مغلي البهارات بديل المازوت لبث الدفء في الشتاء
البعض استغنى عن المكسرات وآخرون خفضوا الكمية.. إبريق البهار لا يغيب عن سهرات الشتاء

يتفق أهالي مدينة “السويداء” على شراء عدة أنواع من البهارات لصنع مشروب شهير في المدينة، يحمل اسم المغلي أو البهار، الذي يرافق موسم الشتاء كمشروب يتقدم على المتة أو الشاي تبعاً لمفعوله الجميل لجلب الدفء إلى العروق.
سناك سوري – رهان حبيب
عيدان القرفة والخولجان والزنجبيل وحبات اليانسون وأنواع لها نكهات مميزة تشكل التتبيلة المطلوبة، لإبريق ساخن يحتل مكانه فوق المدفأة مع انخفاض درجات الحرارة، ليكون فنجان البهار الساخن بعد وجبة الغداء والعشاء وفي ليالي كانون وشباط وحتى نيسان حيث تتمون الأسر منها بكميات تكفي لهذا المشروب اليومي.

تقول “نهى أبو زهرة” 55 عاماً من “بلدة القريا” ربة منزل، في حديثها مع سناك سوري أن «المغلي مشروب أساسي وضيافة للزوار عند ولادة مولود جديد حيث يقدم مع الجوز أو اللوز ليضاف كمية منه فوق فناجين مخصصة لهذا المشروب بوصفة تقليدية محددة تكون القرفة الكمية الأكبر منها».
وتضيف: «يتعارف العطارون على خلطة البهارات التي تتكون من عيدان القرفة، وحبات الزنجبيل الجاف والخولجان واليانسون، وهي جذور مطيبة للنكهة، والقرنفل وأيضاً جوزة الطيب وقد تعودنا هرس كل هذه المكونات بواسطة جرن نحاسي مخصص لهذه الغاية وخلطها معاً، وفي الغالب تقوم الجدات بهذه المهمة لتنتشر رائحة المغلي والتوابل المميزة في منزل الولادة».
اقرأ أيضاً: بالغرامات.. طريقة تسوق جديدة يتلاعب بها السوريين على الغلاء
تؤكد “أبو زهرة” أن العائلات التي تنتظر مولود كانت تتمون بكمية تصل إلى 2 كيلو من تشكيلة البهارات هذه، لتضمن كفاية فترة الزيارات، وماتبقى تشربه العائلة وقد تحتفظ به من عام إلى آخر وحتى بدون الولادة فهو متوفر في كل منزل، لافتة إلى أن العائلات تشرب البهار واستغنت عن الجوز الذي كان يضاف إليه، بفعل الغلاء وبقي الحصول على المشروب الدافئ غاية أساسية.

“سامر خير” 40 عاماً بائع البهارات يخبرنا أن النساء والرجال في المتاجر لايحتاجون إلا لطلب عدة البهار وتجد العطارين جاهزين بمعرفة الكمية المطلوبة للخلطة، كأن تشتري أوقية من الزنجبيل ومثلها من الخولجان والقرفة، وباقي الأنواع كميات بسيطة وفق النسب كي لاتطغى نكهة على أخرى كون البهار له طعم ولون يستسيغه الجميع ولايمكن أن يتغير.

وفق “خير” ورغم ارتفاع الأسعار فالأهالي يتزودون من البهار بشكل دائم لكن اختلفت الكميات تبعاً للغلاء فقد وصل سعر أوقية القرفة إلى 4 آلاف ليرة والزنجبيل والخولجان الوقية الواحدة 6 آلاف ليرة، وحبات اليانسون التي تضيف النكهة الرائعة وصل ثمن أوقيتها أربعة آلاف وباقي المطيبات ارتفعت بذات النسب.
ويضيف:«في الغالب تتسوق النساء هذه البهارات أكثر من الرجال كون النساء أكثر خبرة في إعداد هذا المشروب لتجد السيدة تشتري اليوم بألفي ليرة من الأنواع الأساسية وباقي التتبيلة لتشتري وفق إمكانيتها ومايكفي لتزويد إبريق البهار الذي ستشرب منه كل العائلة وأن أشخاص يشترون كمية بسيطة جداً المهم أن يكون البهار موجوداً في المنزل هذا الموسم، لكن أيضا دون المكسرات بعد أن تجاوز سعر الكيلو من الجوز 33 ألف ليرة واللوز الذي يمكن أن يكون بديلاً جيداً 25 ألف ليرة ونسبة من الأهالي تتزود منه من أشجار بساتينها وأيضاً قد يكون الفستق العبيد مناسباً لإضافة النكهة وأيضاً ارتفع سعر الكيلو إلى عشرة آلاف ليرة».
ربما تكون تكلفة مشروب المغلي مرتفعة الثمن، إلا أنه يعتبر خياراً جيداً لبث الدفء في الجسد، وبكل الأحوال يبقى أقل كلفة من المازوت.
اقرأ أيضاً: سوريون يأكلون من الطبيعة: الغلاء حرمنا وجبات كثيرة