الرئيسيةسناك ساخنشباب ومجتمع

أب يضرب ابنته في إعزاز عقاباً لها على لقاء أمها!

ألم يحن الوقت لوجود تشريعات تحمي الأطفال فعلاً؟ أم أن ذلك ترف اجتماعي؟

تصدّر خبر أب يضرب طفلته في إعزاز (خاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة تركياً) السوشيل ميديا، حيث انهال عليها بوحشية بالغة فقط لأنها زارت أمها. ولم يكتفِ الأب بفعلته، إنما وثقها بفيديو متوعداً أشقاء الطفلة وموجهاً شتائم ذكورية للأم. بينما يأتي الفيديو ليذكرنا بفئة اجتماعية هشة تحتاج الحماية، وكانت تعاني بما يكفي قبل أن تستحوذ النزاعات السياسية على الاهتمام، فكيف فيما بعدها؟

سناك سوري-هادي مياسة

وتداول ناشطون الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط ردود فعل مستنكرة للضرب الوحشي والانتهاك النفسي الكبير بحق الطفلة. التي لم تسلم من الرفس والضرب وهي مستسلمة لا حول لها ولا قوة.

المؤسف أكثر أن الـ “أب الذي يضرب طفلته في إعزاز” يعرف أنها لم تقرر ذلك اللقاء ولم تختره، رغم أنه من حقها. فلم يضربها لوماً لها بل عقاباً لأمها ولمن سمح بحدوث لقائهما. فعملية الضرب تم تصويرها من قبل والد الضحية كرسالة لأشخاص (غير محددين) سمحوا لها برؤية أمها. فبنظره هم خانوه عندما استغلوا مرونته وسماحه لهم بأخذها لتزورهم، فسمحوا باللقاء بين الأم وابنتها.

انهال أب بالضرب الوحشي على طفلته فقط لأنها التقت أمها المطلقة، متوعداً باقي أبنائه بالضرب.

فبنظره ونظر بعض الآباء المشابهين له. الأم ليست أماً بل طليقتهم، وهذه هي الصفة الوحيدة المسموح لأطفالهم بأن يصبغونها على أمهاتهم. وعليهم أن يرون كل شيء بعين آبائهم ومشاعرهم.

الحادثة رغم ألمها، تجبرنا على تجاوزها والتفكير بأطفال آخرين -على مختلف مناطق الجغرافية السورية- لا نعلم عن معاناتهم شيئاً، ويحتاجون أصواتاً تدعو المشرعين إلى حمايتهم. فصحيح أن الشرطة العسكرية في إعزاز (وفق روايات بعض صفحات التواصل الاجتماعي) اعتقلت والد الطفلة، ولكن ما هي العقوبة الرادعة التي ستمنعه وتمنع غيره من تكرار مثل هذا الجرم؟. كما يجب أن نتساءل إن كان ذلك الاعتقال سيحدث لو أنه لم يصور جريمته وينشرها.

وصحيح أن قانون حقوق الطفل الذي صدر قبل ثلاث سنوات، كان قد أكد في مادته 12 على حماية الدولة للطفل من الإهمال الأسري. وفي مادته 14 كفل حق الطفل بالحماية من كل أشكال التعنيف. كما أكد في المادة 16 أن الدولة تكفل حماية الطفولة والأمومة. ولكن كل ذلك يحتاج قوانين أخرى لتطبيقه، وتلك القوانين لم تصدر بعد.

فكثيرة هي قصص التعنيف التي انتهت بموت الطفل أو تعرضه لأذى لا يمكن شفاؤه. كما حدث مع الطفل “عبد الحكيم خليفة” 5 أعوام. الذي توفي بعد كيّ جسده بالنار من قبل زوج والدته في عفرين عام 2021.

وكثيرة هي أساليب التربية الخاطئة التي تتراوح بين الضرب وأمور أخرى من بينها الطرد خارج المنزل بلا مأوى. وكل ذلك يحيلنا إلى ضرورة أن يشمل القانون مثل هذه القضايا ويحمي ضحاياها بصفتهم مواطنين لا أبناء يحق لذويهم تأدييهم ولو بالضرب. فوفق المادة 185 من قانون العقوبات، يجوز ضرب التأديب للأولاد.

ما هي العقوبة الرادعة التي ستمنع هذا الأب وتمنع غيره من تكرار مثل هذا الجرم؟ كما يجب أن نتساءل إن كان ذلك الاعتقال سيحدث لو أنه لم يصور جريمته وينشرها.

القانون السوري لا يُجرم العنف الأسري

فالقانون السوري لا يجرم العنف الأسري إلا إذا تسبب بأذية كبيرة تحيل الأمر إلى قانون العقوبات، وبشرط الادعاء الشخصي من المعتدى عليه. وذلك وفق تصريح المحامي “حسام شيحا” لـ”سناك سوري” سابقاً. والذي أوضح أيضاً أنه في حال وجود صلة قرابة من الدرجة الأولى بين المعتدي والمعتدى عليه، فإن الصلح كفيل بإسقاط الحق الشخصي والحق العام أيضاً. وأكد “شيحا” ضرورة وجود قانون خاص بالعنف الأسري، وأن ينص على حق الادعاء لكل شخص يشهد حالة تعنيف أسري.

فتعنيف الأطفال خطأ وأمر غير صحي على الإطلاق، حتى ولو كان ذلك في سبيل تربيتهم ومحاولة تقويم سلوك خاطئ لهم، ولذلك تبعات سلبية على صحتهم النفسية وسلوكهم. وذلك خلاصة حديث سابق لاستشاري الأمراض النفسية والعصبية “مازن غالية” مع سناك سوري.

كما أن حوادث العنف الأسري بشكل عام، تستدعي توعية المجتمع وتكافله. عبر الإبلاغ عن كل اشتباه بحالات عنف أسري، وقد سبق أن دعا إلى ذلك العقيد المتخصص بحقوق الإنسان والقانون الدولي في وزارة الداخلية “ياسر كلزي” حين أشار إلى ضرورة حماية القانون للمبلّغ عن جريمة أو حادثة عنف أسري والحفاظ على سريته. وعموماً، لا يمكن الاعتماد دائماً على توثيق الجاني لجريمته، أو تجرؤ الضحية الضعيفة إلى حد الشكوى الرسمية.

حوادث العنف الأسري بشكل عام، تستدعي توعية المجتمع وتكافله. عبر الإبلاغ عن كل اشتباه بحالات عنف أسري

وبذلك يكون من الضروري وجود جهات رسمية معنية بمشكلات الأسرة وحماية الأطفال من الأهالي المعنفين أو المستغلين أو عديمي الكفاءة التربوية. وهذه مطالبات قديمة للعديد من الناشطين، كما أن العقيد “ياسر كلزي” كان قد أعلن (قبل سنتين) عن وجود لجنة تعمل على إعداد قانون للحماية من العنف الأسري يتضمن وحدات شرطية متخصصة بهذه القضايا.

فمثل هذه الحالات، تؤذي السامع، فكيف بالطفل العاجز عن رد الأذى؟ وبمثل هذه الظروف الأسرية القاتمة، قد يخرج الطفل متأزماً في نفسه عاجزاً عن الخوض في الحياة ليبني مستقبله، أو قد يخرج ظالماً قاسياً يؤذي مجتمعه بلا وعي ولا رادع. وبذلك لا تكون حمايته عملاً إنسانياً فحسب، بل وقاية لنا ولأجيالنا القادمة من تبعات سلبية لا حاجة لنا بها.

زر الذهاب إلى الأعلى