إحداث مديريات للإدارة المحلية .. هل يتجاوز القانون ويخالف الإعلان الدستوري؟
تساؤلات حول صلاحيات الأمين العام للرئاسة .. والإدارة المحلية تستبدل الانتخابات بتوزيع المناصب

فتح قرار إحداث مديرية عامة للإدارة المحلية والبيئة في كل محافظة سورية باب التساؤلات حول المراجع القانونية التي استند إليها والصلاحيات التي ستمنح للمديريات ومدى توافقها أو تضاربها مع صلاحيات ومهام مجالس المدن والمحافظات.
سناك سوري _ دمشق
ونصّ القرار الصادر عن “الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية” على إحداث مديرية عامة للإدارة المحلية والبيئة في كل محافظة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، وترتبط إدارياً بوزير الإدارة المحلية والبيئة فنياً، ويكون لها فروع في المحافظة على مستوى كل منطقة، وقد حمل القرار تاريخ 1 تشرين الأول الجاري لكنه لم يظهر للعلن إلا أمس.
ومنح القرار لوزير الإدارة المحلية صلاحية تحديد مهام المديريات المحدثة وهيكلها التنظيمي والوظيفي، على أن يسمّى المدير العام للمديرية المحدثة وتحدد مهامه بقرار من الوزير أيضاً، ويكون نائباً للمحافظ فيما يتعلق بشؤون الإدارة المحلية والبيئة.
من جهة أخرى، فقد شهدت منشورات رسمية إشارات لوجود “مدير الإدارة المحلية” في عدة محافظات قبل صدور القرار، مثل مدير عام الإدارة المحلية في حماة “محمود سلقيني”، ومدير الإدارة المحلية في حلب “أحمد كردي”، “علي عاصي”ومدير الإدارة المحلية في اللاذقية وغيرهم.
مخالفة الإعلان الدستوري
انتقد الناشط السياسي “محمد سبسبي” القرار من ناحية مخالفته للإعلان الدستوري، وقال أنه لاحظ تكرر خروقات الإعلان الدستوري، وقال أن هناك مسؤول كبير يشغل منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، يصدر قرارات ويترأس اجتماعات حكومية دون أن يكون له أي اختصاص أو صلاحية لفعل ذلك، ويتصرف بطريقة فيها خرق للإعلان الدستوري الحالي وحتى للدستور السابق بل لكل دساتير الدولة من أول عمرها وفق حديثه، في إشارة منه إلى الأمين العام لرئاسة الجمهورية “ماهر الشرع”.
واعتبر “سبسبي” أن الغريب في هذه الظاهرة هو السكوت عنها وربما التواطؤ معها من قبل شريحة واسعة من المبشرين بمسيرة الانتقال من الثورة إلى الدولة.
تجاوز قانون الإدارة المحلية 107
تنص المادة 51 من الإعلان الدستوري على استمرار العمل بالقوانين النافذة ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها.
في حين، لا يحتوي قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 أي إشارة لإحداث مديريات للإدارة المحلية، بل يوزع صلاحيات الإدارة المحلية على المحافظ ومجلس المحافظة ثم مجلس المدينة فالبلدة وصولاً لمجلس البلدية.
كما أن اختيار أعضاء ورؤساء المجالس المحلية يتم بالانتخاب المباشر، ولمدة 4 سنوات، وينصّ القانون على أن “سوريا” تتكون من وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي وهي “المحافظة، المدينة، البلدة، البلدية”، ويمثّل الناخبون في الوحدة الإدارية أصحاب الإرادة للشخصية الاعتبارية عن إرادتهم، وتعتبر المجالس المحلية للوحدات الإدارية المنتخبة ممثلاً لإرادة الشخصية الاعتبارية وتتحدد مسؤوليتها القانونية بموجب أحكام القانون ذاته.
القانون نصّ أيضاً على تشكيل المجلس الأعلى للإدارة المحلية ويكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء ويكون وزير الإدارة المحلية نائباً له، وبعضوية رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي والمحافظين ورؤساء المجالس المحلية للمحافظات ورئيس هيئة التخطيط الإقليمي ومعاون الوزير.
لكن القرار الجديد يخالف ما نصّ عليه القانون، بدءاً من استحداث مديريات غير مذكورة فيه، وتعيين مدراء لها بقرار الوزير بعيداً عن أي “انتخابات”، ومخالفة جوهر القانون الذي اعتبر الناخبين أصحاب الإرادة للشخصية الاعتبارية، ومع استبدال “الانتخابات” بـ”التعيين” فقد تم سلب إرادة الناخبين، إضافة إلى تجاهل تشكيل المجلس الأعلى للإدارة المحلية.
من جانب آخر، فإن القرارات الصادرة عن “الأمين العام لرئاسة الجمهورية” لا زالت موضع تساؤل عن صلاحيات الأمين العام، وما إذا كان قد حلّ محل رئيس مجلس الوزراء بعد أن تم إلغاء المنصب وأصبحت الحكومة برئاسة رئيس الجمهورية.
وتظهر هذه القرارات نوعاً من التخبّط في إدارة ملف الإدارة المحلية، إذ تتداخل الصلاحيات والمهام وتتغلّب التعيينات واستحداث المناصب الجديدة وتوزيعها، وفرض هذه القرارات على سكان الوحدات الإدارية دون أخذ آرائهم بعين الاعتبار.