“هفرين خلف”.. الرحلة من “المالكية” إلى “سوريا المستقبل”
العدوان التركي أنهى حياة “خلف” قبيل عيد ميلادها الـ36
سناك سوري _ محمد العمر
«كانوا يستطيعون قتلها برصاصة أو اثنتين، لكنهم شوّهوا جسدها» بهذه الكلمات وصفت “سعاد محمد” الطريقة الوحشية التي قتلت فيها ابنتها “هفرين خلف” الأمينة العامة لحزب “سوريا المستقبل”.
حيث تحدّثت في مقابلة مع موقع “نورث برس” المحلي عن تفاصيل اللحظات الأخيرة لحياة ابنتها التي اتصلت فيها عند السابعة صباح يوم رحيلها أثناء توجهها بسيارتها نحو “القامشلي”، إلا أن تلك المكالمة لم تكن هادئة لتتمكن الأم من وداع ابنتها إلى الأبد، لكنها كانت كافية لتعرف أن ابنتها وقعت بيد الطرف الآخر.
بعدها بساعات نعى حزب “سوريا المستقبل” أمينته العامة “هفرين خلف” التي رحلت عن 36 عاماً صباح السبت 12 تشرين الأول 2019، وذكرت النعوة الحزبية أن “خلف” رحلت أثناء تأديتها عملها الحزبي والوطني.
بتلك الكلمات اختتمت رحلة حياة ابنة “المالكية” (190 كم شمال شرق الحسكة)، ولم تتمكن من الاحتفال بعيد ميلادها السادس والثلاثين في 15 تشرين الثاني، ودفعت حياتها ثمناً لانتمائها ونشاطها السياسي، وعادت مضرّجة بدمائها إلى مسقط رأسها في “المالكية” لتدفن في مقبرة “خبات” بعد أن ضجّت البلاد بنبأ اغتيالها.
بدأت رحلة “هفرين خلف” من “المالكية”، فبينما توفي والدها “حاجي” في سنوات طفولتها، أكملت “خلف” دراستها حتى نالت الشهادة الثانوية من مدارس “المالكية”، لتنتقل بعدها إلى “حلب” حيث درست الهندسة المدنية والأدب الإنكليزي وتخرّجت من جامعة حلب بحلول العام 2009.
عادت إلى “المالكية” مهندسة شابة لديها الكثير من الأحلام والطموحات مثل أي شابة أو شاب في عمرها، إلا أن العام 2011 حمل معه تغييراً في حياة جميع السوريين، فمع بداية الأزمة السورية توجّهت “خلف” للعمل في أنشطة المؤسسات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني التي بدأت بالانتشار في مناطق الشمال الشرقي.
اقرأ أيضاً:امرأة سورية توحد “اللوحة الفسيفسائة” بخيط وإبرة
خاضت “خلف” في ميدان العمل السياسي وانضمت إلى مؤسسات الإدارة الذاتية، ووصلت عام 2015 إلى منصب رئيسة هيئة الاقتصاد التابعة للإدارة الذاتية، لكن النقلة النوعية في عملها السياسي جاءت في 27 آذار 2018 حينما شاركت في تأسيس حزب “سوريا المستقبل” من مدينة “الرقة” وتم انتخابها لمنصب الأمانة العامة للحزب منذ تأسيسه حتى رحيلها.
تقول “خلف” في مقابلة أجرتها مع صحيفة “الاتحاد الديمقراطي” بعد تأسيس الحزب، إن الهدف من تأسيس “سوريا المستقبل” إيجاد حزب جامع لكل السوريين بمختلف مكوناتهم يعمل على إيصال سفينة “سوريا” إلى بر الأمان للخروج من الفوضى ورسم سوريا المستقبل.
دعت “خلف” عبر حزبها إلى حوار سوري سوري بدلاً من لغة السلاح وشاركت مع رئيس الحزب “إبراهيم القفطان” في حزيران 2019 في زيارة “دمشق” وفتح باب الحوار مع الحكومة السورية.
في 9 تشرين الأول أعلنت “تركيا” بداية عدوانها على مناطق شمال شرق “سوريا”، وكانت تلك بداية المأساة لأهالي المنطقة وضمنهم “خلف” التي توجّهت صباح السبت 12 تشرين الأول نحو “القامشلي” برفقة عضو من حزبها يدعى “فرهاد رمضان” وسائق السيارة.
بعد الاتصال المشوّش بوالدتها وصلت الأنباء المؤكدة عن رحيلها ليصل جثمانها بعد الاتصال بساعات إلى مدينة “الحسكة”، وفيما تضاربت الأنباء حول طريقة استهدافها فيما إذا كانت سيارتها قد تعرّضت لقصف مدفعي أو لعملية اغتيال ميداني فإن مقطعاً مصوراً تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي ظهرت فيه سيارتها بعد أن تعرضت لوابل من الرصاص بينما تجمّع حولها عناصر من فصيل “أحرار الشرقية” المدعوم تركياً والمشاركين بالعدوان.
وعلى الرغم من إنكار الفصائل تورطهم بالاغتيال فقد ظهرت صورة أخرى لقائد الفصيل “حاتم أبو شقرا” مع رفيقَي “خلف” قبل إعدامهم لتتثبت الأدلة أكثر حول تورّط الفصيل المدعوم تركياً بقتل “خلف” ورفاقها بدمٍ بارد بعد إلقاء القبض عليهم على الرغم من أنهم ليسوا مقاتلين ولا يحملون السلاح.
اقرأ أيضاً:“غادة مراد” أول قاضية في “سوريا” و أول عربية تصبح نائباً عاماً للدولة !