرض، لكن ما يُعرض على الشاشة لا يمت للجمال بصلة
جدياً، هل هذا أفضل ما لدينا؟ لكن مهلاً، لنتوقف عن السخرية للحظة: إذا كان هاد الفيديو بمثابة واجهتنا للعالم، فيجب أن نفكر بجدية، من يختار هذه الأفكار؟ ولماذا نبتعد كثيراً عن الإبداع؟
الصورة والكلمة: تنافر بدل الانسجام
الجمع بين هذه المصطلحات الشعرية وبين صور لا تعكس جمال الأرض ولا رونق السماء، جعل من الفيديو مادة حائرة بين السخرية والجدية. النص يتغنى بأرض أديمها يُشبه الذهب، وسماء تتزين بنجم سهيل، لكن المشاهد لا يرى سوى فيديو مليء بالتناقضات. صورة مهزوزة وصوت يدلّ على أنّ الحرب قد بدأت، وكلمات تبدو وكأنها أتت من قصيدة.
الأفكار: ابتكار معدوم أم روتين متكرر؟
في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو الابتكار والتجديد في الأفكار الإعلانية، يبدو أننا عالقون في تكرار الأفكار القديمة والمستهلكة. الإعلان عن مشاريع أو فعاليات جديدة يتم بأسلوب تقليدي لا يثير الاهتمام ولا يشجع المشاهد على التفاعل. وغالباً ما يتم اختيار مواضيع قديمة أو رمزية بشكل مفرط، مما يجعل المشاهد يشعر بالملل أو يبتسم بسخرية.
الإعلان الذي يُفترض أن يكون واجهة مشرقة للبلد تحول إلى مادة للسخرية أو الانتقاد. والأدهى من ذلك أن هذه الإعلانات، بدلاً من تعزيز صورة سوريا، تساهم في تشويهها. سواء كان الإعلان عن مهرجان، فعالية دولية، أو حتى مشروع محلي، (بعد ما تشوف الفعاليات الاقتصادية الخارجية إعلان إكسبو سوريا، احتمال كبير يقولوا: إذا هي جودة الإعلان، يا ترى كيف ممكن تكون الفعالية؟!)
وغالباً ما يتم اختيار مواضيع قديمة أو رمزية بشكل مفرط، مما يجعل المشاهد يشعر بالملل أو يبتسم بسخرية.
هل من أمل في التغيير؟
لعلّ هذا الفيديو هو دعوة لنا لإعادة التفكير في كيفية استخدام كلماتنا وصورنا لنقل رسالة حقيقية عن سوريا، بعيدة عن التناقضات والإهمال. ويبدو أنّ الوقت قد حان لإعادة التفكير في كيفية صناعة الإعلانات في سوريا، ليس فقط على مستوى التكنولوجيا، بل أيضاً على مستوى الفكرة والرسالة. فإذا أردنا أن نكون جديرين بثقة المشاهد، علينا أن نقدم محتوى يليق بتاريخنا وثقافتنا، محتوى يحترم ذكاء المشاهد ويعكس الصورة الحقيقية لسوريا.
ولكن، هل ستتحقق هذه الأمنيات؟ أم سنظل نكرر نفس الأخطاء، ونترك العالم يضحك، ليس معنا، بل علينا؟
بالعموم وعلى مبدأ “رب رمية من غير رامٍ”، حقق الإعلان انتشاراً واسعاً، وسواء بقصد أو من دون قصد فإن مفهوم الدعاية السيئة موجود والقصد منه عادة إثارة حالة من الجدل لتحقيق هدف الرسالة الإعلانية، (وهيك صار مع إكسبو سوريا غالباً).
وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قد أعلنت عن انطلاق اكسبو سوريا معرض الصادرات السورية. على أرض مدينة المعارض الجديدة بريف دمشق في الرابع من أيلول القادم وحتى الثامن منه.