الرئيسية

أرمن سوريا: المحل مغلق لن ننسى شهدائنا

أرمن سوريا يحيون ذكرى الإبادة.. 104 أعوام من الذاكرة المؤلمة

سناك سوري _ محمد العمر 

تبدو المحلات المغلقة في مدينة “حلب” إشارة رمزية يتخذها السوريون من أصول أرمنية لإحياء ذكرى الإبادة الأرمنية في 24 نيسان من كل عام .

حيث يحيي أرمن سوريا ذكرى الإبادة الجماعية التي تعرضت لها عدة جماعات عرقية أبرزها الأرمن و السريان و الآشور في 24 نيسان 1915 حين بدأت القوات العثمانية حملة اعتقالات واسعة و جرائم إبادة جماعية و حملات ترحيل قسري للأرمن في الدولة العثمانية التي كانت تعيش أيامها الأخيرة .

قامت حكومة تركيا الفتاة في الدولة العثمانية بحملات ترحيل جماعي للأرمن نحو البادية السورية كانت تقوم خلال هذه الرحلات بتجويعهم و منع المياه عنهم و تعذيبهم بينما استطاع من تحمّل شقاء الرحلة تلك أن ينجو بحياته و يصل إلى “سوريا” فيما تشير التقديرات إلى موت ما بين مليون إلى مليون ونصف أرمني في تلك المرحلة بفعل جرائم الإبادة .

شكّلت “سوريا” ملاذاً آمناً للهاربين من وجه المجازر الوحشية فاستقبلت أعداداً كبيرة من الأرمن الناجين من الإبادة و توزّعوا على المدن السورية و أبرزها “حلب” التي مثّلت أول محطات الأمان للهاربين من بطش العثمانيين .

كما سكنت عائلات أرمنية في العاصمة “دمشق” و في “دير الزور” و “القامشلي” إضافة إلى وجود نسبة من الأرمن في منطقة “كسب” الحدودية مع “تركيا” و في قرية “اليعقوبية” بريف “جسر الشغور” في محافظة “إدلب” .

عاش الأرمن طوال عقود داخل المجتمع السوري كجزء أصيل منه و لم يشعروا بأنهم لاجئون أو غرباء بل كانوا سوريين في الهوية والهوى و عايشوا كل أحداث تاريخ “سوريا” المعاصر كأبناء مخلصين للبلاد .

اقرأ أيضاً :سوريا: أكثر من 200 قطعة تراثية في معرض الحفاظ على التراث الأرمني

طول السنوات الـ 104 لم يستطع محو ذاكرة الأجيال المتلاحقة من أرمن سوريا لينسوا الإبادة الجماعية التي حلّت بأجدادهم و سبّبت رحيل جزءٍ واسع من الشعب الأرمني بسبب عرقه و ديانته فقط بل استمرّ الأرمن جيلاً بعد آخر بإحياء ذكرى الإبادة و مطالبة “تركيا” بالاعتراف و الاعتذار عن تلك الإبادة الأفظع في التاريخ إلا أن الحكومات التركية المتعاقبة لم تعترف بالإبادة رغم توثيقات الأمم المتحدة و اعتراف عدد كبير من دول العالم أن العنف الممنهج الذي قامت به الدولة العثمانية عام 1915 يندرج تحت مسمى “الإبادة الجماعية” !

تأثّر السوريون الأرمن بمآسي الحرب السورية منذ ثماني سنوات و قد دفعت عدداً منهم كمعظم السوريين إلى السفر نحو الخارج إلا أن كل ويلات الحرب لم تنجح في إبعاد الوجود الأرمني عن المجتمع السوري فاستمر السوريون الأرمن بتحمّل كل ما حلّ بالبلاد و بقوا أوفياء لمدنهم و بيوتهم و أهلهم و شاركوهم في دفع فاتورة الحرب .

تعرّضت “كنيسة شهداء الأرمن” في “ديرالزور” التي تضم رفاتاً لضحايا الإبادة و المشيّدة تخليداً لذكراهم للتفجير على يد عناصر تنظيم “داعش” عام 2014 أدى إلى تهدمها بشكل شبه كامل فيما تعرّضت الأحياء السكنية التي يقطنها الأرمن في “حلب” لقصف عنيف من فصائل المعارضة أدى إلى سقوط العديد من الضحايا خلال سنوات سيطرة الفصائل على أحياء شرق “حلب” .

فيما تعرّض الأرمن في “دير الزور” و “إدلب” إلى تهجير جديد بعد أكثر من قرنٍ على التهجير لكن على يد تنظيمات متطرفة مثل “داعش” و “النصرة ” بدل حكومة الدولة العثمانية !

تحلّ ذكرى الإبادة الأرمنية هذا العام بينما تمارس السلطات التركية عدوانها على الأراضي السورية وتهدد مصير الآلاف من السوريين فيما يتخوف السوريون الكرد من إبادة جماعية جديدة تقوم بها القوات التركية ضدهم و تكرر فيها سيناريو الإبادة الأرمنية على يد العثمانيين قبل أكثر من قرن !

اقرأ أيضاً :“حلب”.. أجراس كاتدرائية “الأربعين شهيد” تُقرع من جديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى