
تعرّض موقع أثري روماني في محافظة السويداء لعمليات تخريب وحفر غير قانونية أدّت إلى تدمير باب حجري أثري نادر، بحسب ما وثّقه ناشطون محليون، وسط تزايد ظاهرة البحث عن الذهب المدفون في مختلف المناطق السورية منذ سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024، وما تبعه من فراغ أمني وغياب واضح لدور الشرطة.
سناك سوري-دمشق
ونشر الناشط “مكسيم أبو ذياب” صورة للباب الحجري الذي تعرّض للكسر، وكتب معلقاً في الفيسبوك: «منذ شهر فقط كان هذا الباب الروماني الحجري بحالة سليمة، واليوم محطم ومفتوح بالقوة»، مشيراً إلى أن السبب لا يعود لعوامل الطبيعة، بل لما وصفه بـ«هوس الذهب المدفون»، والذي بات يشكل تهديداً مباشراً لما تبقى من التراث المعماري السوري.
وأوضح “أبو ذياب” أن عمليات الحفر تزداد في المواقع القديمة بفعل الشائعات المنتشرة حول الكنوز، ما يدفع البعض إلى استخدام أدوات حادة وأحياناً متفجرات، ما يتسبب بأضرار لا يمكن إصلاحها، وأضاف: «ما يحصل ليس طمعاً فقط، بل يعيد إنتاج منطق استهداف التراث كما فعل داعش، من خلال تدمير الرموز الثقافية وذاكرة المكان».
ويتميّز الباب المتضرر، بحسب وصف الناشط، بزخارف دقيقة وبنية بازلتية نادرة تعكس اندماجاً معمارياً بين الطراز الروماني والعناصر المحلية، وهو جزء من مدفن أو معصرة أو بيت يعود إلى الحقبة الرومانية، ما يجعله شاهداً حضارياً على ماضٍ غني بالإنتاج الزراعي والطقوس الاجتماعية.
ويشهد عدد من المناطق السورية، ازدياداً ملحوظاً في عمليات التنقيب العشوائي عن الذهب والآثار، بالتوازي مع انتشار واسع لمحتوى ترويجي على مواقع التواصل الاجتماعي حول “أجهزة كشف الدفائن”، والتي غالباً ما تتضمن رقم هاتف سوري مع عنوان للتواصل، ما يعكس خللاً أمنياً من جهة، وحالة يأس اقتصادية تدفع السكان نحو البحث في الأرض عن أمل مفقود.

ويرى ناشطون أن تفاقم الفقر وغياب دور الدولة في الحماية والرقابة، إضافة إلى سكوت فئات واسعة من المجتمع عن هذه الممارسات، يساهم في تعميق الجريمة الثقافية، حيث لا يقتصر التهديد على الموقع الأثري، بل يمتد ليشمل الرواية التاريخية والهوية الثقافية للمكان.
وختم أبو ذياب منشوره بالقول: «إذا ما فينا نمنع، فينا نحكي. إذا ما فينا نواجه، فينا نفضح. السكوت مشاركة».
وكانت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، نقلت عن أحد أعضاء المكتب الإعلامي للحكومة دون أن تذكر اسمه قوله، إن التنقيب لا يزال “غير قانوني من الناحية الفنية”، وأضاف أنه يتم غض الطرف عن الأمر لأن الحكومة غير قادرة على ملاحقة الجميع وإرسال دوريات إلى جميع المناطق.