أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

هيبة الدولة .. مزاجية التفسير تحرّم حق النقد والتعبير

إذا خاف المواطن التعبير عن رأيه .. يُخالف الدستور

إذا خاف المواطن وهو في معرض التعبير عن رأيه وتراجَع فقد خولِف الدستور في مبدأين. الأول حين كفل الحريات ومن بينها حرية التعبير. والثاني حين أكد على المحافظة على كرامة المواطن وأمنه. إذ لا كرامة بلا أمان ولا أمان مع الخوف والأمر نفسه ينطبق إذا عبر عن رأيه وحوسب.

سناك سوري _ هادي مياسة

وعند الحديث عن هيبة الدولة، وبما أنّ مفهوم الهيبة معروف المعنى بديهياً. وجب التنويه إلى عناصر الدولة، فهي: الشعب، والأرض، والسلطة. وحبذا لو يُحفظ الترتيب.

 هيبة الدولة في قانون العقوبات

في القانون السوري سعيٌ للحفاظ على هيبة الدولة. فالنيل من هيبتها أمر يعاقَب عليه. فعنوان المواد من 285 إلى 288 في قانون العقوبات هو “النيل من هيبة الدولة والمساس بالهوية الوطنية أو القومية”. وقد اشتقت منها المادتين 28 و29 في قانون الجرائم الالكترونية.

وقد أخذ كثيرون على نص تلك القوانين بأنه فضفاض وحمّال أوجه بحيث من الصعب تحديد الكلام الذي يجب تجنّبه لأنه يمس بهيبة الدولة. مما يفتح الباب أمام مزاجية التفسير. بينما عزز تطبيقها وجهات النظر السلبية تجاهها، فانكفأ الكثيرون عن ممارسة حق النقد والتعبير عن آرائهم بما يخص الشأن العام. حتى أنّ ذلك وصل إلى الصحفيين والإعلاميين بفعل قانون الجريمة الالكترونية الذي اخترق حصانتهم الإعلامية.

ويأتي إنجاز هذا الدستور تتويجاً لنضال الشعب على طريق الحرية والديمقراطية وتجسيداً حقيقياً للمكتسبات واستجابة للتحولات والمتغيرات، ودليلاً يُنظم مسيرة الدولة نحو المستقبل الدستور السوري

 

ولكن أهم ما يلفت النظر، أنّ نص تلك القوانين حصر الجرم المرتكب في هذا الإطار بالقول والكلام وأغفل الأفعال. وأنّ تطبيقها يكاد يحصر مرتكب الجرم بمن هم خارج السلطة. بل إنه يكاد يحصر الجرم بانتقاد وتناول سياسات السلطة وأفعال رجالها وبالتنبؤ حول وقائع ونتائج تلك السياسات والأفعال. وهذا لب القضية في وجه الرؤية القانونية لهيبة الدولة، وبذلك صار من الضروري الرجوع إلى الدستور للتبيُّن.

 هيبة الدولة بالاحتكام إلى الدستور

يرد في المادة 151 من الدستور السوري: تعد مقدمة هذا الدستور جزءاً لا يتجزأ منه.ويرد في المقطع الأخير من مقدمة الدستور حرفياً: «ويأتي إنجاز هذا الدستور تتويجاً لنضال الشعب على طريق الحرية والديمقراطية. وتجسيداً حقيقياً للمكتسبات واستجابة للتحولات والمتغيرات، ودليلاً يُنظم مسيرة الدولة نحو المستقبل. وضابطاً لحركة مؤسساتها ومَصدراً لتشريعاتها. وذلك من خلال منظومة من المبادئ الأساسية تُكرس الاستقلال والسيادة. وحكم الشعب القائم على الانتخاب والتعددية السياسية والحزبية وحماية الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي والحريات العامة وحقوق الإنسان. والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والمواطنة وسيادة القانون. يكون فيها المجتمع والمواطن هدفاً وغاية يُكرَّس من أجلهما كل جهد وطني، ويُعد الحفاظ على كرامتهما مؤشراً لحضارة الوطن وهيبة الدولة».

فإنّ حقيقة الخبر ستظل معلقةً، وستكون أقرب إلى الكذب لأنّ البينة على من ادعى في الوقت الذي تقبع فيه هذه البينة ضمن أدراج السلطة المدعى عليها بالقول سناك سوري

ووفق معنى الجملة الأخيرة ضمن سياقها العام، فإن الدستور ربط مفهوم هيبة الدولة بالمواطن وكرامة المواطن. ولم يربطه بالسلطات ولا بأفراد السلطات ولا بمؤسسات السلطات ولا بسياسات السلطات.

أي أنّ قوانين هيبة الدولة، نصاً وتطبيقاً، عكست الأمور، فجعلت النيل من هيبة الدولة في ممارسة المواطن لحريته بالتعبير عن انتقاده لسياسات السلطات والأوضاع التي أنتجتها هذه السياسات. وبالتنبؤات والتخمينات التي راودته حول نتائجها المستقبلية أو وقائعها الحالية. في حين أنّ الدستور كان واضحاً بأنّ النيل من هيبة الدولة يكمن بالنيل من كرامة المواطن. أي بتقييد الحريات، وتقويض العدالة والمساواة والحقوق الأساسية، وبالحط من مستوى المعيشة والخدمات إلى ما لا يناسب كرامة الإنسان. وكل هذا كثيراً ما يكون نتيجة سياسات السلطات أو على الأقل قصورها وفشلها بحماية المواطن من ذلك.

 الأبعاد الدستورية لكرامة المجتمع والمواطن

وبدراسة المبدأ الدستوري الوارد في مقدمته يعد الحفاظ على كرامتهما (يُقصد كرامة المواطن والمجتمع) مؤشراً على حضارة الوطن وهيبة الدولة.

يتضح أن الدستور قد حدد بُعدين للحفاظ على كرامة المواطن، خارجي وداخلي. فالبعد الخارجي هو حضارة الوطن، أي عند الحفاظ على كرامة المواطنين بمنحهم حرياتهم وحقوقهم يخرج الوطن بصورة الوطن الحضاري. والداخلي، هو هيبة الدولة، أي أنّه لا يمكن لمواطن أن يعتدي على كرامة مواطن آخر بسلبه حقاً أو حريةً سناك سوري

فعند فهمه وتحليله يتضح أن الدستور قد حدد بُعدين للحفاظ على كرامة المواطن، خارجي وداخلي. فالبعد الخارجي هو حضارة الوطن، أي عند الحفاظ على كرامة المواطنين بمنحهم حرياتهم وحقوقهم يخرج الوطن بصورة الوطن الحضاري. والداخلي، هو هيبة الدولة، أي أنّه لا يمكن لمواطن أن يعتدي على كرامة مواطن آخر بسلبه حقاً أو حريةً، أيا كانت صفة كل من هذين المواطنين، إلا إذا كان المعتدي غير آبه بهيبة الدولة (الشعب والأرض والسلطة) ولم يرتدع بها.

وبالعودة إلى قوانين هيبة الدولة، فما ذُكِر في فقرة سابقة عن أنّ تطبيق هذه القوانين يكاد يحصر من ينال من هيبة الدولة بمن هم خارج السلطة ويحصر النيل منها بتناول سياسات السلطة ورجالها بالكلام والنقد. يمكن أن يعد إذاعةً لخبر كاذب بهدف النيل من هيبة الدولة ووهن عزيمة الأمة. وعندها أيُّ قدر من الأمثلة عن توقيف واستدعاء أشخاص ينطبقون وأقوالهم التي تسببت بتوقيفهم مع ما ذُكِر سابقاً، قد لا يكون كافياً لنفي ودحض الاتهام.

فلا معيار أو أسلوب يضمن تأكيد صحة أي خبر صادر عن شخص من خارج السلطة. خصوصاً وأنّ مستوى الشفافية الحكومية يُغرِق الوقائع بالمجهول. وعندها فإنّ حقيقة الخبر ستظل معلقةً، وستكون أقرب إلى التشكيك لأنّ البينة على من ادعى. في الوقت الذي تقبع فيه هذه البينة ضمن أدراج السلطة المدعى عليها بالقول.

زمالة سناك سوري 2024

إشراف: محمد العمر

زر الذهاب إلى الأعلى