إجازة مرضية.. أكثر جملة يسمعها المواطن عند مراجعته لدائرة حكومية.. ما سرها؟

كيف تأخذون إجازة مرضية دون أن تضطروا للمرور بلجنة فحص العاملين.. موظفون “أذكياء لعبوها صح”.. ماذا عنك هل تريد التعرف إلى الطريقة؟
سناك سوري – خاص
من منا لم يراجع دائرة حكومية ويجد الموظف المعني غائباً وعندما يسأل عنه يقولون له “إجازة مرضية”، وبعد ساعة يراه جالساً على القهوة مثلاً يشرب الأركيلة، أو يصادفه على الشاطئ “عم يعمل برونزاج” أو في الربوة عم يتغدى مع العائلة… إلخ، ويتساءل المراجع في نفسه، مو عأساس هذا الموظف مريض؟، والأهم من هيك أن هذا الموظف (المتمارض) عندما يغيب لايوجد من يحل محله في أغلب الأحيان، وعلى المراجع العودة في يوم آخر (وتحمل يامراجع اذا بتتحمل).
كيف يحصل الموظف على الإجازة المرضية؟
راجعت “لما” طبيب الداخلية العامل في لجنة فحص العاملين بإحدى مديريات الصحة تخبره عن رغبتها في الحصول على إجازة صحية لتغيب عن دوامها الرسمي رغم أنها لاتعاني أية حالة مرضية.
“لما” ليست الوحيدة من الموظفين العاملين في مختلف مؤسسات الدولة الذين يدفعون المعلوم لطبيب معين في لجنة فحص العاملين مقابل الحصول على إجازة مرضية تتراوح بين 10 أيام وحتى شهر كامل.
يقول طبيب في اللجنة خلال حديث خاص مع “سناك سوري” طالباً عدم ذكر اسمه إن «الكثيرين ممن يرغبون التغيب عن دوامهم يتفقون مع أطباء من اللجنة التي أصبحت معروفة لدى الجميع ويقومون بدفع المعلوم الذي يترواح اليوم بين 3000- 5000 ليرة سورية وذلك خلال زيارتهم للطبيب في عيادته الخاصة».
أطباء اللجنة الذين أقسموا على تنفيذ مهمتهم الإنسانية تحولوا إلى تجار مهنة حيث أن البعض منهم يشترط القيمة المالية اللازم دفعها للحصول على الإجازة، رغم أن مديرية الصحة تعمد إلى تغيير دوري للأطباء الأعضاء في اللجنة لكن يبدو أن القضية تحولت إلى عرف يشارك في ترسيخه وتثبيته المواطن الراغب بمخالفة القوانين والغياب غير الشرعي عن دوامه وهنا توضح “أحلام” قائلة: «القضية تحولت إلى عرف محلي حتى أن أي شخص يريد الحصول على إجازة يمكنه زيارة اللجنة وخاصة السيدات اللواتي تكثر إجازاتهن الصحية لأسباب مختلفة “يللي بدا تعزل ويللي مو جاي عبالها الدوام ويللي زوجها مريض وكتير حالات من هذا النوع”».
الحمل هو السبب!
أما “ديما” الحامل في شهرها التاسع وبطنها “واصل لحلقها” استفادت من الفساد في اللجنة بالحصول على إجازة الأمومة منذ بداية الشهر السابع، حيث راجعت طبيب النسائية الخاص وهو أحد أعضاء اللجنة في عيادته للحصول على تقرير طبي مزور يقول أنها تعاني من نزف يهددها بولادة مبكرة .
مشكلة عدم وجود إجازة أمومة للولد الرابع ضاعفت من المخالفات بهذا المجال حيث تراجع السيدات اللجنة للحصول على إجازات مرضية متتالية بعد الولادة، وهنا تقول”إيمان” لـ “سناك سوري”: «القانون لايسمح لي بإجازة أمومة فاضطررت للذهاب إلى عيادة طبيب اللجنة والاتفاق على منحي شهوراً متتالية وحصلت على أربع أشهر أقوم بتجديدها بشكل دوري»، مشيرة إلى أن الكثيرات مثلها يحصلن على هذا النوع من الإجازات.
ليست كل الاجازات المرضية تحتاج إلى لجنة فحص العاملين.. “وفروا على حالكن البرطيل”!
وبالنسبة لـ “ابتسام” التي تعمل في أحد الوسائل الإعلامية، فهي تحصل على إجازة صحية بدون أن تضطر أصلاً لرؤية لجنة فحص العاملين، توضح الأمر لـ”سناك سوري” فتقول: «الموضوع بلش قبل حوالي السنتين، لما جابولنا جهاز البصمة وصار الدوام اجباري ستة أيام في الأسبوع 7 ساعات في اليوم، وتلك مدة لم نعتد أن نداومها خصوصاً أنه لا يوجد غرف مؤهلة لاستيعابنا ولا حتى كراسي نجلس عليها، لذلك كان لابدّ من الحصول على إجازة مرضية».
تضيف: «حين تتقدم بطلب الحصول على إجازة مرضية من يوم ولغاية 9 أيام فأنت لست بحاجة إلى لجنة فحص العاملين فقط تقرير طبي من أي طبيب مصدق أصولاً من مديرية الصحة وتقديمه إلى مكان عملك و”بيمشي الحال”، وغالباً ما آخذ 3 اجازات شهرياً أو اثنتين كل واحدة منهما 9 أيام دون الحاجة إلى رؤية اللجنة التي نحتاجها فقط إن كانت مدة الإجازة من 10 أيام وطالع».
“أعطونا رواتب منطقية لنداوم نظامي”!
ويختلف الحال تماماً عند “أحمد” الموظف الذي يحتاج لأكثر من 1000 ليرة يومياً للوصول إلى دوامه، يضيف لـ”سناك سوري”: «لو داومت كل يوم بشكل نظامي، فأنا أحتاج فوق راتبي الشهري لأتمكن من دفع أجور المواصلات، هذا دون أن أفكر حتى بمصروفي أو حاجاتي الأخرى أو بناء منزل وغيرها من الأمور الأخرى، لذلك فأنا ألجأ لأخذ إجازة صحية لمدة 15 يوم كل شهر أي نصف الشهر تقريباً»، يضيف: «بس يزيدولنا الرواتب منبقى منداوم».
وأما “هدى” فهي تتفق مع “أحمد” بنقطة عدم كفاية الراتب، لكن محل سكنها قريب من دوامها ومع ذلك فهي لا تداوم كثيراً وتلجأ لأخذ الاجازات الصحية، تضيف في حديثها مع “سناك سوري”: «يعني بالمنطق إذا عميعطوني هلا 10% من قيمة الراتب يلي كنت آخدوا قبل 7 سنين، فليش بدن ياني داوم كل الشهر، منطقياً لازم داوم 10% من مجمل أيام الدوام، لذلك ضميري مرتاح ورح ضل آخد اجازات صحية».
اللجان الصحية تمنحك وظيفة أيضاً ليس فقط مجرد إجازة عابرة!
مخالفات اللجان الصحية لم تقتصر على منح الإجازات المرضية بل وصلت إلى منح تقارير إعاقة لمواطنين لا يعانون من أي نوع من أنواع الإعاقة مقابل الحصول على بطاقة معاق تمكنهم من الحصول على وظيفة مثلاُ ومنهم “سامر” الذي ضاقت به السبل للقبول بوظيفة في القطاع العام فأراد الاحتيال على القانون والتقدم لوظيفة خاصة بالمعاقين موضحاً أنه دفع مبلغاً مالياً كبيراً لطبيب خاص حتى يضمن حصوله على البطاقة والوظيفة معاً.
ويتشارك العمال وأعضاء اللجان عملية استغلال قصور القوانين للغياب عن مؤسساتهم ودوائرهم بشكل شرعي في ظل غياب الرقابة الحقيقية من قبل الجهات المختصة التي لا تحرك ساكناً، حتى أن هذه الممارسات تحولت إلى عمل علني لايخشاه الأطباء ويفاخر به العمال.
اقرأ أيضاً : مرض الروتين الحكومي يصيب لجنة فحص العاملين