من وجع الدم إلى وعد العدالة: شابات وشبان سوريون يحيون السلم الأهلي بقلوب تنزف حباً
ناشطون من مختلف المحافظات يضمدون جراح أهالي الضحايا بالساحل وإدلب: لا مصالحة بلا عدالة، ولا عدالة بلا حقيقة

نظّم ناشطون وناشطات في المجتمع المدني حملة عبارة عن زيارة عزاء لأهالي الضحايا في محافظات طرطوس واللاذقية وإدلب، في خطوة مهمة تعكس مدى أهمية تعزيز السلم الأهلي في مواجهة خطاب الكراهية والتخوين والفتنة.
سناك سوري-دمشق
شبكة وصل نظمت الحملة بالشراكة مع حملة الشعب السوري واحد، وبسمة وزيتونة سوريا – Basmeh & Zeitooneh SY، وMIDMAR Organization، وفريق حوران – Horan Team، ورابطة معتقلين الثورة السورية.
وبحسب ماجاء في الصفحة الرسمية بالفيسبوك لشبكة وصل، شارك في الزيارة فريق من الناشطات والناشطين القادمين من مختلف المحافظات السورية، بما عكس تنوع المجتمع السوري وغناه، ووُزّعت مساعدات نقدية للعائلات، لكنها لم تكن مجرد دعم مادي، بل حمل الفريق معهم رسائل محبة ومواساة تؤكد أن الدم السوري واحد، وأن قدسيته فوق كل اعتبار.
رسائل من القلب: وحدة الألم ووحدة المصير
وفي فيديو نشرته الصفحة، يظهر ناشط من الحملة بينما يقدم واجب العزاء لأسرة في الساحل السوري، توجه بكلمات مؤثرة وقال: «من كل المحافظات جايين نعزي حالنا قبل ما نعزيكن. كل شخص فقدناه هو فقدان لنا كلنا. هذا مو مجرد حكي. إذا قصرنا فنحن آسفين».
وأضاف أنهم كناشطين ثائرين ضد نظام الأسد رفعوا شعارهم منذ عام 2011، “الشعب السوري واحد”، وقال إن هذه ليست مجرد كلمات بل شعارهم الحقيقي، مؤكداً أن الحقوق لا تضيع والحق بالقانون العادل والمحاسبة لكل السوريين أينما وجدوا.
كما نشرت الصفحة مقطع فيديو آخر يظهر تقديم واجب العزاء لأهالي الضحايا في إدلب، وقالت ناشطة عرّفت عن نفسها بأنها من مصياف: «جايين نعزيكن ونعزي حالنا. الدم السوري واحد، زعلنا ما بيخف، بل بيكبر معكن».
وأضافت أنها وصلت إدلب بعد أن لفّت قرى الساحل وأخبرت ذوي الضحايا بأن أهالي الساحل يرسلون إليهم رسائل حب ومواساة، وقالت: «كتير بيعنينا نشتغل مع بعض على العدالة ونحصّل حق أولادنا».
المجتمع المدني: حجر الأساس للسلم الأهلي والعدالة
وتؤكد هذه المبادرة الدور الحيوي الذي يؤديه المجتمع المدني في دعم روابط السلم الأهلي وجبر الضرر وتخفيف الألم المجتمعي، فبينما يطالب السوريون بحقهم المشروع في العدالة، يبنون بهدوء أسس مجتمع متماسك، يتجاوز الطائفية والفرقة، ويتجه نحو مستقبل قوامه المواطنة والكرامة الإنسانية.
ففي بلد عانى طويلاً من الحرب والانقسامات كما هو حال سوريا، تبدو الحاجة لتعزيز السلم الأهلي والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، أما المصالحة، فهي ليست تنازلاً عن الحقوق، بل استرداد للكرامة، وتحقيق للعيش المشترك على أساس العدالة والمساواة.
يذكر أن هذه المبادرة تأتي عقب مجازر مروعة شهدها الساحل السوري ليلة 7 آذار الفائت، ففي 6 آذار، أعلنت الحكومة السورية عن تحركات لفلول النظام في الساحل استهدفت مقرات أمنية، وأسفرت عن ضحايا في صفوف الأمن العام، دون إعلان حصيلة رسمية حتى اليوم.
لاحقاً، أطلقت وزارة الدفاع حملة عسكرية رافقتها دعوات للجهاد، وانتشرت أرتال عسكرية نحو الساحل، وفي 7 آذار، وصلت التعزيزات وارتُكبت مجازر بحق المدنيين، شملت قتل عائلات وحرق ممتلكاتهم، مما أجبر العديد من سكان أحياء القصور والعسالية والمختارية وصنوبر جبلة على النزوح.