أمير الحج الشامي الذي عارض الثورة العربية .. من هو عبد الرحمن باشا اليوسف؟
صاحب الثروة والزعامة دمشقي .. اغتيل بنهاية غير متوقعة
أبصر النور في حي “ساروجا” عام 1871 واحترق قصره المبنيّ في الحي ذاته قبل أيام ليضجّ الشارع السوري باستعادة ذكرى أمير الحج الدمشقي، من هو عبد الرحمن باشا اليوسف؟.
سناك سوري_سدرة نجم
تنحدر عائلة “اليوسف” من عشيرة كردية سكنت “دمشق”. ليصبح ابنها واحداً من أشهر الشخصيات السياسية أواخر القرن الـ 19.
لم يكد “اليوسف” يصل إلى العشرين من عمره حتى وجد نفسه يرث عن جده لوالدته “محمد سعيد شمدين آغا” إمارة الحج. ليواجه انتقادات ومعارضات بأن يكون أمير الحج الدمشقي وحامل لوائه شاباً في العشرين لكنه حافظ على موقعه.
رحلة الزواج والثروة
ترعرع “اليوسف” في ظل عائلة غنية وصاحبة ثروة. لكن زواجه من “فايزة بنت خليل باشا العظم” ضاعف تلك الثروة. فالفتاة تنتمي لعائلة تعرف بالسياسة والثروة وحكمت “دمشق” خلال القرن 18.
أنجبت “فايزة” له 4 فتيان هم “محمد سعيد” “عمر بك” “راغب بك” و”فؤاد بك” وقد ورثوا جميعاً عنه النشاط السياسي وانخرطوا في الشأن العام خلال مسيرة حياتهم.
انقلاب اسطنبول
السلطان “عبد الحميد” قيّدوا صلاحياته كما عزلوا معظم المستشارين العرب المحيطين به. الأمر الذي أثار هواجس “اليوسف” ودفعه للتحالف مع “الاتحاد والترقي” وخوض أول انتخابات نيابية في عهدهم. وفاز بالنيابة عن “دمشق” في مجلس “المبعوثان” وهو مجلس تشريعي منتخب يحق له محاسبة السلطان نفسه. فيما جدّد له أصحاب العهد الجديد الثقة في موقعه كأمير للحج الشامي.
انتُخب اليوسف مبعوثاً مجدداً في1912. وأصبح عضواً في مجلس الأعيان عام 1914 فضلاً عن استمراره كرئيس فرع اللجنة المركزية لجمعية الاتحاد والرقي في دمشق.
كان لـ”اليوسف” موقف سلبي من المؤتمر العربي في “باريس” عام 1913 الذي عقد لتوحيد المطالب العربية من العثمانيين. واتهم المشتركين في المؤتمر بما فيهم رئيسه “عبد الرحمن الزهراوي” بالتآمر على الدولة العثمانية والعمالة لـ”فرنسا” وفق ما ذكرت “الموسوعة الدمشقية”.
وفي بحث بعنوان “عبد الرحمن اليوسف. حياته ودوره السياسي”. يشرح الدكتور “علي حامد” أن موقف “اليوسف” كان نابعاً من فهمه أن السلطان العثماني يشكل المرجع الديني للمسلمين ولا يجوز الخروج عليه. خاصة وأن الدولة العثمانية روّجت لفكرة الجهاد المقدس وصدّ الهجوم الأوروبي على الدولة المتهالكة.
وبناءً على ذلك. فقد كان موقف “اليوسف” واضحاً من الثورة العربية الكبرى بقيادة الأمير “فيصل بن الحسين”. وتردّد في العودة إلى “دمشق” بعد قيام الحكومة العربية فيها لكن “فيصل” وجّه له رسالة طمأنه وأعطاه فيها الأمان.
تعلّق “اليوسف” بالسياسة دفعه للانضمام إلى العهد العربي الجديد الذي أصدر في أولى قراراته إلغاء منصب “أمير الحج”. لكن شعبيتة وزعامته في “دمشق” لم تنقص فانتخب مندوباً عن “دمشق” في “المؤتمر السوري العام”. ثم عضواً في مجلس الشورى خلال عهد “الأمير فيصل”.
وشارك عام 1920 في تأسيس الحزب الوطني الذي جمعه بشخصيات مرموقة مثل “تاج الدين الحسيني” و”الشريف علي بن الحسين”. حيث دعا حزبه إلى نظام ملكي مقيّد.
نهاية غير متوقعة
في العام ذاته أصبح “اليوسف” رئيساً لمجلس الشورى. بينما كانت القوات الفرنسية تجتاح “دمشق” بقيادة “الجنرال غورو”.
التجأ الأمير “فيصل” إلى “حوران” قبل أن يغادر منها إلى “فلسطين” ثم “أوروبا”. فاستضافه أهلها وقرروا الثأر له من الفرنسيين وحمل السلاح ضد الانتداب.
في المقابل فرض الفرنسيون غرامة 15 ألف دينار ذهبي على “حوران” فرفض أهلها. لتحاول الحكومة السورية القائمة فتشكّل وفد من رئيس الحكومة “علاء الدين الدروبي” ورئيس مجلس الشورى “عبد الرحمن اليوسف” ووزير الداخلية “عطا الأيوبي”. من أجل تهدئة الأوضاع جنوباً.
لكن تجمعاً مسلحاً من أبناء “درعا” كان ينتظر قطار الوفد الرسمي في محطة “خربة غزالة”. في حين كان جند سنغاليون من الجيش الفرنسي يرافقون الوفد. فأثار تجمع خوفهم ليبدأوا إطلاق النار الذي لم ينتهِ إلا بقتلهم واغتيال “الدروبي”. ثم القبض على “اليوسف” والتنكيل به حتى فارق الحياة بعدة رصاصات في جسده.
نهاية غير متوقعة للزعيم الدمشقي الذي لم يكن قد تجاوز الـ 49 من عمره. ونقل إلى “دمشق” حيث دفن في مقبرة “الشهداء” في “الدحداح” وفق ما ذكر الباحث السوري “سامي مروان مبيض” في بحثه “من قتل أمير الحج الشامي؟”.