مازن درويش: المحاسبة يجب أن تشمل كل الأطراف ونتابع الجرائم بعد سقوط النظام
درويش لـ سناك سوري: الفترة الانتقالية ستطول .. والتنسيق مع المحاكم الدولية ضروري
قال الناشط الحقوقي “مازن درويش” أن العدالة الانتقالية عملية تهدف إلى معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال مزيج من التحقيقات، الاعتراف، التعويضات، والإصلاحات القانونية.
سناك سوري – دمشق
وخلال حديثه لـ سناك سوري عبر برنامج “حوارات انتقالية” الذي يعدّه ويقدّمه “بلال سليطين” كشف “درويش” عن أن جهود العدالة الانتقالية في “سوريا” بدأت منذ عام 2008، لكن الصراع المستمر منذ عام 2011 أضاف أبعادًا معقدة لهذه العملية.
يؤكد مازن درويش على ضرورة محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، ويشدد على أن العدالة الانتقالية يجب أن تكون شاملة. ولا ينبغي أن تقتصر محاسبة الفاعلين على النظام السوري وحده، بل يجب أن تشمل جميع الأطراف المتورطة في الانتهاكات، بما في ذلك التنظيمات والفصائل السورية والمحلية والأطراف الإقليمية والدولية المتورطة في الصراع.
الناشط الحقوقي قال أن العدالة ليست أداة للانتقام، بل وسيلة لوقف دائرة العنف المستقبلي. وهذا يسلط الضوء على ضرورة أن تكون العدالة متوازنة، بعيدًا عن الانتقام أو الانتقائية التي قد تساهم في تعميق الانقسام الاجتماعي والانتقام المتبادل.
العدالة الانتقالية أم الانتقامية؟
خلال الحوار، يفرق مازن درويش بين العدالة الانتقالية والعدالة الانتقامية. فالعدالة الانتقالية آلية قانونية ومجتمعية تهدف إلى معالجة الظلم وتحقيق المصالحة بين أطياف المجتمع، بينما العدالة الانتقامية قد تستخدم كأداة للانتقام العاطفي، مما قد يؤدي إلى إعادة إنتاج دوامة العنف والانتقام في المستقبل. ويؤكد درويش على أن العدالة يجب أن تضمن توازنًا بين الحقوق الفردية والعدالة الجماعية، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية لسوريا.
ما بعد سقوط النظام: التحديات والفرص
يتحدث درويش عن التفاؤل الذي يشهده المجتمع السوري بعد سقوط النظام، على الرغم من الأوضاع الصعبة. ويرى أن هناك نوع من الوعي المجتمعي بدأ يظهر، مما يشكل نقطة انطلاق نحو بناء سوريا جديدة. ومع ذلك، يحذر من أن المرحلة القادمة ستكون طويلة ومعقدة، حيث يتطلب الأمر إصلاحات شاملة في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والأمنية، فضلاً عن معالجة القضايا المتعلقة بالعدالة للضحايا والمفقودين.
ويشدد درويش على أهمية الحوار المجتمعي في هذه المرحلة، إذ يجب أن يكون النقاش حول العدالة الانتقالية ومناهج تطبيقها جزءًا من عملية التحول السياسي في سوريا. ويؤكد أن العدالة الانتقالية ليست مفهومًا مستوردًا من الخارج، بل يجب أن تتناسب مع الواقع السوري الخاص.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية: محركات التغيير في سوريا
يشير الحقوقي المعارض إلى أن نظام الأسد استخدم خلال سنواته الاقتصاد كأداة لتفتيت المجتمع السوري وزرع التفرقة بين شرائحه الاجتماعية، مما دفع العديد من الناس إلى الانخراط في العمل العسكري. ويعتبر هذا التحدي من أكبر العوائق التي تواجه بناء سوريا المستقبل، حيث يحتاج البلد إلى آليات تنموية تحقق العدالة الاجتماعية وتعمل على معالجة التباينات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب الصراع.
دور المؤسسات الحقوقية: دعم العدالة الانتقالية
يؤكد مازن درويش على أهمية دور المؤسسات الحقوقية في دعم العدالة الانتقالية وتوثيق الانتهاكات. ورغم أهمية هذه المؤسسات، إلا أنه يرى أن المسؤولية الأساسية عن تطبيق العدالة الجنائية يجب أن تقع على عاتق السلطات السورية المستقبلية، التي يجب أن تكون قادرة على محاكمة الجناة بكل حيادية، مع تقديم الدعم من المنظمات الدولية.
المستقبل السياسي في سوريا: التحديات والأمل
فيما يتعلق بالمسار السياسي في سوريا، يعبّر “درويش” عن أمله في أن يساهم الوعي السياسي الجديد في المجتمع المدني السوري في تحسين الوضع الحالي. ولكنه يحذر من الانتقائية في محاكمة الجناة، مؤكدًا أن المجتمع المدني السوري يجب أن يلعب دورًا محوريًا في الضغط على السلطات الجديدة لضرورة الالتزام بالعدالة الشاملة والشفافة، والعمل على إيقاف دوامة العنف وإعادة بناء سوريا على أسس من المصالحة والمساواة.
واختتم “مازن درويش” حديثه برؤية لمستقبل سوريا، حيث يشير إلى أن الفترة الانتقالية ستكون طويلة ومعقدة وتحتاج إلى جهود مشتركة بين مختلف فئات المجتمع السوري. كما أن التنسيق مع المحاكم الدولية سيكون ضروريًا لتحقيق العدالة والمصالحة. وبينما لا يتوقع أن تكون الأمور سهلة أو سريعة، إلا أن درويش يرى أن بداية محاسبة الجناة وبناء سوريا الجديدة على أسس من العدالة المتوازنة والمجتمعية هي خطوة هامة نحو تحقيق السلام والاستقرار المستدام في البلاد.