بات “أحمد الشرع” رسمياً الرئيس المؤقت للدولة السورية، بعد أن عينته إدارة العمليات العسكرية في منصبه هذا خلال المرحلة الانتقالية، في مؤتمر “انتصار الثورة السورية” مساء أمس الأربعاء، الذي اتخذ مجموعة من القرارات المصيرية مثل إلغاء العمل بدستور 2012، وحلّ البرلمان السوري، إضافة لحلّ الفصائل تمهيداً لدمجها في الجيش السوري الجديد.
سناك سوري-دمشق
خطاب النصر الذي انتظره السوريون وأعدوا العدة لشحن موبايلاتهم ليتسنّى لهم حضوره كاملاً، أتاهم على شكل عواجل عبر تطبيق تلغرام، الأمر الذي أثار استغرابهم وانتقادات معظمهم لغياب القنوات التلفزيونية الرسمية التي ما زالت خارج البث منذ ليلة سقوط النظام 8 كانون الأول الفائت، ليتم بثه لاحقاً عبر الصفحات الرسمية.
مع ذلك تم تجاوز مسألة الخطاب المتلفز، للتساؤل عن الوضع الدستوري اليوم، واستمرار سؤال “لوين البلد رايحة”، ومتى سيعقد مؤتمر الحوار الوطني، وماذا عن الكثير من الملفات المهمة الأخرى وأبرزها العدالة الانتقالية.
ما هو الوضع الدستوري اليوم؟
في منشور عبر الفيسبوك، تحدّث المحامي “عارف الشعال” عن الوضع الدستوري حالياً في ضوء عدم وجود أي وثيقة دستورية تنظم أو تحدد سلطات رئيس الدولة المؤقت.
وقال “الشعال” بالنسبة للسلطة التنفيذية فإن “الشرع” «يتمتع بكامل الصلاحيات لممارسة وظيفته هذه عملاً بقاعدة: (المطلق يجري على إطلاقه) وبالتالي له سلطة إصدار المراسيم التنظيمية أو الفردية، وله سلطة كاملة على الجهاز التنفيذي للدولة لجهة التعيين والإقالة بدءاً من رئيس الوزراء والوزراء والسفراء، والمدراء العامون، وانتهاء بأصغر موظف في أية دائرة حكومية».
وفيما يخص السلطة التشريعية، فإن الرئيس مفوض بشكل مطلق بتعيين مجلس تشريعي بدون التقيد بعدد أعضاء أو مواصفات أو نسب تمثيل، أو غيره، مع العلم أن هذا المجلس يتولى مهمة إصدار القوانين أو إلغائها أو تعديلها، وبحسب وجهة نظر “الشعال” فإنه لا يحق للمجلس إصدار المراسيم التشريعية.
وعملاً بأحكام المادة 65 من قانون السلطة القضائية، يعتبر “الشرع” رئيساً لمجلس القضاء الأعلى ينوب عنه وزير العدل.
وفي منشور آخر قال “الشعال”، إن العين الآن على المجلس التشريعي المؤقت الذي كُلف “الشرع” بتشكيله، والذي سيقود الحياة التشريعية في الدولة، وتساءل المحامي السوري «فيما إن كان الرئيس الشرع سيصدر الإعلان الدستوري العتيد، أم سيتركه للمجلس التشريعي المنتظر؟».
كيف سيتم تشكيل الحكومة الانتقالية؟
بدوره الناشط بحقوق الإنسان، وعضو لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير المحامي “ميشال شماس”، علّق على الخطاب، وقال إن فيه نقطتان بحاجة إلى توضيح، الأولى تحديد مدة المرحلة الانتقالية، والثانية تتعلق بالمجلس التشريعي كيف سيتم تشكيله وممن وما هي مهامه. هل من ضمن مهامه مثلا مراقبة عمل الرئيس والحكومة، وكيف سيتم تشكيل الحكومة الانتقالية وممن؟
وأضاف “شماس”، أن «الأهم هو حل الفصائل، «لكن هنا نحتاج الى توضيح حول فصائل الجنوب والسويداء. وماذا عن قسد؟ أما بالنسبة لإلغاء القوانين الاستثنائية لا أعتقد هناك قوانين استثنائية. بل هناك قوانين تنتقص من حرية الانسان وحقوقه. وهناك مواد قانونية تمنع من حق التقاضي وتسمح لرئيس الحكومة بحل النقابات». مشيراً إلى أن الصورة ستتضح أكثر خلال الفترة القادمة، وفيما إذا كان سيصدر إعلان دستوري على أساسه تحدد الخطوات اللاحقة.
الخبيرة الاقتصادية “لمياء عاصي”، اعتبرت أن النقطة الإيجابية في البيان هي حل الفصائل ودمجها في الجيش السوري، بانتظار انضمام “قسد” وفصائل الجنوب، الأمر الذي يأمل السوريين منه أن يؤدي إلى استقرار البلاد.
وأشارت “عاصي” إلى أن بيان “الشرع” يخلو من الإشارة الواضحة للدستور الذي سيحكم البلاد، أو إلى العملية الانتخابية بمستوياتها المختلفة، ما يبقي الكثير من الأسئلة الجوهرية دون إجابة.
الصحفي “يعرب العيسى”، قال إن البيان ليس مفاجئاً، وهكذا يكون البيان رقم واحد في جميع الانقلابات، واستعرض تاريخ سوريا والانقلابات التي حدثت فيه ومدى التشابه فيما بينها.
وأضاف: «من المبكر علينا كسوريين أن نحلم بإنقلاب من نوع عبد الرحمن سوار الذهب، الضابط السوداني الذي قاد انقلاباً عسكرياً تام الأركان، ثم سلم الحكم لصندوق انتخابات لم يترشح إليه. ولكن من المستعجل والملح والضروري والوطني، ألا نخاف، وألا نعتبر الأفعال المبنية للمجهول من قبيل (تمت تسمية، وتكليف…) أقداراً نهائية لبلادنا. وأن ننزل منذ صباح الغد إلى الحياة وإلى العمل وإلى بعضنا، لنجعل من هذه المرحلة الانتقالية جسراً نعبر به نحو البلاد التي نريد، سواءً بأحمد الشرع أو دونه».
أما الكاتب السياسي “موفق نيروبية”، فبارك للرئيس المؤقت، وللسوريين انتهاء مرحلة الديكتاتورية، وقال: «لو استفدنا من تجربة ” انقلاب 1954″ المبارك في تاريخ سوريا، والذي أنهى الديكتاتورية وأعاد الديمقراطية بأفضل شكل ممكن، يمكن أن نطلب ونتوقّع ناظماً قانونياً بمثابة دستور مؤقت، ومؤتمر وطني يؤسس للدولة الجديدة: المدنية الحرة الديمقراطية الحديثة، ويبدأ الأمر فوراً بإطلاق الحريات الأساسية وتنظيم الحوار بأوسع شكل وأكثره شمولاً، وتحرير تشكيل الجمعيات والأحزاب ووضع برنامج ينتهي بانتخابات تشريعية متكاملة!».
واختتم اجتماع “الشرع” أمس مع معظم الفصائل العسكرية بالإعلان عن تنصيبه رئيساً مؤقتاً للدولة السورية وتوكيله بمهمة تشكيل مجلس تشريعي يضع دستوراً مؤقتاً، مع الإعلان عن حل الفصائل بما فيها “هيئة تحرير الشام” لدمجها في جيش موحّد للبلاد، كما قرر المجتمعون حلّ جميع الأجسام السياسية والثورية ودمجها في مؤسسات الدولة، وحلّ حزب “البعث” وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ومنع إعادة تشكيلها تحت أي مسمى آخر، فيما لم يتم الإعلان عن موعد للحوار الوطني أو عن الفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية، مع الإشارة إلى أن “الشرع” سيطلّ مساء اليوم بخطاب موجّه للشعب كما أعلنت “رئاسة الجمهورية” عبر وسائل التواصل.