
لم تتردد “حنان” بطلب المياه من جيرانها في الحي الذي نزحت إليه داخل مدينة السويداء، بعد أن وصلت إليه مع عشرة من أفراد عائلتها، هرباً من الهجوم الذي تعرّضت له قريتهم، لم يخيّب الجيران ظنّها، وطلبوا منها إحضار وعاء أكبر لتعبئته، بدلاً من العبوة الصغيرة التي حملتها، في مشهد يعكس تضامن الأهالي رغم الضيق المشترك.
سناك سوري-رهان حبيب
هذا الواقع يشبه ما يعيشه معظم سكان أحياء المدينة والقرى التي بقيت بعيدة عن نيران الهجوم، حيث تعرضت نحو 30 قرية لأضرار جسيمة وفق التوثيقات، ولم يجد سكانها سوى النزوح إلى المدينة وقرى الريف الشرقي والجنوبي، مما زاد من الكثافة السكانية وفاقم أزمة المياه، وهي أزمة كانت أصلاً حاضرة قبل “المقتلة” وهي التسمية التي يطلقها السكان على المجازر التي ترافقت مع الهجوم.
ورغم الانقطاع التام للكهرباء وتوقّف محطات الضخ لقرابة خمسة عشر يوماً، وجد الأهالي في المأساة فرصة للتكاتف، إذ تقاسموا ما توافر من كميات قليلة من مياه الشرب.
استمرار انقطاع التيار الكهربائي يفاقم أزمة المياه
في بلدة القريا، بادر فريق “ساعدني لساعدك” الشبابي إلى تخفيف الأزمة، أطلق المبادرة الشاب “رواد الحمود”، بالتعاون مع الهلال الأحمر، حيث جُهّزت سيارة “بيك أب” بألواح طاقة شمسية ومنظومة تغذية، وجابت الأحياء لمساعدة الناس في ضخ المياه إلى منازلهم.
وبحسب مؤسسي الفريق، فقد خدمت هذه المبادرة نحو 200 أسرة واجهت صعوبات بالغة خلال الأيام الخمسة عشر الماضية، وأسهمت في تحسين الوضع مؤقتاً، وأكّد الفريق لـ”سناك سوري” أن المبادرة مستمرة حتى عودة الكهرباء.
إعلان مؤسسة مياه الشرب
في الرابع والعشرين من تموز الجاري، أعلنت مؤسسة مياه السويداء أنها ستستأنف ضخ المياه إلى المدينة وقراها بعد عودة التيار الكهربائي، مشيرة إلى توقّف 14 بئراً من تجمع آبار الثعلة عن الخدمة، بسبب انقطاع الكهرباء عن المعامل، إضافة إلى بئر المشفى الوطني وبئر طريق الحج غرب السجن المدني.
كما أشار الإعلان إلى الأضرار التي طالت الشبكة، وبدء عمليات الإصلاح من قبل ورش المؤسسة، لكن حتى تاريخه، لم تُسجّل عودة فعلية لضخ المياه من الشبكة، ولم يكن من الممكن الوصول للجهات المعنية لتوضيح ظروف العمل أو معوقاته، ما زاد من الأعباء على الأهالي في المدينة والمناطق المتضررة.
الأسعار لم ترتفع رغم الحاجة
بات من النادر رؤية صهريج مياه يتنقّل بين الأحياء، لكن “سناك سوري” أوقف سائق أحد الصهاريج التابعة لجهة خدمية، وأكد السائق أن الأسعار لم تشهد ارتفاعاً رغم الحاجة.
وبحسب الأهالي، فإنّ بعض أصحاب الآبار تبرعوا بالمياه مجاناً لكل من طلب، فيما سعى آخرون للحصول على دعم من المازوت لتشغيل المضخات، وفي حال توفرت الطاقة الشمسية، فإن كلفة الضخ تكون أقل بكثير، وسط روح من التعاضد اعتاد عليها أبناء المدينة.
الهلال الأحمر شريك في مواجهة الأزمة
بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمؤسسة العامة لمياه الشرب، قام الهلال الأحمر السوري بتركيب 12 خزاناً سعة 5 متر مكعب في أحياء السويداء وصلخد، ووزّع 2000 بيدون و20 ألف عبوة مياه، ورغم استمرار الاحتياج في مناطق أخرى، إلا أن هذه الخطوة خفّفت من حدّة الأزمة في عدد من الأحياء.
ورغم أن الوصول إلى الآبار بات مجازفة كبيرة، إلا أن كثيراً من أصحاب الصهاريج خاطروا لأجل تأمين كميات من المياه، مع ذلك يبقى حجم الاحتياج أكبر بكثير من المتوفّر، بسبب الكثافة السكانية العالية الناتجة عن تدفّق مئات الأسر النازحة، ومع أن أزمة المياه في السويداء تُعدّ مزمنة، إلا أنها ازدادت تعقيداً بعد الهجوم الأخير، ولا يزال البحث عن حلّ جذري جارياً.